النزوح القسري… خطوة نحو تقليص الوجود الفلسطيني بالضفة

تواجه العائلات الفلسطينية التي نزحت ظروفاً حياتية قاسية خاصة في ظل فصل الشتاء وانعدام وسائل الإيواء
تشهد مناطق شمال الضفة الغربية المحتلة وخاصة في محافظات طولكرم ونابلس وجنين، تزايداً ملحوظاً في حالات النزوح القسري، نتيجة لتصعيد الاحتلال الإسرائيلي وضغطه على السكان من أجل الخروج من منازلهم.
ويتزامن مع حالة النزوح القسري، تصعيد هجوم الاحتلال على الضفة الغربية، وعمليات هدم المتكررة للمنازل، والبنى التحتية، وقتل المدنيين، وهو ما يعكس سياسة إسرائيلية تهدف إلى إفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها الأصليين.
ومع تواصل عمليات النزوح، يواجه الفلسطينيون تحديات كبيرة في إيجاد مأوى بديل، خاصة مع استمرار عمليات النزوح، التي تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني في تلك المناطق، وتغيير معالمها الجغرافية والديمغرافية لصالح الاستيطان الإسرائيلي.
وتواجه العائلات الفلسطينية التي نزحت ظروفاً حياتية قاسية، حيث يعيش العديد منهم في ظروف مؤقتة، أو لدى أقاربهم أو في مخيمات عشوائية، وهو ما يعوق الوصول إلى احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء.
وتستخدم “إسرائيل” في الضفة الغربية، كأحجار الشطرنج، وتضغط عليهم بشكل يومي من خلال إجبارهم الخروج من منازلهم والنزوح إلى أماكن جديد.
“الأونروا” بدورها، حذرت من أن عملية “السور الحديدي” التي تنفذها قوات الاحتلال والتي أدت إلى تفريغ العديد من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية، مضيفة أن التهجير القسري للتجمعات الفلسطينية “يتصاعد بوتيرة مثيرة للقلق”.
وقالت “الأونروا” في تصريح وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه: إن “آلاف العائلات الفلسطينية هجرت قسراُ منذ أن بدأت القوات الإسرائيلية تنفيذ عمليات واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة في منتصف عام 2023”.
وأكدت أن “العمليات المتكررة والمدمرة جعلت مخيمات اللاجئين الشمالية غير صالحة للسكن، مما أدى إلى حصار السكان في نزوح دوري”.
وبينت أن أكثر من 60٪ من النزوح في عام 2024 كان نتيجة لعمليات القوات الإسرائيلية، في غياب أي أوامر قضائية.
تطهير عرقي
مدير الهيئة الدولية لحماية حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، صلاح عبد العاطي، أكد أن إجبار جيش الاحتلال سكان شمال الضفة الغربية المحتلة للنزوح، يأتي ضمن التطهير العرقي، وممارسات الاحتلال الممنهجة.
وقال عبد العاطي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “افلات الاحتلال من العقاب طوال العقود الماضية وحالة العجز والتقاعس الدولي والتي رافقت ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة على مدار أكثر من 15 شهرا، إلى جوار الدعم الأمريكي وتصريحات الرئيس ترامب هي من شجع الاحتلال على توسيع عدوانه واستخدامه النزوح كسلاح”.
وعبر عبد العاطي عن خشيته من من تكرار جريمة الابادة والمشهد المأساوي في قطاع غزة في الضفة الغربية، خاصة مع تصريحات ترامب، حول الاعتراف بالضم الإسرائيلي للضفة الغربية والتهجير القسري.
وأوضح أن هذه التصريحات تشجع الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة جرائم التفتيت للشعب وإنكار حقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره والعودة.
وأشار إلى أن هناك خطورة كبيرة جراء تصعيد جرائم المستوطنين وقوات الاحتلال في مختلف انحاء الضفة الغربية بما في ذلك الهجمات الاستيطانية وعنف المستوطنين الذي يتم بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ولفت عبد العاطي، إلى أن سلطات الاحتلال تهدم آلاف المنازل الفلسطينية سنوياً بحجة “عدم الترخيص”، رغم أنها تمنع الفلسطينيين من الحصول على تصاريح البناء، مما يجعل عشرات الآلاف من العائلات مهددة بالتشريد.
القانون الدولي
ويوفر القانون الدولي الإنساني الحماية للنازحين باعتبارهم أشخاصاً مدنيين توجب لهم الحماية القانونية، استناداً إلى قواعد الحماية المقررة لصالح السكان المدنيين، ومبدأ التمييز بينهم وبين الأشخاص المقاتلين والذي يوجب حظر مهاجمة الأشخاص المدنيين الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية بأي حال من الأحوال.
وتستند حماية النازحين داخلياً، بموجب مواثيق حقوق الإنسان الدولية، على كفالة الحق في حرية التنقل، واختيار مكان الإقامة.
وقد أكد على ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما يعتمد مفهوم الحماية من التشريد التعسفي على احترام الحق في السكن وفقاً لما جاء عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.