الاخبار

بين تهديد ترامب وتحذير إيران.. الملف النووي على طاولة الحرب

تتركز الضغوطات الأمريكية الحالية على إيران حول البرنامج النووي والأذرع الإقليمية كجماعة الحوثي والفصائل العراقية.

تتزايد المؤشرات على اقتراب الصدام بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” من جهة، وإيران من جهة أخرى، من نقطة الصفر، بعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطهران، والتحذير الإيراني من أي تصعيد.

فتصريحات ترامب الأخيرة، وسياساته أيضاً، توحي بأن واشنطن مقبلة على تحول كبير في التعاطي مع ملف إيران النووي، وهي بذلك أقرب للطموح الإسرائيلي الهادف لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي بكل الطرق.

تلك الخطوة من شأنها أيضاً تعزيز الرغبة الأمريكية بحماية التفوق الإسرائيلي في المنطقة، ودعم الغطرسة الإسرائيلية التي طالت عدة دول.

ومؤخراً، اتجهت الأمور بشكل متسارع نحو التصعيد، وبدا ترامب أكثر حسماً في منع إيران من امتلاك القدرات النووية، محملاً إياها مسؤولية هجمات الحوثي، فهل جاء الدور على طهران عملياً هذه المرة؟

تهديد وتحذير

يبدو أن الذريعة الأقوى لدى واشنطن وتل أبيب في التعاطي مع إيران، تأتي هذه المرة من الوكلاء، إذ ترى إدارة ترامب أن طهران هي المسؤولة عن هجمات جماعة الحوثي ضد الملاحة وضد “إسرائيل”.

ورداً على ذلك، قال المرشد الإيراني علي خامنئي، في تصريحات الأسبوع الماضي ، إن السياسيين الأمريكيين والأوروبيين، يرتكبون خطئاً عندما يقولون إن فصائل المقاومة وكلاء لإيران، مضيفاً أن عليهم أن يعلموا أن أي اعتداء على بلاده سيواجه بـ”صفعة ساحقة”، حسب وصفه.

ويوم الخميس (20 مارس) نقل موقع “أكسيوس” الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين ومسؤول أمريكي، أن الولايات المتحدة و”إسرائيل” ستعقدان محادثات بشأن برنامج إيران النووي في البيت الأبيض الأسبوع المقبل.

يأتي هذا بعد أن منح ترامب إيران، يوم الأربعاء (19 مارس)، مهلة شهرين من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد، في رسالة وجهها للمرشد الإيراني.

مطالب واشنطن

ولا تخلوا لهجة ترامب من التهديد شديد اللهجة، بعد سلسلة من العقوبات التي فرضتها إدارته، ضمن سياسة الضغوط القصوى لإجبار طهران على التراجع في الملف النووي، ووقف دعم الفصائل المسلحة إقليمياً.

ورفضت إيران على لسان المرشد الأعلى، دعوة ترامب للتفاوض، مشيراً إلى أن هدف واشنطن هو التآمر وفرض مطالبها.

وسابقاً كان الاتفاق النووي مع إيران ينص على تقليل اليورانيوم المخصب، وتقليل عدد الطرادات، لكن الأمر تغير حالياً، ورفعت الولايات المتحدة سقفها لتطالب طهران بالتخلي الكلي عن البرنامج النووي.

وشدد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، مايك والتز يوم 16 مارس الجاري، في مقابلة على شبكة “CBS”، على ضرورة أن تتخلى إيران عن جميع جوانب برنامجها النووي، بما في ذلك الصواريخ والتخصيب، مهدداً بعواقب وخيمة.

كما أصبح لدى الولايات المتحدة مطالب أخرى من إيران، تتمثل في إيقاف الدعم للحوثيين، وتشجيع العراق على نزع سلاح الفصائل الموالية لطهران، ووقف تجارة النفط غير المشروع، وهو ما تؤكده تصريحات المسؤولين الأمريكيين بما في ذلك ترامب.

خيارات طهران

وفي خضم هذا التحول في الموقف الأمريكي تجاه سلوك إيران، وبرنامجها النووي، تبدو طهران أمام خيارات صعبة، خصوصاً بعد الضربات الموجعة التي تلقتها خلال العام المنصرم، وتحديداً انحسار نفوذها في سوريا، وتصفية قادة “حزب الله”، والضغوط على العراق لإضعاف الفصائل المسلحة، والضربات على الحوثي.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، يوم الأحد (23 مارس)، إن الاتفاق النووي بصيغته الحالية غير قابل للإحياء، وأن وضع إيران النووي تقدم بشكل كبير.

وأشار في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيرانية، إلى أن بلاده لن تدخل في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، وأن رفض التفاوض مع أمريكا نابع من التاريخ والخبرة وليس العناد.

ويبدو أن تهديدات ترامب هذه المرة، والجموح الإسرائيلي، قد تتجاوز حدود التصريحات، ما ينذر بتصعيد عسكري محتمل، لا يُعرف حجمه ولا تداعياته.

ويأتي هذا في ظل تقييمات متزايدة من أن إيران قد تلجأ لإنتاج أول قنبلة نووية، لحماية نفسها، وتشكيل حلقة ردع جديدة، بعد الضربات التي تعرض لها وكلاءها.

وقالت وكالة “فرانس برس” في تقرير لها يوم 20 مارس الجاري، إن “وجود إيران في وضعية غير آمنة، قد يدفعها إلى التسلح بالقنبلة النووية”.

تلويح مزاجي

ويرى الباحث أول في مركز “الجزيرة” للدراسات، الدكتور لقاء مكي، أن تهديدات الرئيس ترامب لإيران، قد لا تكون نابعة من استراتيجية حقيقية وصلبة.

وأضاف في تدوينة على منصة “إكس”، إنها ربما تكون “مجرد تلويح مزاجي بالقوة”، مشيراً إلى أن اختبار الإيرانيين لجدية تلك التهديدات، “قد يكون مكلفاً جداً وربما مدمر بلا خط رجعة”.

وأشار مكي إلى أن ربط ترامب استمرار الحوثي في التصعيد بالرد على إيران، بوصفها داعم للجماعة، قد يعكس قلقاً أمريكياً من فشل الحملة العسكرية في وقف هجمات الحوثيين، وبالتالي النيل من هيبة أمريكا وتقديم ترامب بشكل سيء.

واستطرد قائلاً: “لذلك ذهب ترامب إلى هذا الخيار المعقد، على افتراض أن إيران ستوقف الحوثي لتجنب تعرضها للحرب”، مشيراً إلى أنه من المحتمل أن الإدارة الأمريكية تريد الوصول إلى هذه النتيجة من البداية.

سيناريوهات محتملة

وبالنظر للمعطيات، لا يخرج الأمر عن سيناريوهين اثنين، وفق الخبير في الشؤون الإيرانية مصطفى النعيمي، والذي لفت إلى أن السيناريو الأول يكمن في التصعيد العسكري، مستدلاً بتصريحات رئيس وزراء “إسرائيل” بنيامين نتنياهو، الذي شكر ترامب على إرساله الأسلحة اللازمة لـ”إنهاء المهمة”.

وأشار النعيمي في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن إيران تحاول استثمار وكلائها لاستكمال البرنامج النووي، مبيناً أنها قبل قرابة شهر أعلنت أنها خصبت يورانيوم بنسبة تزيد عن 60% وبالتالي أصبحت جاهزة لإنتاج القنبلة النووية.

ولفت إلى أنها قامت بتخصيب ما مقداره 265 كيلو جرام من اليورانيوم المخصب الذي يمنحها القدرة على إنتاج 6 قنابل نووية، علماً بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذرت من هذا التحرك.

وأما السيناريو الثاني، فيتمثل من وجهة نظر النعيمي في التفاوض، لافتاً إلى أنه من المرجح أن يكون هدف حديث إيران عن إنجازها النووي، هو جر المنظومة الدولية إلى التفاوض بسقوف نووية عالية، بهدف تحصيل مكاسب تتيح لها الاستمرارية في برنامجها النووي.

ويبيّن أن إيران على المستوى التقني لا تمتلك خصائص التصنيع، إضافة إلى وسائط الجمع والنقل ووسائط التخزين، كما أنها لا تزال بعيدة عن إنتاج وسائط الإطلاق، ومن الصعب أن تحصل عليها من دول كروسيا وكوريا أو الصين.

ضربات نوعية

ويرى النعيمي، أنه من الممكن جداً أن تحصل ضربات على مستوى كبير جداً في استهداف برامج الدفاع الجوي والصاروخي والمسيرات، إضافة إلى القيادة والسيطرة، والاتصالات.

وأوضح أن الجانب الإسرائيلي صرح أكثر من مرة أنه يمتلك 50 طائرة من طراز “إف 15 آي إكس”، القادرة على حمل قذائف صاروخيه من طراز “جي بي يو 43″، والمخصصة لتدمير التحصينات النووية بعمق يصل إلى 30 متراً.

وقال إنه في حال استهداف المنشئات النووية الإيرانية، فإنه ستخرج بشكل كامل عن الخدمة، إلى جانب الحرب السيبرانية المفتوحة، مبيناً أنه في حال استخدمت طهران الصواريخ الباليستية أو المسيرات للرد، فإن واشنطن موجودة للتحرك في المياه الإقليمية الدولية لمحاصرة إيران، والتعامل مع تهديداتها.

التأثير المحتمل

وقلل النعيمي من التأثير المحتمل لأي ضربة أمريكية إسرائيلية على إيران، موضحاً أن الأضرار ستقتصر على المستوى التكتيكي في الفترة الزمنية التي سيتم تنفيذ العملية فيها، مرجحاً أن تتم بسرية متناهية.

ولفت إلى أن واشنطن تستخدم عامل التضليل لإرباك طهران، وأنها تقوم بجمع أكبر قدر من المعلومات حول أنشطة إيران النووية والصاروخية.

وتوقع أن تتم العملية العسكرية ضد إيران بمستويات ثلاثة، الأول استهداف الدفاعات الجوية بشكل كامل، وإخراجها عن الخدمة، والثاني استهداف البرنامج الصاروخي الباليستي بعيد المدى بشكل كامل، والثالث يتمثل في استهداف برنامج المسيرات، ومن ثم على مستوى القيادة والسيطرة وإنهاء برنامج الاتصالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى