الاخبار

بأرقام كبيرة.. التعدين “كلمة السر” في تحول الطاقة السعودي

تخطط السعودية لعرض 50 ألف كيلومتر مربع لاستكشاف المعادن خلال العام الجاري 2025

ينصب التركيز على قطاع التعدين في السعودية، بوصفه “كلمة السر” في عملية تحول الطاقة، بعيداً عن مصادر الوقود الأحفوري، حيث تدعم عقود التعدين واكتشافات الغاز الطبيعي إيرادات المملكة من المصادر الأحفورية، في إطار خطتها لتنويع الموارد الاقتصادية.

وعلى مدار عقود طويلة، اعتمد اقتصاد المملكة العربية السعودية على صادرات النفط، لكن في السنوات الأخيرة تعمل الرياض على تنويع مصادر دخلها، عن طريق استخراج المعادن الثمينة المخبأة تحت رمال صحاريها الشاسعة.

وتمثل قيمة المعادن في السعودية ثروة استراتيجية بالغة الأهمية؛ إذ تُعد المملكة من أغنى دول العالم بمواردها المعدنية المتنوعة، ومع إطلاق استراتيجيات متطورة للمسح الجيولوجي وتنظيم القطاع، تمكنت السعودية من تعزيز مكانتها بصفتها وجهة عالمية جاذبة للاستثمار في التعدين.

50 ألف كيلو متر

تخطط السعودية لعرض 50 ألف كيلومتر مربع لاستكشاف المعادن خلال العام الجاري 2025، بعد عرض مساحة إضافية للاستكشاف خلال عام 2024 تزيد بـ10 أضعاف عن 2023.

جاء ذلك خلال مقابلة (12 يناير 2025) لنائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين في السعودية خالد المديفر مع “العربية Business”، حيث أشار إلى أن استراتيجية القطاع وفقاً لرؤية 2030 بدأت على ثلاث مراحل في عام 2018.  

وذكر المديفر أن المملكة نفذت عملية المسح الجيولوجي في واحدة من أكبر العمليات عالمياً ببرنامج المسح الجيولوجي العام. 

وأكد أنه تم تأسيس شركات جديدة نصفها تقريباً باستثمارات أجنبية، “وكان لدينا شركة واحدة في عام 2018 و2015 للاستكشاف هي شركة معادن وحالياً يوجد بالمملكة 33 شركة، وزاد عدد الشركات في السوق الأسهم السعودية المسجلة في قطاع التعدين بنحو 85%، ونمت إيرادات هذه الشركات بشكل كبير جداً”.

وأشار إلى طرح العديد من المزادات، حيث بدأت بمزاد واحد في عام 2022 ثم زادت بشكل كبير في كل سنة بزيادات كبيرة حتى وصلت في عام 2024 خمسة أمثال عام 2023 بطرح نحو 10 آلاف كيلو متر مربع لاستثمارات الاستكشاف.

وفي 14 يناير، وقعت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون مع 6 دول، في خطوة نوعية تستهدف تعزيز الشراكات الدولية وتطوير قطاع التعدين والمعادن في المملكة.

وجاء التوقيع على هامش الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين الذي انعقد ضمن أعمال “مؤتمر التعدين الدولي” في نسخته الرابعة بالرياض، بحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”.

وخلال مؤتمر التعدين الدولي، استعرض وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، الإنجازات التي حققتها المملكة في قطاع التعدين؛ منها إطلاق مبادرات نوعية مثل برنامج تمكين الاستكشاف، الذي أسهم في تنفيذ أكثر من 440 ألف متر من الحفر، والبدء باستكشاف مناطق جديدة تغطي أكثر من 50 ألف كيلومتر مربع، من المناطق المعدنية الواعدة، وإطلاق استوديو الابتكار في التعدين، الذي يعد خطوة جديدة نحو تحويل الرياض إلى مركز عالمي للابتكار في هذا المجال.

جهود مبكرة

ولعل جهود الكشف عن المعادن في السعودية بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حينما وجه الملك عبدالعزيز آل سعود، الجيولوجي الأمريكي كارل س. توتشل، في أبريل عام 1931، بالبحث عن المياه والمعادن.

أما المرحلة الأساسية من الاكتشاف فقد بدأ عام 1998 بتأسيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وواصلت المملكة تطوير قطاع التعدين باستعمال تقنيات حديثة، مع التركيز على المعادن الفلزية والصخور الصناعية.

وشهد عام 1997، تأسيس شركة معادن لتطوير قطاع التعدين، وبدءاً من طرح 50% من أسهمها للاكتتاب العام عام 2008، أصبحت الشركة أكبر مستثمر في استكشاف المعادن بالمملكة.

وحالياً بموجب رؤية “المملكة 2030″، يعد قطاع التعدين في السعودية الركيزة الثالثة في الاقتصاد الوطني، بعد قطاعي النفط والبتروكيماويات، وسط توقعات بإسهامه في الناتج المحلي بـ64 مليار دولار.

حوافز كبيرة

ويُعد نظام الاستثمار التعديني في السعودية من أكثر الأنظمة تنافسية على مستوى العالم؛ إذ يمنح المستثمرين حوافز ضخمة؛ منها إعفاءات ضريبية تصل إلى 5 سنوات، وتمويل يصل إلى 75% من تكاليف رأس المال، وإعفاء من الرسوم الجمركية على المعدات والمواد الخام.

وفي مؤتمر التعدين الدولي العام الماضي (2024)، أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية حوافز إضافية بقيمة 685 مليون ريال (182.5 مليون دولار) تستمر حتى 2030، لدعم شركات الاستكشاف الجديدة وتعزيز قيمة المعادن في السعودية.

وارتفعت قيمة الثروات المعدنية المقدرة في السعودية بنسبة 90%، لتصل إلى ما يعادل 9.375 تريليونات ريال (2.5 تريليون دولار)، وفق تصريحات وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر بن إبراهيم الخريف.

وتهدف السعودية للتوسع في استكشاف الثروات المعدنية التي تنتشر في أكثر من 5300 موقع.

تحدي كبير

يؤكد الخبير الاقتصادي أحمد صدام، أن التوجه نحو قطاع التعدين أصبح “جزءاً رئيسياً ضمن رؤية المملكة لعام 2030 بهدف رفع مستوى تنويع الاقتصاد”.

ويشير في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن “المملكة تعمل على استغلال الثروات المعدنية التي تمتلكها في أرضها الشاسعة مثل الذهب والنحاس والحديد والفوسفات”.

ويرى أن هذا التوجه “مهم جداً نظراً لدور قطاع التعدين في خلق فرص عمل للمواطنين السعوديين، خاصة في المناطق الريفية والنائية التي تحتوي على العديد من الموارد المعدنية”.

وإلى جانب ذلك، يؤكد وجود “تزايد في الطلب العالمي على المعادن”، لافتاً إلى أن المملكة تسعى لأن تكون مصدراً كبيراً لهذه المعادن. 

ومع ذلك يشير إلى أن السعودية تواجه تحديات مختلفة أبرزها “مدى إمكانية وجود البنية التحتية في دعم عمليات التعدين، بما في ذلك إنشاء مناطق صناعية وموانئ خاصة بتصدير المعادن”.

كما أكد ضرورة الحاجة إلى وضع سياسات “أكثر جذباً للاستثمار الأجنبي في قطاع التعدين بما يسهم في توفير التكنولوجيا والخبرة العالمية التي تشكل أيضاً تحدياً كبير للاستثمار في هذا القطاع”.

تصنيف عالمي متقدم

خلال الأعوام ما بين 2018 و2023، حققت السعودية تصنيف الدولة الأسرع تطوراً في البيئة الاستثمارية بقطاع التعدين وفقاً لتقرير مخاطر الاستثمار الصادر عن “مايني هوتي” (MineHutte) بالتعاون مع “مايننغ غورنال”.

كما أصبحت المملكة ثاني أكبر دولة عالمياً في مؤشر منح الرخص التعدينية؛ ما يعكس تقدمها الكبير في مجال السياسات المالية والتنظيمية.

وعبر خططها الطموحة، تسعى السعودية إلى أن تصبح مركزاً عالمياً للتعدين بحلول 2030، معززة دور القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص وظيفية جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى