الاخبار

تجنيد “الحريديم” يشعل الجدل في “إسرائيل”.. فهل يُسقط الحكومة؟

أزمة تجنيد الحريديم باتت مرشحة لأن تؤدي إلى حل الحكومة والكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة

يواجه الائتلاف الحكومي في “إسرائيل” بقيادة بنيامين نتنياهو، أزمة متفاقمة تهدد استقراره، في ظل تصاعد التوترات بين الأحزاب الحريدية وشركائهم داخل الحكومة بسبب مشروع قانون تجنيد طلاب المعاهد الدينية.

هذه الأزمة لم تعد مجرد جدل سياسي، بل باتت مرشحة لأن تؤدي إلى حل الحكومة والكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة، خاصة مع تزايد الخلافات داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي.

ويعكس تصريح وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش حول أن الأزمة الدائرة في الحكومة على خلفية قضية قانون التجنيد “خطيرة”، عن وصول الخلافات السياسية في “إسرائيل” إلى ذروتها.

وقال الوزير سموتريتش لأعضاء كتلته، الأربعاء 4 يونيو الجاري: “الأزمة في الحكومة خطيرة. نحن على بُعد قيد أنملة من انتخابات قد تعني، لا قدّر الله، توقفاً وخسارة للحرب”.

خلاف حاد

وزادت الأمور حدة عقب رفض زعيما الجمهور الحريدي-الليتواني، الحاخامان دوف لاندو وموشيه هيرش، الاجتماع مع نتنياهو لمناقشة قضية قانون التجنيد، مؤكدين أنه “لا جدوى من إجراء المزيد من المحادثات”.

كذلك، وصفت مصادر رفيعة في حزب “يهدوت هتوراة” اللقاء مع رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي إدلشتاين، الذي أجري الثلاثاء 3 يونيو الجاري، بـ”الفشل الذريع”، مشيرة إلى أن الحاخام دوف لاندو أمر بدعم مقترح حل الكنيست، بينما ألمح الحاخام هيرش إلى قرار قريب بالانسحاب من الائتلاف.

ويتمحور الانقسام الحاد بين إدلشتاين والأحزاب الحريدية حول آلية فرض العقوبات على غير المجندين من طلاب المعاهد، ونسبة التجنيد المطلوبة والمطالبة برفعها إلى 50% خلال خمس سنوات.

ويطالب إدلشتاين بعقوبات فورية وعدم احتساب الخدمة المدنية كبديل عن العسكرية، بينما ترى الأحزاب الحريدية أن هذه المطالب تمس بوجودهم وهويتهم الدينية.

حزب “يش عتيد” المعارض بقيادة يائير لابيد أعلن عزمه تقديم مشروع قانون لحل الكنيست الأسبوع المقبل، كما أبدت أحزاب أخرى مثل “يسرائيل بيتينو” و”العمل” دعمها لهذه الخطوة. وتتقاطع تحركات المعارضة مع تهديدات الأحزاب الحريدية، ما يقرب سيناريو الانتخابات المبكرة أكثر من أي وقت مضى في “إسرائيل”.

وداخل حزب “الليكود” الحاكم، تتعالى أصوات تلقي باللوم على إدلشتاين بسبب تشبثه بمواقفه، وسط تحذيرات من أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى تفكك التحالف برمته.

وتؤكد تطورات الساعات الأخيرة أن القانون تحول إلى قنبلة سياسية موقوتة، قد تؤدي إلى إسقاط حكومة نتنياهو، خاصة مع تمسك الحريديم بمواقفهم التي يدعمها كبار الحاخامات.

يرفض الحريديم وقادتهم اليهود المتدينون الالتزام بقرار التجنيد، حيث حصلوا على إعفاء منه منذ الأيام الأولى من تأسيس دولة الاحتلال بشرط التزامهم بالمدارس اليهودية (اليشيفوت)، ويعتبرون أن توراتهم هي مهنتهم.

مسار الحرب

الكاتب والمحلل السياسي، فراس ياغي، أكد أن إسقاط الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة لن يكون إلا على يد الحريديم، موضحاً أن هناك اعتبارين رئيسيين لذلك.

وقال ياغي في حديثه لـ”الخليج أونلاين” إن “الاعتبار الأول، والحاسم، هو قانون الإعفاء من التجنيد، حيث يرى الحريديم أن وجودهم في الحكومة دون وجود قانون إعفاء واضح سيجعلهم دائماً عرضة للاتهام من قبل الحكومة والمعارضة على حد سواء، بينما وجودهم في المعارضة يجنبهم هذه المواجهة، بل ويمنحهم فرصة لاستغلال موقعهم لتشريع القانون عبر المساومة على قضايا أخرى”.

وأضاف أن “الاعتبار الثاني يتمثل في العلاقة القوية بين الحريديم والولايات المتحدة، وفهمهم لطبيعة الخلاف بين نتنياهو والبيت الأبيض”.

وأوضح ياغي أن الأزمة الحالية “خطيرة إلى درجة أن الكنيست قد لا يصل إلى عطلته الصيفية قبل أن يحل، مما يعني أن الانتخابات المبكرة ستُعقد في أكتوبر القادم، إذا ما تم التوصل إلى اتفاق لحل الكنيست”.

وأشار إلى أن “هناك توافقاً قادماً وحتمياً بين حزب يهوديت هتوراة بجناحيه (أغودات يسرائيل وديغل هتوراة) وبين حزب شاس لحل الكنيست”، مشدداً على أن “هذا الحل سيؤثر بالضرورة على مسار الحرب، وقد يؤدي إلى صفقة تبادل أسرى تتبعها نهاية للحرب وانسحاب من غزة، لأن الحكومة الانتقالية لا تستطيع اتخاذ قرارات حاسمة دون توافق يهودي شامل، خصوصاً أن المؤسسة العسكرية والأمنية تدفع باتجاه إنهاء الحرب”.

واعتبر أن الأزمة لها تداعيات ممكن حدوثها أبرزها حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وإقالة يولي إدلشتاين من رئاسة لجنة الخارجية والأمن؛ بسبب اتهامه من الحريديم بتأخير تشريع قانون الإعفاء.

من هم الحريديم؟

هم الجمهور اليهودي الذي يقيم طقوسه الدينية ويعيش حياته اليومية وفق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية، ويوجد منظمات ومؤسسات خدمية تخصهم في مواقع عيشهم وانتشارهم.

يحافظ الحريديم بدقة متناهية على كافة الأنظمة والقوانين الوارد ذكرها في التوراة والكتب الدينية المقدسة لديهم، ويعارضون بشدة إحداث أي تغيير فيها.

يعتقد هؤلاء أن “إسرائيل” ونظم حياة اليهود يجب أن تسير وفق قوانين وأنظمة الشريعة اليهودية وليس بموجب قوانين حددها ونظمها بنو البشر، ويحاولون بين الفينة والأخرى فرض شرائع التوراة على المشهد الحياتي في دولة الاحتلال.

ينقسم الحريديم من الناحيتين الدينية والسياسية إلى مجموعتين: أقلية صغيرة وتحمل اسم “الطائفة الحريدية”، وأغلبية ساحقة أكثر اعتدالاً محسوبة على حزب “أغودات إسرائيل”، إضافة لمؤيديهم من جماعة “نطوري كارتا” (التسمية من الآرامية وتعني “حراس المدينة”).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى