بعد حرب غزة.. كيف ستتعامل “إسرائيل” مع الحوثيين في اليمن؟

– أشار المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، إلى وقف عملياتهم العسكرية “المساندة لغزة” كما اعتبر أن استمرار إسرائيل “في احتلال فلسطين، يمثل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة”.
مع إعلان وقف إطلاق النار في غزة، بدأت التساؤلات نهاية الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن وضد “إسرائيل”، أو أن هذا الصدام بين سيستمر بغض النظر عما يجري في غزة.
ونفذت “إسرائيل” خمس جولات من الضربات الجوية ضد الحوثيين منذ يوليو الماضي، رداً على 400 صاروخ وطائرة بدون طيار أطلقت من اليمن تم إسقاط معظمها، لكن تلك الضربات لم تستهدف أي قيادات حوثية أو مواقع عسكرية، فإلى أين تتجه الأوضاع في المنطقة في حال نفذ اتفاق وقف الحرب في غزة؟.
موقف الحوثي
وبعد دقائق إعلان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني التوصل لاتفاق لوقف حرب غزة، أشار المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، إلى وقف عملياتهم العسكرية “المساندة لغزة” أيضاً.
وقال عبد السلام في تدوينة على منصة “إكس”، إن “دخول اليمن في معركة إسناد غزة، لم يكن عن فائض قوة أو استعراض لها، بل من واقع صعب، ثم إن الاستباحة الإسرائيلية لغزة لم تدع مجالاً لشعبنا العزيز المشبع بالروحية الإيمانية إلا أن يشارك ويساند قياما بالمسؤولية تجاه شعب مظلوم يتعرض لمجازر إبادة جماعية”.
وتابع: “ومع وصول هذه المعركة إلى خواتيمها بإعلان وقف إطلاق النار في غزة، فإن القضية الفلسطينية كانت وستبقى القضية الأولى التي يتوجب أن تنهض الأمة بالمسؤولية تجاهها” معتبراً “استمرار إسرائيل في احتلال فلسطين، يمثل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة، ولن يكون هناك من سلام حقيقي تنعم به المنطقة إلا بزوال هذا الكيان الطارئ”.
وأعلن الحوثيون الحرب على “إسرائيل” في 9 أكتوبر 2023، أي بعد يومين من عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، كجبهة إسناد ثانية للقطاع بشن غارات على مواقع إسرائيلية بصواريخ وطائرات مسيرة.
وفي نوفمبر من ذات العام بدأ الحوثيون هجمات ضد السفن التي قالوا إنها مرتبطة بـ”إسرائيل”، لتدخل التوترات في البحر الأحمر مرحلة تصعيد لافت منذ استهداف سفينة أمريكية في 9 يناير 2024 في إطار التضامن مع غزة.
وبعدها بيوم شنت المقاتلات الأمريكية والبريطانية هجوماً مكثفاً لأول مرة، ضمن ما أطلق عليه عملية “حارس الازدهار” بهدف حماية السفن في البحرين الأحمر والعربي.
وبدلاً من خفض هجماتهم استمر الحوثيون في توسيع هجماتهم باستهداف سفن أمريكية وبريطانية بعد أن كان الأمر مقتصراً فقط على السفن الإسرائيلية، كما ازدادت ضرباتهم داخل “إسرائيل”.
هدوء قادم
يرى اللواء المتقاعد ضيف الله الدبوبي أن المعركة بين الحوثي و”إسرائيل” ستهدأ كثيراً إذا نجح وقف إطلاق النار في غزة، خصوصاً في المراحل التي يحتمل أن تخرقها “إسرائيل” للاتفاق وتقود للعودة إلى العمليات العسكرية.
ويضيف في حديثه لـ”الخلليج أونلاين”:
– إذا نجح وقف إطلاق النار فأتوقع أن الحوثيين سيتوقفوا عن قصف “إسرائيل” بالطائرات المسيرة أو بالصواريخ.
– لكن في المقابل فإن الحوثيين بوجهة نظر الأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين، ارتكبوا خطأ بإغلاق مضيق باب المندب والقرصنة البحرية، وأصبح البحر الأحمر والخليج العربي مهدد، وتم قصف سفن أمريكية وبريطانية وإسرائيلية هذا يعني أنهم لن يتركوها تذهب صدى.
– سيكون هناك معالجات من قبل أمريكا ومن قبل بريطانيا وحتى من قبل “إسرائيل”، لأن أحد الأسباب التي كانت تجعل الحوثيين يقومون بهذه العمليات هو شعارهم “الموت لإسرائيل الموت لأمريكا”.
– إذا لم تكن هناك عمليات عسكرية وترك الحوثيين باب المندب ولم يقوموا بالقرصنة بحرية، فإن أمريكا بالأساس ستتخذ إجراءات شديدة وقاسية جداً ضدهم، وإذا بقيت إيران تساندهم سيتجه الريس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب كالعادة إلى الذهاب للتلويح بالاتفاق النووي وإدخالها في هذا الملف من أجل الضغط عليها.
– حتى لو توقفت قضية غزة، فإنه من وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية فإن الحوثيين يشكلوا خطراً عليهم، أو أنهم سيبقون خطراً مثل الخلايا النائمة خطر نائم يستيقظ متى يشاء.
– بما أن “إسرائيل” تقول إن حماس لن تعود إلى غزة، كذلك فإن أمريكا بعهد ترامب ستذهب إلى خطوة على أن لا يعود الحوثيين إلى ما كانوا عليه قبل عملياتهم ضد البحر الأحمر والفرصنة في باب المندب.
– هذا الأمر يؤكد أن أي معركة بين “إسرائيل” والحوثيين لم تعد مرتبطة بقضية غزة بل أصبحت تنفذ توجيهات إيران كونهم ذراع لها، وفي المقابل ترى إيران أن “إسرائيل” ذراع أمريكا في المنطقة، والحوثيون لن يهدأوا إلا أن قامت أمريكا بوضع عقوبات اقتصادية واستهداف قيادات الحوثيين بأي شكل.
هجمات “إسرائيل” على اليمن
وعاشت مدينتا صنعاء والحديدة على وقع غارات إسرائيلية لخمس مرات منذ يوليو 2024 كان آخرها مطلع يناير الجاري، إلا أن ما كان لافتاً أن تلك الغارات استهدفت منشآت اقتصادية وراح ضحيتها مدنيون يعملون فيها، فيما لم تصاب القيادات الحوثية أو المنشآت العسكرية التابعة لها.
وتمثلت هذه الهجمات في:
– قصف مطار صنعاء ومحطة كهرباء حزيز بمديرية سنحان
– محطة كهرباء رأس كثيب وميناءي الحديدة ورأس عيسى النفطي في الحديدة
– تسبب تعطل عمل محطتي كهرباء حزيز ورأس كثيب بحرمان مئات الآلاف من الأسر في صنعاء والحديدة من الكهرباء، وتعطل ميناء الحديدة تسبب بمصاعب حياتية للمواطنين بمناطق سيطرة الحوثي.
ويثير هذا الأمر تساؤلات بشأن مدى تأثير الضربات الإسرائيلية أو الأمريكية على قدرات الحوثيين، الذين قللوا في أكثر من مناسبة من أضرارها، ما جعلهم يواصلون هجماتهم بوتيرة شبه يومية.
ويرى الباحث نجيب السماوي، أن “الجهود الدولية والإسرائيلية للتعامل مع الخطر الحوثي كانت أقل من المتوقع، ولم تؤثر على الحوثيين بقدر ما كان لها تأثير على حياة الناس”.
كما يضيف في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن “استمرار المواجهات مرتبط بالسياسة الأمريكية الإيرانية خلال الفترة القادمة، والصراع الممكن تمدده أو تقليصه مع قدوم ترامب إلى الحكم، ولا يمكن لإسرائيل توسيع عملياتها ما لم تأخذ الإذن المباشر من واشنطن”.
وأشار أيضاً إلى أن “ترامب لا يريد الحرب، وسيكون أمامه خياران إما دعم عسكري للحكومة للقضاء على الحوثي بوقتٍ قصير وهذا غير متوقع نظراً للتجارب السابقة لحكومة ترامب، أو الخيار الثاني الذهاب نحو عقوبات اقتصادية وفرض عقوبات مشددة وهذا المتوقع”.