بمقعد جديد.. البحرين صوت الخليج في ملفات مجلس الأمن الساخنة

يأتي هذا الفوز في وقت تشهد فيه الساحة الدولية تحديات متصاعدة
دخلت البحرين مجلس الأمن لأول مرة عام 1998 ممثلة عن المجموعة الآسيوية
في خطوة تعكس الثقة الدولية المتزايدة بسياسة البحرين الخارجية، فازت المملكة بمقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2026-2027، بعد حصولها على 186 صوتاً من أصل 187 في تصويت الجمعية العامة يوم 3 يونيو 2025، ممثلة عن مجموعة دول آسيا وبلدان المحيط الهادئ.
يأتي هذا الفوز في وقت تشهد فيه الساحة الدولية تحديات متصاعدة، تشمل النزاعات في أوكرانيا والسودان والأراضي الفلسطينية وخصوصاً في ملف غزة، وملفات الأمن الغذائي وتغير المناخ، وسط تطلعات دولية لدور دبلوماسي متوازن للبحرين يعزز الحوار بين الأطراف.
ويُعد هذا الفوز تتويجاً لمسيرة البحرين في العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف، بعد عضويتها السابقة في المجلس خلال الفترة 1998-1999، حين برزت كصوت معتدل في ملفات حساسة إقليمياً، بينها الأوضاع في العراق والاحتلال الإسرائيلي.
فوز ساحق في 2025
جاء فوز البحرين في دورة الانتخابات الحالية بدعم 186 دولة، وهو من أعلى معدلات التأييد في الاقتراع السري الذي جرى في نيويورك.
وأشاد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، بالفوز، واصفاً إياه بأنه “دليل على المكانة الدبلوماسية المرموقة للبحرين”، فيما اعتبرت دول خليجية هذا الفوز انعكاساً للثقة الدولية في سياسات المملكة بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.
كما تلقت المنامة دعماً خليجياً وعربياً واسعاً عقب فوزها بالمقعد، فقد هنأت كل من الكويت وقطر والسعودية وسلطنة عمان والإمارات المملكة، مشيدة بثقة المجتمع الدولي في قدرتها على الإسهام الفعال في تعزيز السلم والأمن الدوليين.
وأعربت عن أملها في أن “تسهم البحرين في تمثيل المجموعة العربية داخل المجلس، وفي دعم القضايا العادلة التي تهم شعوب المنطقة”.
وإلى جانب البحرين، فازت دول أخرى بمقاعد غير دائمة في الدورة الحالية، من بينها الدنمارك وباكستان، ما يتيح للمملكة بناء شراكات دبلوماسية داخل المجلس لتعزيز الاستقرار العالمي.
تجربة 1998-1999
دخلت البحرين مجلس الأمن لأول مرة عام 1998 ممثلة عن المجموعة الآسيوية، وخلال تلك الفترة، ساهمت في النقاشات حول أوضاع العراق بعد حرب الخليج، وأيدت قرارات تعزيز عمليات حفظ السلام.
كما أظهرت المملكة التزاماً مبكراً بقضايا مكافحة الإرهاب والتطرف، في مرحلة شهدت تحولات أمنية إقليمية مهمة.
أولويات العضوية الجديدة
تؤيد البحرين جهود إصلاح مجلس الأمن الدولي بما يضمن تمثيلاً أوسع للدول النامية، خاصة الأفريقية، لتعزيز الشفافية والعدالة في عمل المجلس.
وترى البحرين أن تعزيز تعددية الأقطاب في النظام الدولي يتطلب توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار العالمي.
ووضعت وزارة الخارجية البحرينية أجندة طموحة للفترة المقبلة تشمل:
– دعم السلام الدولي والوساطة في النزاعات، خاصة في الشرق الأوسط.
– تعزيز الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب والتطرف.
– الربط بين قضايا الأمن والتنمية، مع التركيز على تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
– الدفاع عن قيم التسامح وحقوق الإنسان، مدعومة بمبادرات مثل مركز الملك حمد للتعايش السلمي.
– مواجهة التحديات العابرة للحدود مثل تغير المناخ والأمن السيبراني والأزمات الإنسانية.
الملفات الإقليمية والدولية
تنضم البحرين إلى مجلس الأمن في وقت تتصدر فيه قضايا مثل الحرب في أوكرانيا، الصراعات في السودان واليمن، الوضع في الأراضي الفلسطينية، وملف الأمن الغذائي العالمي، أجندة النقاش الدولي.
ويرى الباحث السياسي نجيب السماوي في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن فوز البحرين بهذا المقعد “يعكس متغيرات تدريجية في موقع الدول الخليجية داخل المنظومة الأممية، حيث باتت قوى مثل البحرين تسعى للعب أدوار تتجاوز الإطار الإقليمي”.
واعتبر أن “السياق الدولي الحالي يمنح البحرين فرصة لإبراز دبلوماسيتها الوقائية، خصوصاً في ظل تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، بينما تحتاج ملفات مثل النزاع الفلسطيني والملف الإيراني إلى وسطاء معتدلين غير منخرطين عسكرياً”.
وأضاف أن “العضوية تمنح المنامة هامش تحرك جديد داخل مجلس الأمن، لكنها أيضاً تضعها أمام مسؤوليات، في ظل انقسامات كبرى بين الأعضاء الدائمين حول القضايا الإقليمية، وهو ما يتطلب من البحرين اتباع سياسة توازن دقيقة بين المحاور الدولية”.
وختم بالقول أن “نجاح البحرين في بناء توافقات خلال عضويتها سيعزز صورتها كدولة خليجية قادرة على الإسهام في الاستقرار الإقليمي، خاصة إذا أحسنت استخدام أدوات الدبلوماسية متعددة الأطراف في الملفات الإنسانية والتنموية”.
رافعة إضافية
يدعم هذا التوجه المسار الدبلوماسي الذي انتهجته البحرين مؤخراً، حيث استضافت قمة الجامعة العربية في 2024، وطرحت مقترحات لعقد مؤتمر سلام إقليمي يعيد إحياء مسار التسوية السياسية في الشرق الأوسط.
ويأمل المسؤولون البحرينيون في أن تشكل عضوية المجلس رافعة إضافية لدبلوماسية المملكة في المحافل الدولية.
وقال بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية: “تؤكد المملكة التزامها بالمساهمة الفعالة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة، ودعم الجهود الدولية لتعزيز الأمن والاستقرار العالميين”.
مع بدء ولايتها الجديدة في يناير 2026، تستعد البحرين لترسيخ صورتها كدولة ذات نهج دبلوماسي براغماتي، يجمع بين احترام القانون الدولي والانفتاح على التعاون متعدد الأطراف.
وتعول المملكة على تفعيل أدوات الدبلوماسية الوقائية، والعمل ضمن التفاهمات الدولية لتعزيز فعالية مجلس الأمن في مواجهة الأزمات المتزايدة التي يشهدها العالم اليوم.