الاخبار

تحت الركام.. فلسطينيون يحاولون بناء حياتهم وسط الدمار في غزة

الكثير من سكان قطاع غزة لجأوا إلى العيش داخل منازلهم المدمرة لعدم وجود أي خيار آخر لهم

في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، هناك منزل يحمل قصة من صلب واقع هذه المدينة المنكوبة تعكس إصرار سكانها على الحياة رغم الدمار وما تركته الحرب الإسرائيلية، وهي قصة الفلسطيني أحمد جندية الذي قرر أن يعيد بناء جزء من منزله المدمر ليبدأ حياة جديدة بين أنقاض ما تبقى.

قبل الحرب، كان جندية يعيش حياة هادئة مع زوجته وطفليه في منزل صغير يتكون من ثلاث غرف يسود فيها دفء الأسرة الذي يجعل من كل زاوية فيه مكاناً للحياة والراحة، ولكن تحولت حياتهم إلى جحيم مع بدء العدوان الإسرائيلي، ونزوحهم مجبرين إلى جنوب قطاع غزة.

وخلال أيام الحرب الطويلة، تعرض منزل جندية للقصف من طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وانهارت أجزاء كبيرة منه، وأصبح آيلاً للسقوط وغير صالح للسكن بسبب المخاطر.

وعند عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة في 19 يناير الماضي، عاد جندية وعائلته إلى منزله، ووجده غير صالح للسكن بفعل القصف الإسرائيلي.

ولم يكن هناك أي خيار أمام جندية إلا إعادة ترميم غرفة وحمام داخل منزله، والعودة للسكن فيه، لعدم توفر أي خيار آخر لهم، خاصة مع عدم وجود منازل للإيجار أو وجود مخيمات للإيواء في مدينة غزة.

أصبح جندية أمام واقع قاسي، وقرر مواجهة التحدي في إعادة الحياة لأجزاء من منزله رغم الخطر الشديد الذي يهدده مع عائلته، وخطر انهيار ما تبقى من جدران عليهم.

وبدأ جندية بجمع بعض المواد من الركام، والطوب والحجارة من باقي منزله الذي تعرض للقصف، وتوجه إلى أقرب مكان يمكنه العثور فيه على أدوات بسيطة للبناء، التي ارتفعت أسعارها إلى عشرة أضعاف.

وكانت هناك تحديات كبيرة أمام جندية، فالمواد الأساسية كانت شحيحة، والمعدات تكاد تكون معدومة، لكن جندية لم يتوقف، وكان يحمل بين يديه أملاً صغيراً، حتى في ظل الأوقات الصعبة.

مخاطر الانهيار 

وصارت محاولات جندية في إعادة ترميم الغرفة والحمام في منزله تمر ببطء، لعدم توفر الإسمنت أو مواد البناء الأخرى، خاصة السطح، فلجأ إلى استخدام الشادر المصنوع من البلاستيك لتغطية الغرفة، وهو ما نجح به.

وجندية واحداً من آلاف سكان قطاع غزة الذين اضطروا إلى العيش داخل منازلهم المدمرة رغم خطورتها عليهم، وإمكانية انهيارها في أي وقت.

في وقت متأخر من ليلة أمس، أعلنت الجبهة الداخلية في قطاع غزة، أن طواقم الدفاع المدني قامت بإخلاء سكان أبراج 8، 10، و11 في منطقة الكرامة شمال مدينة غزة، وذلك عقب انهيار جزئي في برج 9، الذي كان غير مأهول بالسكان، دون تسجيل أي إصابات .

وأوضحت الجبهة الداخلية في تصريح لها وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه، الأربعاء 26 فبراير الجاري، أنها أخطرت سكان الأبراج المخلاة بضرورة عدم العودة أو الاقتراب منها، نظراً للأضرار البالغة التي تعرضت لها خلال العدوان الإسرائيلي، مما جعلها غير صالحة للسكن.

ودعت النازحين الذين يقطنون في خيام بجوار الأبراج إلى إخلاء المنطقة فوراً، نظراً لخطورة المباني المتضررة المجاورة واحتمال انهيارها. وأكدت على ضرورة توخي الحذر والالتزام بتوجيهات الدفاع المدني، وعدم العودة إلى المباني التي تعرضت للقصف حفاظًا على سلامتهم.

ورغم المطالبات الرسمية، إلا أن الكثير من سكان قطاع غزة عادوا للعيش تحت ركام منازلهم المدمرة كحال جندية.

منزل محروق

وفي منطقة قيزان النجار جنوب شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، لجأ محمد النجار أيضًا إلى منزله المحروق من قبل جيش الاحتلال والمعرض للانهيار في أي وقت.

ويقول النجار لـ”الخليج أونلاين”: “لا خيار أمامك إلا العيش في هذا المنزل، فحياة الخيمة جحيم عشناها على مدار عام وثلاثة أشهر، والمنزل له ذكريات جميلة نشتاق لها لذلك فضلت العودة للعيش هنا”.

ولا يوجد مكان صالح للسكن في منزل النجار أو حتى آمن، ورغم ذلك، قام الرجل بتنظيف غرفة من منزله المحروق بشكل كامل، واستقر بها هو وعائلته.

أرقام أممية

وتظهر تقديرات أممية أن إعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب ستحتاج إلى مليارات الدولارات بسبب حجم الدمار الهائل جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من أكتوبر 2023.

وأظهر تقرير للأمم المتحدة نشر في العام الماضي أن إعادة بناء المنازل المدمرة في قطاع غزة قد يستمر حتى عام 2040 على الأقل، وقد يطول الأمر أكثر من ذلك.

ووفقاً لبيانات أقمار اصطناعية للأمم المتحدة نشرت في ديسمبر الماضي، فإن ثلثي المباني في غزة قبل الحرب، أكثر من 170 ألف مبنى، تهدمت أو سويت بالأرض، وهذا يعادل حوالي 69% من إجمالي المباني في قطاع غزة.

وذكرت تقديرات للأمم المتحدة أن هذا الإحصاء يتضمن ما مجموعه 245123 وحدة سكنية، ما يجعل أكثر من 1.8 مليون شخص يحتاجون إلى مأوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى