بعد وقف الحرب في لبنان.. من الرابح والخاسر بين “إسرائيل وحزب الله”؟
أبرز بنود الاتفاق لوقف الحرب من لبنان:
– ينسحب الجيش الإسرائيلي تدريجياً من لبنان في غضون 60 يوماً.
– ينسحب “حزب الله” من جنوب لبنان إلى المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني.
– يتم إخلاء المناطق اللبنانية الواقعة جنوب نهر الليطاني من أسلحة “حزب الله” الثقيلة.
فيما تتواصل الحرب في غزة، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين “حزب الله” اللبناني و”إسرائيل” حيز التنفيذ (فجر الأربعاء 27 نوفمبر)، لينهي المعارك بين الجانبين التي استمرت منذ 8 أكتوبر 2023.
ولا تزال بنود وقف إطلاق النار موضع جدل في الوسط الإعلامي الإسرائيلي واللبناني، إذ لم تُعلن بعد البنود الرسمية بشكل واضح.
وبرزت التسريبات الصادرة عن الجانب الإسرائيلي كمصدر رئيسي للمعلومات، وسط تخوفات بشأن المرحلة المقبلة واحتمال حدوث تطورات قد تعرقل الاتفاق خلال الـ60 يوماً المحددة لانسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجياً من جنوب لبنان.
وبينما حظي الاتفاق بتأييد دولي وفي أوساط القيادات الإسرائيلية، أبدى قادة “حزب الله” دعماً مؤقتاً للاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، مما يضع الأمل من انعكاسه إيجاباً على لبنان، وأعاد طرح أسئلة صعبة في منطقة تعصف بها الصراعات، وخصوصاً عن الرابح والخاسر في المعركة التي أدت لمقتل قادة “حزب الله” من الصف الأول وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصر الله.
نهاية حرب
وبعد ليلة من الغارات الإسرائيلية المكثفة، ساد الهدوء الضاحية الجنوبية في بيروت، مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار، فيما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي (27 نوفمبر 2024)، دخول الاتفاق حيز التنفيذ وأن الجيش سيبقى منتشراً في مواقعه داخل جنوب لبنان، محذراً سكان تلك المناطق من عدم التوجه نحو القرى التي طلب إخلاءها أو باتجاه قواته.
وقبل بدء سريان الاتفاق صعد الجانبان من هجماتهما المتبادلة، حيث أعلن الحزب قصف مناطق في شمال “إسرائيل” بالصواريخ، في حين استبَقت “إسرائيل” وقف إطلاق النار بشن سلسلة غارات واسعة النطاق على بيروت وضاحيتها الجنوبية وعدة قرى وبلدات جنوبي وشرقي لبنان.
وجاء وقف إطلاق النار بالتزامن مع تأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن التوصل إلى الاتفاق بين “حزب الله” و”إسرائيل”، وذلك بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقة الحكومة الأمنية عليه.
كما هدد نتنياهو بالرد “بقوة” على “حزب الله” اني في حال “لم يلتزم” بالاتفاق، الأمر الذي يوحي بأن الاتفاق قد يشهد بعض الخروقات أو التعديلات، خاصة وأن الطرفين استمرا في عمليات القصف حتى قبيل ساعات من دخوله حيز التنفيذ.
من جانبه أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، التزام حكومته بتطبيق القرار الدولي رقم 1701، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، والتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة.
أبرز بنود الاتفاق:
– يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الساعة الرابعة من صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي (27 نوفمبر).
– ينسحب الجيش الإسرائيلي تدريجياً من لبنان في غضون 60 يوماً.
– ينسحب “حزب الله” من جنوب لبنان إلى المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني.
– يتم إخلاء المناطق اللبنانية الواقعة جنوب نهر الليطاني من أسلحة “حزب الله” الثقيلة.
– يتسلّم الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية المواقع التي يسيطر عليها حالياً الجيش الإسرائيلي و”حزب الله”.
– يحتفظ كل من لبنان وإسرائيل بحق الدفاع عن النفس وفقاً للقانون الدولي.
– يقدّم الجيش الأمريكي بالتعاون مع الجيش الفرنسي دعماً فنياً للجيش اللبناني.
– تقدّم لجنة عسكرية تشارك فيها دول عدة دعماً إضافياً للجيش اللبناني لجهة العتاد والتدريب والتمويل.
– تنضم الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب عام 2006، للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار والتي تضم حالياً قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) و”إسرائيل” ولبنان.
– تتولّى الولايات المتحدة رئاسة هذه الآلية الخماسية التي ستتمثل مهمتها في الإبقاء على تواصل “مباشر” بين الأطراف المختلفة والسماح “في كل مرة يتم فيها رصد انتهاك، ولا سيما انتهاك خطير” بأن تتم “معالجته فوراً” تجنباً لأي تصعيد.
خسارة “حزب الله”
طرحنا تساؤلات في “الخليج أونلاين” على محللين سياسي وعسكري حول من الرابح والخاسر بعد وقف الحرب وفي طرف من تقف بنود الاتفاق.
يرى المحلل السياسي اللبناني محمود علوش، أن “حزب الله كان بحاجة لاتفاق وقف إطلاق النار بأي ثمن”، مشيراً إلى أنه “تكبد خسائر هائلة ويُريد أن يلتقط الأنفاس”.
ويضيف:
– يُمكن اعتبار الاتفاق مكسباً له على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يُعزز الضرر الاستراتيجي الكبير الذي لحق بالحزب.
– “إسرائيل” فرضت الحد الأقصى من مطالبها في الاتفاق، وأوجد وضعاً استراتيجياً مناسباً لها على المدى البعيد خصوصاً فيما يتعلق بقبول الحزب الانسحاب من جنوب الليطاني ونشر الجيش في المنطقة.
– خسر “حزب الله” الحرب منذ اللحظة التي فقد فيها القدرة على فرض توازن ردع مع “إسرائيل” وها هو يحصد اليوم الأثمان الباهظة لرهاناته الخاطئة على مستوى الخسائر التي تكبدها وعلى مستوى الضرر الاستراتيجي الكبير الذي لحق به.
– نجاح “إسرائيل” في تحقيق أهداف حربها في لبنان يتجاوز إجبار الحزب، على التخلي عن ربط الجبهات إلى إعادة تشكيل التهديد الذي تُشكله الجبهة الجنوبية اللبنانية لها.
– قد يفشل الاتفاق في نهاية المطاف وقد يناور “حزب الله” للحفاظ على حضوره في جنوب الليطاني وتقويض قدرة الدولة اللبنانية على الإمساك بزمام الأمور هناك، لكنّه اليوم في وضع أصعب مما كان عليه بعد حرب 2006.
– هناك الكثير من العقبات المُحتملة التي قد تؤدي إلى فشل الاتفاق، فمثلاً مهلة الشهرين طويلة وقد يؤدي خرق للتهدئة من أحد طرفي الصراع إلى انهيار الاتفاق.
– قدرة الجيش اللبناني على الانتشار في المنطقة والتعامل بفعالية مع الوضع في غضون شهرين محل شك. علاوة على ذلك، لا نعرف كيف سيبدو الوضع بعد تولي ترامب السلطة.
وينهي علوش حديثه لـ”الخليج أونلاين” بالقول: “الخلاصة الاتفاق يُكرس الهزيمة الاستراتيجية لحزب الله ولا يمنح إسرائيل نصراً متكامل الأركان”.
فشل الاحتلال
أما الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، فيخالف رأي علوش بخصوص خسارة الحزب للحرب، ويقول بأن الرابح من الاتفاق هو “حزب الله” مرجعاً ذلك لعدة أسباب أبرزها “أن حكومة نتنياهو تنازلت عن شروطها فيما يتعلق بوجود فرنسا ضمن لجنة مراقبة الاتفاق، وتنازلت عن شرط حركة الحركة الجوية والبرية داخل لبنان، وقبلت بالتحفظات اللبنانية على الشروط التي تنتهك السيادة اللبنانية”.
ويشير لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن “مبادرة وقف إطلاق النار التي وافق عليها نتنياهو لم تكن الأولى، حيث سبقها مبادرة في 21 سبتمبر الماضي رفضها الاحتلال حينها رغم أنها كانت تتضمن نفس البنود الحالية، وهو ما يطرح السؤال لماذا رفض نتنياهو تلك المبادرة وعاد ووافق عليها نفسها الآن؟ حسب قوله.
ويجيب على التساؤل بالقول: “الإجابة بكل وضوح هو الفشل الذي تعرض له جيش الاحتلال، في تحقيق إنجاز ميداني يمكن من خلاله أن يقوي وضع الاحتلال التفاوضي”.
ويضيف:
– إذا ما ربطنا النتائج بالأهداف نجد أن العملية العسكرية لم تحقق أهدافها وهي إعادة سكان مستعمرات الشمال، ولم ينجح بخلق منطقة عازلة جنوب لبنان ولم ينجح بالقضاء على “حزب الله”.
– الفشل العسكري انعكس على قدرة الصمود السياسي مما دفع الاحتلال إلى القبول باتفاق وقف إطلاق النار، مع تناقض مع رؤية المستوى السياسي في “إسرائيل”.
– أجبر الاحتلال على الخضوع للاتفاق بسبب فاتورة التكاليف العالية التي لم تكن متوقعة خاصة في ظل تقديرات المستوى الاستخباري في “إسرائيل” بأن حزب الله (انتهى) بعد تهشيم الهيكل التنظيمي له وبعد عملية البيجر التي حقق فيها الاحتلال نجاح استخباري لكنه فشل استراتيجياً.
– بعض التحليلات تميل لاستخدام مصطلح (التعادل) بمعنى أن المعادلة التي انتهت فيها الحرب مع “حزب الله” في إطار لا غالب ولا مغلوب.
– هذا عسكرياً غير صحيح لأن التعادل في مثل هذا النوع من الصراع بين جيش نظامي بقوات تقليدية ومقاومة بقوات غير تقليدية، يكون لصالح المقاومة لأن الخاسر الأكبر هو الجيش الأقوى الذي فشل في إخضاع المقاوم الأصغر والأضعف حسب موازين القوى.
– القوات النظامية التي تفشل في كسر إرادة القوات غير النظامية تكون انهزمت، والمقاومة غير النظامية التي استطاعت الصمود وكسر إرادة القوة النظامية وتجريدها من تحقيق أهدافها تكون انتصرت بالمفهوم العام، لأن الانتصار بالمفهوم التقليدي أصبح يعتمد على كسر الإرادة وتحقيق الأهداف.
خسائر الطرفين
حسب آخر إحصائية، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 3823 شخصاً وجرح 15 ألفاً و859 آخرين منذ الثامن من أكتوبر 2023. ولا تميز الأرقام بين مقاتلي “حزب الله” والمدنيين، وغالبية الحصيلة وقعت بعد أن كثفت إسرائيل هجومها في سبتمبر الماضي.
وحتى سبتمبر الماضي، أعلن “حزب الله” عن مقتل نحو 500 من مقاتليه، لكنه توقف عن إعلان المزيد من القتلى.
في المقابل قتل قصف “حزب الله” 45 مدنياً غالبيتهم من الأطفال في شمال “إسرائيل” وهضبة الجولان السوري المحتل، فيما تقول السلطات الإسرائيلية إن 73 جندياً إسرائيلياً على الأقل قتلوا في شمال “إسرائيل”، وهضبة الجولان وفي معارك بجنوب لبنان.
ويقول تقرير للبنك الدولي إن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان تقدر بنحو 2.8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً.
وفي المقابل تقدر السلطات الإسرائيلية الأضرار التي لحقت بالممتلكات في “إسرائيل” وخصوصاً الحدودية مع لبنان بنحو مليار شيكل (273 مليون دولار) على الأقل، مع تضرر أو تدمير آلاف المنازل والمزارع والشركات.
كما تقول السلطات الإسرائيلية إن صواريخ “حزب الله” أحرقت نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والحدائق والأراضي المفتوحة في الشمال وهضبة الجولان السوري المحتل.
وتقول المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن أكثر من 886 ألف شخص نزحوا داخل لبنان حتى 18 نوفمبر الجاري، وأكثر من 540 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا منذ بدء الحرب.
وفي “إسرائيل”، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من منازلهم في الشمال، وتتحدث تقارير عن خلو بلدات ومستوطنات إسرائيلية من سكانها.