الاخبار

بعد تصريحات الأمير.. هل اقتربت الكويت من عودة الحياة البرلمانية؟

تزداد التكهنات حول ما إذا كانت القيادة الكويتية ستعلن عن خطوات جديدة تعيد ترتيب المشهد السياسي

بعد ما يقارب عاماً من تعليق بعض مواد الدستور، لا يزال الحديث في الكويت حول مستقبل الحياة البرلمانية وإمكانية استئنافها في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد التصريحات الأخيرة لأمير الكويت من أن الحياة البرلمانية ستُستأنف “بثوبها الجديد” في الوقت المناسب، دون أن يقدم تفاصيل حول طبيعة هذه العودة أو توقيتها.

وبينما تؤكد القيادة السياسية في الكويت أن هذا التعليق كان إجراء مؤقتاً لمعالجة اختلالات في الممارسة الديمقراطية، فإن تصريح أمير الكويت يأتي مع استمرار الحكومة في تنفيذ إصلاحات إدارية واقتصادية، تهدف وفق المسؤولين إلى تعزيز الاستقرار وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة.

ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لتعليق بعض مواد الدستور، تزداد التكهنات حول ما إذا كانت القيادة الكويتية ستعلن عن خطوات جديدة تعيد ترتيب المشهد السياسي، أم أن المرحلة الحالية ستستمر دون تغييرات جوهرية على المدى القريب.

تصريحات جديدة

في خطابه الأخير، بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان (2025)، أكد أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح أن تعليق بعض مواد الدستور كان خطوة ضرورية لمعالجة ما وصفه بـ”مرض عضال” أصاب الممارسة الديمقراطية.

وأوضح أمير الكويت أن الحياة البرلمانية ستُستأنف “بثوبها الجديد” في الوقت المناسب، دون تقديم جدول زمني محدد، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية ونبذ الخلافات، محذراً من الاستماع إلى ما وصفها بـ”الأصوات الشاذة” التي تسعى لإثارة الفتنة.

وكان أمير الكويت، قد أعلن في 10 مايو 2024 عن حل مجلس الأمة وتعليق العمل بعدد من المواد الدستورية لمدة تصل إلى أربع سنوات، بهدف “دراسة الديمقراطية في البلاد” واتخاذ ما يراه مناسباً استناداً إلى نتائج تلك الدراسة.

وشمل القرار تعليق مواد دستورية أساسية، من بينها تلك المتعلقة بصلاحيات البرلمان في التشريع والرقابة، وهو ما جعل السلطة التنفيذية تتولى هذه المهام بصفة مؤقتة، وفقًا للدستور.

منذ تعليق بعض مواد الدستور، تسعى الحكومة إلى تنفيذ إصلاحات سياسية وإدارية ومالية لضمان استقرار الأوضاع الداخلية، وشملت هذه الإجراءات تعديل بعض القوانين المتعلقة بالاستثمار والضرائب، وتحسين كفاءة العمل الإداري، وتحديث آليات الرقابة المالية، وذلك في إطار رؤية “كويت 3035″، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على النفط.

مرحلة ما بعد التعليق

منذ اتخاذ قرار تعليق بعض مواد الدستور، شهدت الكويت حالة من الجدل السياسي حول تأثير هذا القرار على مستقبل الديمقراطية في البلاد، فبينما ترى الحكومة أن هذه الخطوة ضرورية لضمان استقرار المؤسسات السياسية وحماية الاقتصاد، يرى بعض المعارضين أن تعليق مواد دستورية رئيسية أدى إلى غياب الرقابة التشريعية وأضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في مراقبة أداء الحكومة.

وإلى جانب الإصلاحات السياسية، تركز الحكومة الكويتية على تنفيذ خطط اقتصادية تهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية وتقليل الاعتماد على النفط. وشملت الإجراءات الأخيرة مراجعة سياسات الدعم الحكومي، وإطلاق مشاريع استثمارية جديدة، بالإضافة إلى تعديل بعض القوانين الخاصة بالضرائب والاستثمار لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

وكان ذلك لافتاً في خطاب أمير الكويت، الذي أعلن فيه تعليق بعض مواد الدستور، وتأكيده على أن الفساد انتشر في العديد من مرافق الدولة، بما في ذلك المؤسسات الأمنية والاقتصادية، مؤكداً أن “لا أحد فوق القانون” وأن كل من تورط في المساس بالمال العام سيحاسب “أياً كان موقعه أو صفته”.

وتواجه الكويت تحديات اقتصادية متزايدة، في ظل تراجع الإيرادات النفطية وتباطؤ وتيرة الإصلاحات المالية، ما أثر على قدرة الحكومات المختلفة التي مرت عليها البلاد على تنفيذ الإصلاحات بطريقة شفافة.

الخيارات المطروحة

وهذا التعليق كان الثالث في تاريخ الحياة السياسية في الكويت، حيث سبق أن اتُخذ إجراء مشابه لأول مرة عام 1976، ومرة أخرى عام 1986، وفي المرتين السابقتين تمت العودة للعمل بدستور عام 1962. كما أنها المرة الثالثة عشر التي يُحل بها مجلس الأمة.

ولطالما كانت العلاقة متوترة بين مجالس الأمة والحكومات المتعاقبة في الكويت، ويرى كثيرون أن هذا التوتر المستمر، جعل البلاد في حال “شبه شلل سياسي واجتماعي وقانوني”، إذ يؤخر برأيهم، اتخاذ قرارات سياسية واجتماعية، وسن قوانين جديدة تراعي شؤون المواطن الكويتي واحتياجاته.

ولم يقدم الأمير في خطابه الأخير تفاصيل حول شكل البرلمان الجديد أو الآلية التي سيتم اعتمادها لاستئناف الحياة البرلمانية، لكن هناك عدة سيناريوهات مطروحة للمرحلة المقبلة، من بينها:

–  إعادة العمل بالدستور تدريجياً، مع إدخال تعديلات على بعض المواد الدستورية لضمان استقرار العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

–  إجراء انتخابات نيابية وفق قواعد جديدة، تشمل تعديلات على قانون الانتخابات وآليات تشكيل الحكومة، لضمان عدم تكرار الأزمات السياسية التي شهدتها الكويت في السنوات الماضية.

–  تمديد فترة تعليق بعض مواد الدستور، إذا رأت القيادة السياسية أن المرحلة الحالية لا تزال تتطلب المزيد من الوقت قبل إعادة العمل بالمؤسسات التشريعية.

خطوات تعزز الاستقرار السياسي

الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي عايد المناع، أكد أن عودة الحياة النيابية في الكويت ممكنة بعد مرور أربع سنوات، وهي الفترة اللازمة لإنجاز الإصلاحات التي أشار إليها أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في كلمته خلال العشر الأواخر من شهر رمضان.

ويرى المناع، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين” أن الصورة السياسية لم تتضح بشكل كامل حتى الآن، مستدركاً “لكن الأمير الشيخ مشعل أكد التزامه بالنهج الديمقراطي وعودة النشاط النيابي بعد استكمال الإصلاحات الضرورية”.

وبين المناع أن في مقدمة هذه الإصلاحات “ملف الجنسية الكويتية الذي شهد خلال المراحل السابقة تجاوزات وأخطاء متعددة”، بحسب قوله.

وأوضح أن أمير الكويت أكد على أهمية إعادة الأمور إلى نصابها القانوني الصحيح، من خلال معالجة ملف الجنسية الذي تضمن الكثير من الحالات غير القانونية أو التي شابتها عمليات تزوير أو تقديم معلومات خاطئة.

واستشهد المناع بخطاب أمير الكويت الذي توقع فيه أن هذه الخطوات الإصلاحية ستُعيد الكويت “لأهلها الأصليين”، بحسب تعبير الأمير.

وأضاف أنه خلال الفترة الماضية، شهدت البلاد إجراءات مكثفة، من بينها سحب وإسقاط الجنسية الكويتية عن عدد كبير من الأشخاص، بسبب حصولهم عليها بطرق غير قانونية أو استناداً إلى وثائق مزورة أو غير مكتملة المتطلبات.

وتوقع المناع أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى عودة الحياة النيابية بشكل طبيعي فور انتهاء الإجراءات التصحيحية التي أعلن عنها أمير البلاد، “مما يعزز الاستقرار السياسي ويُرسخ مبادئ الديمقراطية في الكويت”، على حدّ قوله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى