الاخبار

بعد مساعداتها خلال الحرب.. دول الخليج أمام مهمة إعمار لبنان

تعترض جملة عقبات إطلاق عملية إعادة الإعمار في لبنان، يأتي في مقدمها “إفلاس” الدولة، والحجم الهائل للدمار، والفراغ في المؤسسات الدستورية

بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين “حزب الله” والاحتلال الإسرائيلي، تواجه الحكومة اللبنانية تحديات اقتصادية هائلة وسط آمال بتحقيق استقرار سياسي واقتصادي.

كما تثير مسألة إعادة الإعمار في لبنان تساؤلات عن الدول المساهمة وما إذا كانت دول الخليج ستأخذ على عاتقها هذه المرة أيضاً المساهمة بهذه المهمة، وسط تقديرات بأن التكلفة الأولية لذلك ما بين 15 و40 مليار دولار.

ومن المتوقع أن يزور المسؤولون اللبنانيون، وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، دول الخليج، حاملين معهم أرقام تكاليف ما تم تدميره، مراهنين على أن الخليجيين سيكونون أوفياء ككل مرة لإنقاذ لبنان ومساعدته في محنته، فكيف سيكون الوجود الخليجي ما بعد الحرب؟.

إعادة الإعمار

تعترض جملة عقبات إطلاق عملية إعادة الإعمار في لبنان، يأتي في مقدمها “إفلاس” الدولة، والحجم الهائل للدمار، والفراغ في المؤسسات الدستورية.

وتعول الحكومة اللبنانية على دعم دولي على غرار ما جرى في عهد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري عقب انتهاء الحرب الأهلية، أو في عهد رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة بعد انتهاء حرب يوليو 2006، إلا أن سوء العلاقات بين لبنان والدول العربية والغربية قد يحول دون ذلك.

ولم تخرج حكومة ميقاتي بأية خطة عن إعادة إعمار ما تضرر، في وقتٍ يسود انطباع واسع أن هذه العملية متوقفة على حسن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الحالي، الذي تم التوصل إليه برعاية أمريكية- فرنسية وموافقة لبنانية- إسرائيلية.

وتبقى مهلة الستين يوماً هي الفيصل، وسط ميل متزايد للحديث عن هدنة طويلة، تطفئ شرارة الحرب في المدى المنظور رغم الخروقات التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعدما كان الاتفاق قد دخل سريانه يوم 27 نوفمبر 2024.

الدور الخليجي

وصدرت تصريحات لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حول أنه بصدد جولة إلى بلدان الخليج لجمع الأموال وإعادة البناء، وسط توقعات بأن تعلن دول مجلس التعاون عن الإسهام في ذلك ولكن ربما بشروط.

فيما أكد رئيس وزراء لبنان السابق فؤاد السنيورة عن تطلعه للدور القطري ما بعد إعلان توقف العدوان الإسرائيلي على لبنان.

وفي ندوة للمركز القطري للصحافة (أواخر نوفمبر 2024)، قال إنه بعد إيقاف العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، تكفلت قطر آنذاك بإعادة إعمار المناطق التي دمرتها الآلة العسكرية الإسرائيلية، متولية ما بين عامي 2006-2010 بناء عدد من الوحدات السكنية التي كانت هدفاً للقوات الإسرائيلية.

كما التقى المسؤول اللبناني السابق خلال زيارته للكويت (21 نوفمبر) بوزير خارجيتها عبدالله علي اليحيا، حيث شدد السنيورة على “أهمية الموقف والدعم الكويتي لمساعدة لبنان على إعادة الإعمار والنهوض في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة والتي يحتاج فيها إلى دعم الأشقاء العرب قبل باقي الأصدقاء كما عودت الكويت لبنان دائماً”.

وكان السنيورة قد زار المركز الرئيسي للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والتقى بمديره العام بدر محمد السعد وبحث المشاريع التي يمولها الصندوق في لبنان.

ومؤخراً أكدت القمة الخليجية التي انعقدت في الكويت موقفاً خليجياً موحداً ضد الحرب وتدمير لبنان وغزة، إلا أنه لم يصدر موقف واضح بشأن تمويل إعادة إعمار مناطق لبنانية، وما إن كانت دول الخليج قد ناقشته أم لا.

تغيراً على الأرض

يؤكد المحلل السياسي اللبناني محمد حكيم أن معظم الدول وفي مقدمتها الخليجية باعتبارها الداعم الأكبر للبنان على مر عشرات السنين، لن توافق على تقديم المال لإعادة الإعمار “ما لم يتحقق الاستقرار الأمني والسياسي”.

وإلى جانب ذلك يؤكد أن دول الخليج “قد تطلب تولي أو الإشراف على مساعدات إعادة الإعمار وفق آلية دولية شبيهة بالآلية التي يقوم بها الصندوق الكويتي للتنمية ولا تترك هذه المسؤولية للطبقة السياسية اللبنانية”.

وعن أسباب ذلك يرجع حكيم في حديثه لـ”الخليج أونلاين” الأمر إلى “ضعف الدولة اللبنانية وانتشار الفساد في جميع أروقتها”، مضيفاً: “لذلك يتطلب الأمر الانطلاق نحو إعادة بناء دولة مقوماتها الشفافية والإصلاح والمحاسبة وسيادة القانون”.

وتابع: “الحديث عن إعادة إعمار لبنان لن يكون واقعياً من دون تحقيق خطوات أساسية تشمل انتخاب رئيس جديد يمثل كل اللبنانيين يعيد هيبة الدولة، ونزع سلاح المليشيات لتكريس سيادة الدولة واستقرارها، وتطبيق اتفاق الطائف نصاً وروحاً، وإجراء إصلاحات اقتصادية ومحاربة الفساد الذي بات ينهش مؤسسات الدولة ويعرقل أي جهود تنموية”.

ويؤكد أنه على الرغم صعوبة حدوث ذلك بشكلٍ كلي، “إلا أن دول الخليج ستستمر في تقديم المساعدات، لكن ربما لن تدفع عشرات الملايين من الدولارات أو مليارات لإعادة الإعمار دون تغيير على الأرض”.

الخليج خلال الحرب

وعلى مدى نحو شهرين من الحرب استقبلت بيروت عدداً من الطائرات الإغاثية الخليجية، المقدمة لإغاثة الشعب اللبناني، بعدما تسببت الحرب في نزوح قرابة مليون و400 ألف مدني من منازلهم، خصوصاً في جنوب البلاد.

وأعلنت بعض الدول خلال الأشهر الأخيرة تعهدها بتقديم مساعدات إنسانية للبنان أو قدمتها له مع تفاقم الصراع حينها.

وقالت وكالة أنباء الإمارات إن رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تعهد بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار إلى الشعب اللبناني.

فيما ذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس” أن المملكة أعلنت تقديم مساعدات للشعب اللبناني تشمل مساعدات طبية ضمن جسر جوي.

وبينما تواصل قطر تقديم المساعدات المالية لجيش لبنان، نفذت جسراً جوياً بمساعدات طبية وإنسانية عاجلة للشعب اللبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى