الاخبار

انعدام لفرص الحياة.. الدمار يجبر سكان شمال غزة على النزوح مجدداً

– يعاني السكان العائدون إلى شمال قطاع غزة من انعدام تام للخدمات الأساسية.

– الأوضاع الإنسانية لم تتحسن في شمال القطاع أو حتى جنوبه رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

بعد ثلاثة أيام من عودة محمد الكرد وعائلته إلى بلدة بيت حانون، أقصى شمال قطاع غزة، من مناطق جنوب القطاع، اضطروا إلى العودة مجدداً إلى مكان نزوحهم الأول خلال الحرب، بسبب تدمير الاحتلال الإسرائيلي لمنزلهم وعدم توفر أي خدمات أساسية تساعدهم على العيش بالحد الأدنى، خاصة المياه.

وتعكس قصة محمد الكرد وعائلته معاناة آلاف العائلات الفلسطينية التي اضطرت للنزوح بسبب الحرب الأخيرة، حيث تسببت الغارات والقصف الإسرائيلي الهائل في تدمير غالبية المنازل بمحافظة شمالي قطاع غزة ما جعل العودة إليها شبه مستحيلة.

انعدام لفرص الحياة

ورغم مرور أسبوعين على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فإن الأوضاع الإنسانية لم تتحسن في شمال القطاع أو حتى جنوبه، ولم يتم توفير المنازل المؤقتة (الكرفانات) أو الخيام، وهو ما اضطر العائلات إلى العودة إلى مناطق نزوحها بحثاً عن المأوى والخدمات الأساسية.

ويعاني السكان العائدون إلى شمال غزة من انعدام تام للخدمات الأساسية، وأبرزها المياه الصالحة للشرب والكهرباء والصرف الصحي، مما يشكل خطراً على حياة الأطفال، ويتسبب في زيادة معدلات الأمراض في ظل عدم توفر مياه نظيفة أو خدمات صحية مناسبة.

كابد محمد الكرد، الذي قابله مراسل “الخليج أونلاين” في منطقة نزوحه في المواصي غرب خان يونس جنوب القطاع، صعوبة الطريق مشياً على الأقدام لمسافة 8 كيلومترات على طريق “الرشيد” الساحلي خلال عودته إلى جنوب غزة، من أجل العودة إلى مكان خيمته وإكمال حياته إلى حين تحسن الأوضاع الإنسانية في الشمال.

وسمح جيش الاحتلال للنازحين بالتنقل بين جنوب قطاع غزة وشماله عبر طريق الرشيد الساحلي، مشياً على الأقدام، وفي المركبات عبر طريق صلاح الدين بعد الخضوع لتفتيش من قبل الوسطاء.

ويقول الكرد: “حياة النزوح في جنوب قطاع غزة، رغم صعوبتها، كانت أكثر استقراراً من العودة إلى أنقاض منزلي في بيت حانون، حيث لا يوجد مكان حتى لإقامة الخيمة، أو مياه للشرب، أو لاستخدامات الحمامات والنظافة”.

كما واجه الكرد خلال وجوده في شمال قطاع غزة أزمة كبيرة تتجسد في غياب المساعدات الغذائية والطبية، حيث دمرت البنية التحتية بشكل شبه كامل، ما جعل توصيل المساعدات إلى المناطق المنكوبة تحدياً كبيراً للمؤسسات الدولية.

أزمة إنسانية 

من جانبه، أكد المكتب الإعلامي الحكومي أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عرقلة دخول هذه الاحتياجات يفاقم الأزمة الإنسانية العميقة في قطاع غزة، ويعرض حياة ملايين المدنيين للخطر، مما يستوجب تدخلاً دولياً فورياً وجاداً لوقف هذه الجريمة الإنسانية، وتحميل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعياتها.

وأشار المكتب في تصريح له، الأحد 2 فبراير الجاري، إلى تفاقم هذه الأزمة الإنسانية بالتزامن مع عودة نصف مليون نازح من أبناء الشعب الفلسطيني خلال الـ72 ساعة الماضية من محافظات الجنوب والوسطى إلى محافظات غزة والشمال، عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين، وذلك بعد تهجيرهم قسراً منذ بدء الحرب.

كذلك، أكدت مؤسسات حقوقية محلية ودولية أن الوضع في شمال القطاع لا يسمح بالحياة الكريمة، وأن استمرار هذه الظروف قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة، مطالبة بضرورة تدخل المجتمع الدولي لإعادة تأهيل البنية التحتية، وتوفير الدعم اللازم للسكان العائدين حتى يتمكنوا من الاستقرار في مناطقهم الأصلية.

ولم يكن الفلسطيني الكرد وعائلته الوحيدين الذين عادوا من شمال غزة إلى جنوبه، حيث رصد مراسل “الخليج أونلاين” عودة الآلاف من السكان إلى الجنوب، لانعدام الخدمات الإنسانية، وعدم وجود أماكن لإقامة خيامهم، أو توفر مخيمات إيواء.

عبد الله سالم واحد من هؤلاء الذين عادوا إلى جنوب القطاع بعد أيام فقط من عودته إلى منزله في بيت لاهيا شمال القطاع، لعدم وجود أي خدمات تتعلق بالإنترنت، والمياه، والصرف الصحي.

1

ويقول سالم في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “حين أعلنوا عن فتح طريق الرشيد الساحلي لعودة النازحين، كنت من أوائل المتوجهين إلى شمال قطاع غزة، ولكن حين وصلت كانت الصدمة والذهول مما شاهدت أمامي من دمار كبير للبنية التحتية، وقصف المنازل، وعدم وجود أي مكان للعيش”.

ويصف سالم منطقة سكنه في بيت لاهيا بالغابة المتوحشة، حيث تنتشر الكلاب بشكل كبير، والقطط أيضاً، والكثير من الطيور، وكلها عاشت فوق أنقاض المنازل المدمرة.

ويوضح أنه اتخذ قرار العودة مجدداً إلى الجنوب مضطراً، ولأن متطلبات عمله الصحية وعدم وجود أي مظاهر للحياة في شمال قطاع غزة دفعته إلى حياة النزوح بدلاً من العيش في مكان مخيف كما يصفه.

في ظل هذه المعاناة، يظل مئات آلاف النازحين الفلسطينيين عالقين بين واقعين مريرين؛ فإما العودة إلى الجنوب حيث يعيشون في مراكز إيواء مكتظة وظروف صعبة، أو البقاء في الشمال بين أنقاض منازلهم بلا أي مقومات للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى