الاخبار

بالتكنولوجيا والشراكات الدولية.. الإمارات تعزز خطط توسعة قطاع الغاز

مشاريع تخزين الغاز في الإمارات تساهم بتخفيض الانبعاثات وتحقيق الاستقرار بإمدادات الطاقة

تعد الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الرائدة في قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي تعتمد فيه اقتصاديات العديد من دول الخليج بشكل كبير على النفط، تعمل الإمارات على تنويع مصادرها الطاقوية من خلال تعزيز قدراتها في قطاع الغاز الطبيعي.

يعد الغاز الطبيعي مصدراً استراتيجياً للطاقة النظيفة نسبياً، وله أهمية اقتصادية وجيوسياسية كبيرة، ومن هنا تأتي أهمية تطوير بنية تخزين الغاز، باعتبارها جزءاً من الجهود الوطنية لتعزيز الأمن الطاقوي وتوفير مصادر طاقة موثوقة لتلبية الاحتياجات المستقبلية.

شراكات واسعة

خلال السنوات الأخيرة، وقعت الإمارات على العديد من الصفقات والشراكات الدولية بهدف تعزيز قطاع الغاز الطبيعي، ومن بين هذه الصفقات تلك التي تناولتها وسائل الإعلام بوصفها “صفقة تاريخية”، والتي تمهد لتعزيز قدرات الإمارات في تخزين الغاز وضمان استدامته على المدى الطويل، لكن هذه الصفقة ليست سوى جزء من الجهود الإماراتية المستمرة لتطوير هذا القطاع المهم.

وكانت هذه الصفقة في 8 أكتوبر بين مؤسسة دبي للبترول (DPE) وشركة “بيكر هيوز” الأمريكية بهدف تعزيز قدرات تخزين الغاز في الإمارات وتقليل الانبعاثات، وفقاً لبيان صحفي للمؤسسسة الإماراتية.

وذكرت شركة “بيكر هيوز” الأمريكية أنها ستعمل بموجب الاتفاقية على مؤسسة دبي للبترول بـ 10 وحدات من الخط الضاغط المتكامل.

وذكرت الشركة، المتخصصة في تكنولوجيا الطاقة، أن هذا الطلب، الذي يعد الأكبر في تاريخها، تم حجزه في الربع الثالث من عام 2024 لتعزيز موثوقية إمدادات الطاقة ودعم جهود تقليل الانبعاثات الكربونية محلياً، وسيتم تركيب الوحدات العشر في منشأة التخزين في حقل غاز مرغم، الذي يُعد أكبر حقل غاز بري في دبي، ما سيزيد من سعة التخزين بشكل كبير.

ويقع حقل غاز “مرغم” على بعد حوالي 55 كيلومتراً من دبي على طريق دبي-حتا، هو أكبر حقل غاز بري في دبي ويضم ثلاثة تكوينات جيولوجية تحتوي على الغاز على عمق يزيد عن 10 آلاف قدم.

وتتضمن الوحدات المطلوبة 5 وحدات لتخزين الغاز و5 وحدات لدعم عمليات الحقن المزدوج أو تصدير الغاز إلى نظام التوزيع الحالي، فيما يهدف المشروع إلى تحقيق نظام موثوق وفعال في الحد من الانبعاثات، حيث يوفر استقراراً في إمدادات الطاقة في دبي من خلال إمكانية التحول بين الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية.

ومن جانبه، علّق نائب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا الصناعية والطاقة في بيكر هيوز، غانش راماسوامي، قائلاً: “من المقرر أن تكون تقنية الخط الضاغط المتكامل المبتكرة لدينا حاسمة لدعم البنية التحتية للغاز، اللازمة لمعالجة التوسع المتزايد في دبي للطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لديها”.

وأضاف راماسوامي أن هذا الطلب التاريخي يؤكد الثقة المستمرة في الحلول منخفضة الكربون التي تقدمها الشركة، مشيراً إلى النجاح الذي حققته الشركة منذ تشغيل ثلاث وحدات خط ضاغط متكامل في عام 2020.

أهمية كبيرة

ويرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي أحمد صدام، أن أهمية توسع الإمارات في قطاع الغاز تتمثل في رفع مستوى القيمة المضافة، من خلال استثمار الغاز غير التقليدي، مشيراً إلى تقديرات استثمار هذا النوع من الغاز سوف يرفع مستوى الإنتاج إلى مليار قدم مكعب قياسي يومياً.

والغاز غير التقليدي هو الغاز الطبيعي الذي يتم استخراجه من مصادر أو مكامن صخرية غير تقليدية مقارنة بالغاز الطبيعي التقليدي. ويتطلب استخراجه تكنولوجيا متقدمة وتقنيات متخصصة مثل التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي.

ويوضح الخبير صدام في تصريحات لـ”الخليج أونلاين” بأن هذا يعني تسريع عملية تحقيق الاكتفاء الذاتي ويخلص الدولة من الغاز المستورد، من قطر مثلاً، الذي يقدر بحدود 67 مليار قدم مكعب، ما يؤدي إلى تحقيق فوائض مالية بالإضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية لقطاع الطاقة بشكل عام.

ويلفت صدام إلى أن مشاريع تخزين الغاز الجديدة تساهم في تخفيض مستوى الانبعاثات، فضلاً عن تحقيق الاستقرار في إمدادات الطاقة، وذلك من خلال رفع مستوى القدرات التخزينية.

ويضيف بأن تأثير توسع إنتاج الطاقة يتمثل في تعزيز مستوى التنويع الاقتصادي وتحفيز شركات الغاز لتوسيع استثماراتها في مجال الغاز غير التقليدي في الإمارات.

ويؤكد صدام أن هذه الخطوة تعد حافزاً مهماً لرفع مستوى الاستثمار الأجنبي ونقل التكنولوجيا إلى قطاع الغاز الإماراتي، بما يرفع من مستوى مساهمة الغاز في الناتج المحلي الإجمالي.

1

مساع للتوسع

الصفقة الأخيرة التي أبرمتها الإمارات لتوسيع قدرات تخزين الغاز تأتي في سياق أوسع ضمن جهود الدولة لتطوير البنية التحتية الطاقوية، فقد تم توقيع العديد من الشراكات بين شركات إماراتية رائدة في قطاع الطاقة مثل “شركة بترول أبوظبي الوطنية” (أدنوك)، وبين شركات دولية متخصصة في تخزين الغاز الطبيعي المسال.

وتهدف هذه الصفقات إلى بناء منشآت تخزين ضخمة تمكن الإمارات من الاستفادة من فائض إنتاج الغاز في أوقات معينة وتوفيره عند الحاجة، مما يعزز مرونة النظام الطاقوي في الدولة.

إلى جانب ذلك، تتطلع الإمارات إلى تعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية من خلال تطوير هذه المنشآت، مما يمكنها من لعب دور أكبر في تزويد الدول الأخرى بالغاز الطبيعي المسال خاصةً في أوقات الذروة أو الطوارئ.

وأعلنت شركة “أدنوك للغاز بي إل سي” الإماراتية، المتخصصة في معالجة الغاز، في 15 يوليو الماضي، عن إرساء عقود بقيمة 550 مليون دولار لتوسعة مشروع شبكة خطوط أنابيب الغاز الطبيعي “استدامة” في الإمارات.

وقد تم منح عقود الهندسة والمشتريات والبناء لكل من “الجرافات البحرية الوطنية” وشركة “جلفار” للهندسة والمقاولات.

ووفقاً لوكالة أنباء الإمارات “وام”، تم اتخاذ قرار بنقل ملكية مشروع “استدامة” من “أدنوك للغاز” إلى شركة أبوظبي الوطنية للنفط “أدنوك”، بهدف تعزيز كفاءة الإنفاق الرأسمالي.

وسيُعاد توجيه حوالي 70% من قيمة العقود لدعم الاقتصاد المحلي ضمن “برنامج أدنوك لتعزيز المحتوى المحلي”، مما يسهم في تنويع النمو الاقتصادي الوطني.

أرقام طموحة

وأعلنت “أدنوك” في أغسطس الماضي، عن ترسية عقد بين شركتي “الإنشاءات البترولية الوطنية” و”تكنيكاس ريونيداس إس إيه أبوظبي” بقيمة 3.6 مليارات دولار لتوسعة البنية التحتية لمعالجة الغاز في البلاد.

وأضافت أن “أعمال العقد تشمل تشغيل مرافق جديدة لمعالجة الغاز لتوفير إمدادات موثوقة من المواد الوسيطة لمجمع الرويس الصناعي”.

قال رئيس شركة “أدنوك” الإماراتية للغاز، أحمد العبري، في مقابلة خاصة مع “CNBC عربية” الاقتصادية، في شهر مارس من العام الماضي، إن الشركة تخطط لزيادة إنتاجها بمقدار 3 مليارات قدم مكعبة قياسية يومياً، معرباً عن توقعه بأن يزيد الطلب بنحو 25% خلال 20 إلى 25 سنة مقبلة.

وقد أعلنت الشركة عن نتائجها المالية للربع الثاني من 2024، محققةً صافي دخل بلغ 1.18 مليار دولار، بزيادة نسبتها 21% على أساس سنوي.

وبحسب وكالة أنباء الإمارات “وام”، فقد سجلت إيرادات الشركة في الربع الثاني زيادة قدرها 13% على أساس سنوي، وبلغت 6.07 مليارات دولار.

وتطمح الإمارات إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول عام 2030، وصولًا إلى رفع حصته في مزيج الطاقة لـ38% عام 2050.

وخلال عام 2023 نجحت الإمارات في رفع احتياطيات الغاز الطبيعي إلى 8.213 تريليون متر مكعب، وذلك بدعم الغاز غير التقليدي القابلة للاستخراج. وفق بيانات وحدة أبحاث الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى