انعقاد أول قمة بين دول الخليج و”آسيان” والصين في ماليزيا

تهدف القمة إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والطاقة، والتكنولوجيا، وسلاسل الإمداد، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للدول المشاركة.
جرى في العاصمة الماليزية كوالالمبور، اليوم الثلاثاء، انعقاد القمة الثلاثية الأولى بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) والصين.
وعقدت القمة برئاسة مشتركة بين ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، ورئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، ورئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ.
ووصف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، القمة بأنها تمثل حدثاً استثنائياً بكل المقاييس، وتعكس إدراكاً مشتركاً لأهمية تعزيز التشاور السياسي، وتبادل الرؤى حول قضايا السلم والتنمية الاقتصادية، وترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وأوضح في كلمته خلال القمة، أن مجلس التعاون يواصل مسيرته بثقة نحو تعزيز التنمية المستدامة وترسيخ السلم والاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أنه احتفل مؤخراً بمرور 44 عاماً على تأسيسه، مواصلاً توسيع شراكاته مع الدول والمجموعات الدولية، لاسيما الدول الآسيوية التي تربطها مع دول المجلس علاقات تاريخية وحضارية ومصالح اقتصادية متبادلة في مجالات التجارة، وسلاسل الإمداد، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة.
وأشار البديوي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لتكتلات الخليج و”الآسيان” والصين يتجاوز 24 تريليون دولار، ما يمثل أكثر من 22% من الناتج العالمي، مع توقعات بنمو سنوي يتراوح بين 4 و6% حتى عام 2030، مدفوعاً بالتحول الرقمي، والطاقة النظيفة، وسلاسل التوريد الذكية.
كما ذكر أن حجم التجارة بين دول مجلس التعاون وكل من الصين و”الآسيان” بلغ نحو 347 مليار دولار في عام 2023، وهو ما يمثل أكثر من ثلث تجارة دول الخليج مع العالم، مع وجود مؤشرات واضحة على تجاوز هذا الرقم 500 مليار دولار بحلول عام 2030، في ظل تصاعد الشراكات القطاعية وتحرير الأسواق.
وفيما يخص العلاقات مع الصين، أشار البديوي إلى أنها تشهد تطوراً متسارعاً، لا سيما بعد القمة الخليجية الصينية الأولى التي استضافتها الرياض في ديسمبر 2022، والتي أسفرت عن اعتماد خطة العمل المشترك (2023-2027) التي تغطي مجالات التعاون السياسي، والاقتصادي، والطاقة، والفضاء، والبيئة، والزراعة، والتعليم، والسياحة، والتكنولوجيا، والأمن السيبراني، مؤكداً أن الصين تُعد من أهم الشركاء التجاريين لدول المجلس.
وتطرق أيضاً إلى التهديدات المتزايدة في البحر الأحمر وخليج عدن، والتي تمس مصالح التجارة العالمية وأمن الطاقة، مشدداً على ضرورة تبني موقف دولي موحد لحماية الممرات المائية وضمان حرية الملاحة، والتصدي للقرصنة والاعتداءات، والتدخلات الخارجية، وفقاً للقانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وزير الخارجية السعودي: القمة خطوة متقدمة
من جانبه أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن القمة تمثل خطوة متقدمة في مسيرة التعاون التي بدأت مع القمة الأولى لدول مجلس التعاون ورابطة الآسيان في الرياض عام 2023.
وأكد خلال كلمته الالتزام بدعم نمو اقتصادي طويل الأجل يتسم بالشمولية والاستدامة، ويشمل جميع فئات المجتمع ويحافظ على التوازن البيئي. وقال: “نسعى إلى تسريع التحول نحو الطاقة منخفضة الكربون، والنظيفة، والمتجددة، والاستفادة من مبادرات الحزام والطريق الصينية لدعم الترابط الإقليمي، وتكامل دول الآسيان مع دول مجلس التعاون”.
وتحدث أيضاً عن سعي المملكة تطوير الاقتصاد الرقمي عبر تمكين الشركات الناشئة، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز برامج التبادل بين الشعوب، لبناء اقتصادات مرنة تعزز الابتكار والشمولية.
وأضاف أيضاً أن المملكة ملتزمة من خلال رؤية 2030 بتعزيز بيئة استثمارية جاذبة، وتسهيل حركة التجارة، وتذليل العقبات أمام التبادل التجاري.
وعبّر عن تطلعه من خلال هذه القمة إلى توسيع التعاون بين الدول المجتمعة في كافة المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك بهدف بناء شراكة استراتيجية طويلة الأمد تعود بالنفع على شعوبنا وتعزز مكانتنا في المجتمع الدولي.
وشدد على ضرورة العمل الجماعي لتحقيق حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وضرورة بذل كل جهد ممكن في سبيل وقف الحرب والتوصل لحل سلمي مستدام في أوكرانيا.
يُذكر أن هذه القمة تأتي في إطار جهود دول آسيان لتعميق التكامل الاقتصادي الإقليمي، وتنويع أسواقها، والبقاء موحدة لمعالجة تداعيات اضطرابات التجارة العالمية الناتجة عن الزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية الأمريكية.
كما تهدف القمة إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والطاقة، والتكنولوجيا، وسلاسل الإمداد، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للدول المشاركة.
وتسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية بعيداً عن الاعتماد التقليدي على الأسواق الغربية، مع التركيز على تعزيز العلاقات مع دول آسيا، خاصة الصين وآسيان.