بعد تصريحاته المتكررة.. هل يدعم ترامب حُلم “إسرائيل الكبرى”؟
تثير تصريحات ترامب حول إمكانية توسيع مساحة “إسرائيل” حالة من الغضب في الأوساط العربية رسمياً وشعبياً.
منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضي، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدّة تصريحات حول “توسعة رقعة إسرائيل”، وهي التصريحات التي تثير الكثير من التساؤلات، والمخاوف في الأوساط العربية.
وبالرغم من أنه لم يطلق تصريحاً صريحاً بخصوص ضم الضفة الغربية، أو غزة، أو مناطق أخرى لـ”إسرائيل”، إلا أن الصفة المبهمة لتصريحاته، تعكس جانباً مقلقاً من توجهاته المستقبلية تجاه القضية الفلسطينية.
تصريحات ترامب تحظى بقبول وترحيب كبير في الأوساط الإسرائيلية، في الوقت الذي تثير توجس الدول العربية، وتؤسس من وجهة نظر خصوم “إسرائيل” لمرحلة صراع جديدة قد تكون أكثر دموية.
مساحة صغيرة
في المكتب البيضاوي تحدث ترامب (الاثنين 3 فبراير) للصحفيين حول صِغر مساحة “إسرائيل”، قبل يوم فقط من لقاءه برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يزور واشنطن.
ترامب رد على الصحفيين حينما سؤل عما إذا كان يؤيد ضم “إسرائيل” لضم الضفة الغربية، قائلاً: “لن أتحدث عن ذلك، لكن مساحة إسرائيل صغيرة جداً”.
وقال ترامب: ” مكتبي يشبه الشرق الأوسط، وهل ترى هذا القلم في يدي إنه جميل جداً بالمناسبة، إسرائيل تشبه رأس هذا القلم فقط، وهذا ليس جيداً، أليس كذلك؟ لقد استخدمت هذا تشبيهاً، وهو تشبيه دقيق جداً في الواقع، إنها دولة صغيرة جداً، ومن المذهل أنهم تمكنوا من تحقيق ما حققوه، إنها بالفعل مساحة صغيرة جداً”.
لكن أحدث تصريحاته وأخطرها، كان خلال مؤتمر صحفي مع نتنياهو (الثلاثاء 4 فبراير) حينما أشار إلى إمكانية أن تسيطر الولايات المتحدة على غزة، مكرراً التأكيد على أن سكان غزة سيرحلون من القطاع.
وفي منتصف أغسطس الماضي، أي أثناء حملته الانتخابية، قال ترامب إن “مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكّرت كيف يمكن توسيعها”.
لكن تصريحات الرئيس الأمريكي المتكررة حول ذلط، تتوافق مع الحلم الصهيوني القديم الجديد المعروف بـ”إسرائيل الكبرى”، والذي يتضمن ضم الضفة وغزة وسيناء وأجزاء من الأردن وسوريا ولبنان والسعودية، وتحدث عنه صراحةً عدة قادة إسرائيليين.
وتفاعل اليمين المتطرف مع تصريحات ترامب الأخيرة حول الضفة وغزة، ودعوا لاستغلال الفرصة وتحويل تلك التصريحات إلى واقع على الأرض.
وفي أواخر يناير الماضي، قالت الرئيسة السابقة للقناة الثانية الإسرائيلية، يوليا شمالوف باركوفيتش إن “على ترامب توسيع طلبه بتهجير سكان غزة، ليشمل أماكن أخرى في العالم” موضحة أن “عرب إسرائيل الذين يسمون أنفسهم فلسطينيين وليس إسرائيليين مصيرهم إلى الخارج”.
كما بارك خطة ترامب لتهجير سكان غزة، كلاً من وزير الامن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، مطالبين بتنفيذها.
الواقع على الأرض
وتتزامن هذه التصريحات، مع استمرار حركة الاستيطان في الضفة الغربية حيث أطلق الجيش الاسرائيلي عملية عسكرية واسعة منذ 21 يناير الماضي في الضفة الغربية، في محاولة لتكرار “سيناريو غزة” بشكل مصغّر في جنين وطولكرم.
ويزداد الأمر خطورة، مع دراسة الكونغرس الأمريكي لمقترح لمحو اسم الضفة الغربية إلى “يهودا والسامرة”، من جميع الاتصالات والقوانين الحكومية، كما ينص على أن الأراضي جنوب القدس “يهودا” والأراضي الواقعة شمالها “السامرة”.
وبالرغم من أنها تصريحات ترامب ليست جديدة، إلا أنها من وجهة نظر الخبير في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور “خطيرة” موضحاً لـ”الخليج أونلاين”:
-
الخطورة أن تصريحات ترامب تأتي في ظل حكومة إسرائيلية متطرفة تتبناه بشكل علني، وأيضا في ظل واقع معيشي سيء في الضفة.
-
كما أن الخطورة أيضاً أن تصريحاته تأتي في ظل استمرار الاحتلال في خلق حالة من الإفقار والتقطيع، إلى جانب الهجمة الآن على شمال الضفة، والدمار الهائل في غزة.
-
الاحتلال خلق الأرضية لهذه التصريحات لتمهيد تنفيذها، والتصدي لتلك المخططات أولوية قصوى.
-
التصدي لمخطط ترامب ليس من خلال التصريحات، بل من خلال خلق أجواء لتثبت الناس في بلادها، كاستقرار في حكم، وخلق واقع معيشي يمكن الناس من البقاء على الأرض، وهذه مهمة فلسطينية تحتل الأولوية الآن.
-
توسيع مساحة “إسرائيل” ليس بالضرورة سيكون على حساب ضم مزيد من الأراضي، لأن الضم سيتم من خلال طرد الفلسطينيين وإقصائهم، وإلغاء وجودهم ونفيهم.
-
ترامب يتبنى بشكل كامل، ما يسعى له اليمين الإسرائيلي، وما يدعو له سموتريتش، والمتطرفين من قادة المستوطنين.
-
هذه التوجهات ستفشل والعديد من العوامل تؤكد ذلك، أولاً كونها غير واقعية، وثانياً أنا تتناقض مع القانون الدولي، ومع مصالح المنطقة وشعوبها، ومع الأنظمة الحقيقية للولايات المتحدة.
تأزيم الموقف
من جانبه يرى المحلل السياسي الأردني حازم عياد، أن تصريحات ترامب، استفزازية بالمجمل، ولا تفضي إلى تقديم حلول سياسية، وإنما إلى تأزيم الموقف، ورفع مستوى التوتر في الإقليم.
لكنه نوّه إلى أنه “لا يمكن تنفيذ هذه المخططات عبر التصريحات الاستفزازية، بل عبر القوة المسلحة ومزيد من عمليات القتل والإبادة للفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو غزة.
وأضاف عياد في تصريحات لـ”الخليج أونلاين”: “هذه التصريحات، لها معنى واحد، هي أن أمريكا تريد الذهاب إلى الحرب، وهذه هي الطريقة الوحيدة لتنفيذ هذه المخططات، وهذا سيقود إلى التصعيد من قبل المقاومة” موضحاً:
-
من المستحيل أن تحقق تلك التصريحات غاية الضغط من أجل التفاوض.
-
تصريحات ترامب الاستفزازية تفضي إلى اتخاذ الدول العربية وعلى رأسها السعودية ودول الاعتدال مواقف دفاعية، وحذرة في التعامل مع إدارة ترامب.
-
تصريحات الرئيس الأمريكي تقود الجانب الفلسطيني إلى مزيد من التشدد، وبالتالي فإنها غير مفيدة البتة في المرحلة الحالية.
-
تصريحات ترامب لا تخدم عملية خفض التصعيد، ولا تساعد في تحقيقه، وتعكس قلة دراية بالمنطقة، ورغبة في استرضاء اليمين الإسرائيلي، واليمين داخل أمريكا.
-
بانتظار أن نرى إن كان في المقابل سيمارس الرئيس الأمريكي ضغوطاً على نتنياهو، لإجباره على المضي قدما في مفاوضات المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وإن كان سيضع كوابح أمام نتنياهو للذهاب إلى حرب مع إيران.
-
هذه التوجهات لا تساعد كثيراً على خفض التوتر في الإقليم، وعلى ترامب أن يعيد النظر في هذه الاستراتيجية.
-
هناك شعوب يمكن أن تستفز بهذه التصريحات، وهناك قوى حية، وقوى دون الدولة، ستعتبر هذه التصريحات، عبارة عن عدوان على المنطقة.
-
سترفع تلك التصريحات من مستوى المواجهات على الأرجح، خصوصاً في الضفة الغربية، وهناك اعتقاد لدى كثير من الفلسطينيين أن المستهدف هي الضفة الغربية.
-
هذه التصريحات لا تساعد على المضي قدماً في وقف إطلاق النار بغزة، ولا على تحقيق أي اختراق فيما يتعلق بعملية السلام وحل الدولتين.
-
ترامب مشوش، ولا يملك رؤية للمنطقة، رؤيته فيها قدر كبير من الحمق، وعدم الإدراك لخطورة ما يتلفظ به في المنطقة العربية، وهناك امتعاض على مستوى العالم من تصريحاته الاستفزازية.