الاخبار

المواصي آخر الملاذات.. الاحتلال يخنق سكان غزة ويرسلهم للمجهول

النزوح الواسع يتزامن مع تشديد الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية الأساسية والمواد الغذائية والطبية منذ مارس.

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ممارساتها الميدانية القمعية وغير المسبوقة ضد سكان قطاع غزة، وتحديداً في مناطق الجنوب، حيث تدفع مئات الآلاف من المدنيين نحو النزوح القسري إلى منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس.

وتعد هذه المنطقة الساحلية الصغيرة أقل من 3% من المساحة الإجمالية لقطاع غزة، التي تبلغ نحو 365 كيلومتراً مربعاً، مما يجعلها غير قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من النازحين.

ومع استمرار العدوان الإسرائيلي وتواصل الضربات الجوية والبرية، وصلت أوضاع سكان القطاع إلى مستوى كارثي، حيث بات كثيرون غير قادرين حتى على إيجاد مساحة صغيرة لنصب خيمة تأويهم، خاصة بعد أن أجبر جيش الاحتلال غالبية سكان خان يونس وجميع سكان مدينة رفح على مغادرة منازلهم والتوجه إلى هذه البقعة الضيقة والمرهقة أصلاً بسكانها.

ومنطقة المواصي، التي كانت يوماً تعرف بجمالها الطبيعي وأراضيها الزراعية الخصبة ومياهها الجوفية العذبة، تحوّلت إلى ساحة للنزوح الجماعي واللجوء القسري، وتقع على الشريط الساحلي الجنوبي الغربي من قطاع غزة، وتمتد بطول 12 كيلومتراً وعرض نحو كيلومتر واحد. 

ووفقاً لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فإن ما لا يقل عن 400 ألف شخص قد نزحوا داخلياً في قطاع غزة منذ استئناف الاحتلال عملياته العسكرية والإبادة الجماعية في 18 مارس الماضي.

هذا النزوح الواسع يتزامن مع تشديد الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية الأساسية والمواد الغذائية والطبية منذ الثاني من مارس، ما يُعد أطول فترة انقطاع للمساعدات منذ بدء العدوان في أكتوبر الماضي.

وقد صرحت لويز ووتريدج، المتحدثة باسم “الأونروا”، في مؤتمر صحفي عقدته وكالات الأمم المتحدة في جنيف، عبر اتصال مرئي من العاصمة الأردنية عمّان بتاريخ 20 مايو 2025، بأن سكان غزة “محاصرون تماماً، بلا إمدادات، يجوعون، ويقصفون يومياً”، في انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية المدنيين في أوقات الحرب.

وأضافت ووتريدج: “هناك في مستودعاتنا ما يكفي من الغذاء لإطعام 200 ألف شخص لمدة شهر، وأدوية لتشغيل تسعة مراكز صحية و38 نقطة طبية، أي ما يكفي لتقديم الرعاية الصحية لنحو 1.6 مليون شخص، ولدينا أيضاً مستلزمات نظافة وبطانيات لـ200 ألف عائلة، بالإضافة إلى مواد تعليمية لـ375 ألف طفل، وكل هذه المواد متوفرة، لكنها محاصرة على بعد ساعات قليلة فقط من القطاع”.

واعتبرت أن هذا الوضع “مروع ولا يغتفر”، مشددة على أن “مرور 11 أسبوعاً من الحصار ترك غزة خالية من الموارد الأساسية، وكل ما يرسل حالياً لا يكفي حتى لترميم حجم الكارثة التي وقعت بالفعل”.

النوم على الشاطئ

في ظل هذا الواقع القاسي، اضطرت عائلة شراب المكونة من سبعة أفراد إلى مغادرة منزلها في وسط مدينة خان يونس، بعد أن ألقت قوات الاحتلال منشورات تُجبر السكان على النزوح فوراً نحو الغرب.

لم تنتظر العائلة طويلاً بل جمعت بعض الملابس والقليل من الطعام، وانطلقت سيراً على الأقدام نحو المواصي، على أمل العثور على مأوى، لكنها تفاجأت بالعدد الهائل من النازحين المتكدسين هناك، ما جعل من المستحيل العثور على مكان لنصب خيمة.

يقول محمد شراب، رب الأسرة، في حديث لموقع “الخليج أونلاين”: “المواصي الآن مكتظة بالبشر بطريقة غير مسبوقة، سكان رفح سبقونا بالنزوح، والآن غالبية سكان خان يونس، ولم نجد أي مساحة على اليابسة، فتوجهنا إلى الشاطئ، حيث نصبنا خيمتنا على الرمال مباشرة، وعلى بعد أمتار من مياه البحر”.

ويتابع شراب: “كنا محظوظين لأننا وجدنا مكاناً، ولو تأخرنا ساعات فقط لكنا أصبحنا دون مأوى، والعائلات تستمر في النزوح بلا توقف، والناس يهربون من الموت تحت القصف، ومن التهديد المباشر من جيش الاحتلال”.

النوم على الطرقات

في شوارع المواصي، وفي ظل غياب أي بنية تحتية أو خدمات أساسية، قضى الآلاف من سكان خان يونس ليلتهم في العراء.

النساء والأطفال افترشوا الطرقات، دون حماية من البرد أو الخطر، وسط أصوات القصف المتواصل من جهة، وخوف دائم من أي اجتياح محتمل من جهة أخرى.

توسع الإبادة

في خضم هذه الكارثة الإنسانية، يستمر الاحتلال في توسيع هجماته على غزة، حيث أعلنت إذاعة الجيش عن دخول وحدات قتالية إضافية إلى القطاع، من بينها ألوية “نحال”، و”جولاني”، و”كفير”، والتي انضمت إلى ما يسمى عملية “عربات جدعون”، ما يشير إلى استعداد الاحتلال لتصعيد عملياته بشكل أكبر.

وفي تقرير بثته القناة 12 العبرية الأربعاء 21 مايو، نشرت خارطة توضح انتشار الجيش خلال الـ24 ساعة الماضية، مؤكدة أن الاحتلال يسيطر على أكثر من 50% من أراضي القطاع، سواء ميدانياً أو عبر تواجد عسكري رمزي في المناطق التي أخليت من سكانها، بينما يتنقّل مئات الآلاف من المدنيين بين مدينة غزة، والمخيمات، والمواصي، والمناطق المتبقية في خان يونس.

وتسعى القيادة العسكرية للاحتلال، وفق التقارير، إلى تنفيذ خطتها في رفح، عبر “تطهيرها” من المقاتلين الفلسطينيين ثم إعادة توزيع السكان في “مدن خيام” تخضع لرقابة ومراقبة صارمة، تشمل توزيع الطعام والدواء ضمن شروط أمنية محددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى