المركز السعودي في غزة: قصف مستودعنا عطّل جهوداً إنسانية حيوية

القصف الإسرائيلي لمستودع المركز السعودي في غزة أثر بشكل كبير ومباشر على عمليات توزيع المساعدات
أكد رئيس المركز السعودي للثقافة والتراث في قطاع غزة، عصام أبو خليل، أن القصف الإسرائيلي الذي استهدف مستودع المركز في مدينة رفح، أسفر عن خسائر جسيمة.
وقال أبو خليل في حوار خص به “الخليج أونلاين”، إن الخسائر تمثلت في تدمير المستودع بالكامل واحتراق أكثر من 1,849 طلبية من المستلزمات الطبية “كانت مخصصة لتلبية الاحتياجات العاجلة للمرضى والمصابين في قطاع غزة، وخاصة في ظل الوضع الكارثي للقطاع الصحي”.
وأوضح أبو خليل أن هذه الخسارة لم تمس فقط مخزوناً مادياً، بل عطلت جهوداً إنسانية حيوية كان الهدف منها إنقاذ الأرواح والتخفيف من آلام الجرحى والمرضى.
وأشار أن هذا الاعتداء لاقى استنكاراً واسعاً من عدد من الدول والجهات العربية والإسلامية، حيث صدرت بيانات إدانة رسمية من وزارة الخارجية السعودية والقطرية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، إلى جانب اليمن والعراق وسلطنة عُمان والسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى العديد من الجهات العربية والدولية.
واعتبر أن هذا الإجماع يعبر عن رفض واضح لاستهداف المرافق الإنسانية ويؤكد أهمية احترام القانون الدولي الإنساني وعدم المساس بالجهود الإغاثية.
تأثير القصف
وبين أن القصف أثر بشكل كبير ومباشر على عمليات توزيع المساعدات، خصوصاً أن المستلزمات التي تم تدميرها كانت مخصصة لتغطية احتياجات عدد من المستشفيات في قطاع غزة لعدة أشهر.
ولفت إلى أن الاستهداف لم يتسبب فقط بخسائر مادية، بل عطل أيضاً خطة الاستجابة الإنسانية التي كان المركز يعمل عليها لتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية للمصابين والمرضى، في ظل النقص الحاد في الموارد الطبية، ومع ذلك، يعمل المركز على إعادة ترتيب الأولويات وضمان استمرارية الدعم بقدر ما تسمح به الظروف.
وأردف بالقول: “رغم فقدان أحد المستودعات الرئيسية للمركز نتيجة القصف، فإننا نؤكد التزامنا الكامل بمواصلة العمل الإغاثي دون انقطاع، وفي الوقت الحالي، ما زالت الرؤية غير واضحة بخصوص إعادة بناء المخزن المستهدف، لكننا نواصل العمل من خلال مخازن بديلة تابعة للمركز لضمان استمرارية تقديم المساعدات”.
وأضاف أن المركز يعمل على تقييم الخيارات المتاحة لتعويض الخسائر وضمان جاهزيته في المراحل القادمة، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الميدانية والتحديات الأمنية.
واستهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الجمعة (4 أبريل الجاري)، مستودعاً تابعاً للمركز السعودي للثقافة والتراث في منطقة “موراج” شرق رفح.
الدعم الخارجي
بعد القصف، تلقى المركز، حسب رئيسه، تضامناً واسعاً، ومواقف تاريخية مشرفة من العديد من الدول والجهات العربية والإسلامية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي أدانت بشكل واضح القصف الإسرائيلي لمستودع المركز.
واعتبر أن هذا التضامن “يعكس الوعي العميق بأهمية الدور الإنساني الذي يقوم به المركز، ويؤكد على رفض استهداف المرافق المدنية والإغاثية، كما يعزز من عزيمتنا للاستمرار في أداء رسالتنا الإنسانية رغم كل التحديات”.
المجتمع الدولي
يتحمّل المجتمع الدولي، وفق حديث أبو خليل لـ”الخليج أونلاين”، مسؤولية كبيرة في حماية المؤسسات الإنسانية والإغاثية العاملة في قطاع غزة، خاصة أن هذه الجهات تعنى بتقديم الدعم المدني ولا ترتبط بأي نشاط سياسي أو عسكري.
وشدد على أنه من الضروري أن تتخذ المؤسسات الدولية مواقف واضحة وحازمة تجاه الانتهاكات المتكررة التي تطال المراكز الإنسانية، بما في ذلك إدانة الاعتداءات، ومحاسبة المسؤولين عنها، وضمان توفير الحماية اللازمة للعاملين في المجال الإغاثي وفقاً للقانون الدولي الإنساني.
كما اعتبر أن صمت المجتمع الدولي يشجع على تكرار هذه الانتهاكات، بينما المطلوب هو تحرك جاد يحفظ حيادية وأمن العمل الإنساني في المناطق المتأثرة بالنزاعات.
المستقبل والتحديات
حول خطط المركز، بين رئيسه، أنه في ظل تزايد معاناة النازحين وتدهور الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، يعمل المركز السعودي على توسيع نطاق المساعدات وتنوعها لتلبية الاحتياجات المتزايدة في قطاع غزة.
وأكد أن المركز يركز في هذه المرحلة على تعزيز الاستجابة في المجالات الأكثر إلحاحاً، كالغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية، إضافة إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي للفئات المتضررة.
وتابع: “كما نضع ضمن أولوياتنا توسيع نطاق العمل الإغاثي ليشمل مناطق جديدة ومخيمات نزوح إضافية، مع تعزيز قدراتنا اللوجستية والميدانية، والاستفادة من الشراكات مع المؤسسات الدولية والمحلية لتسريع عمليات التوزيع وتحسين آليات الاستجابة الطارئة، ونؤمن أن توسيع هذا الجهد الإنساني ضرورة في ظل التحديات الراهنة، وهو التزام أخلاقي نحرص على الوفاء به بكل إمكانياتنا”.
ويشير إلى أنه ومنذ تأسيس المركز، أولى أهمية كبرى لتعزيز التعاون مع مختلف الجهات الدولية والإنسانية التي تساهم في دعم الشعب الفلسطيني، ويعمل بشكل مستمر على بناء شراكات استراتيجية قائمة على الشفافية والمهنية، بهدف توحيد الجهود وتنسيق الاستجابات الإغاثية بشكل فعّال.
ويسعى المركز، إلى توسيع دائرة التعاون من خلال تبادل الخبرات، وتطوير آليات العمل المشترك، والمشاركة في المبادرات الإنسانية الدولية، بما يضمن استمرارية الدعم ووصوله إلى مستحقيه في أسرع وقت ممكن، وفقاً لرئيسه.
وشدد أيضاً على أن المطلوب من المجتمع الدولي، هو الضغط الحقيقي على “إسرائيل” لوقف الحرب، وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وتمكين المنظمات الإغاثية من أداء واجبها دون قيد أو تهديد، خاصة أن الوضع الإنساني في غزة لا يحتمل المزيد من الصمت أو التردد، وهو نداء لكل ضمير حي في هذا العالم.
أشكال الدعم
حول ما يقدمه المركز، بين أبو خليل، أنه منذ تأسيسه في عام 2005، قدم المركز السعودي للثقافة والتراث في غزة العديد من أشكال الدعم والمساعدة لسكان القطاع، والتي ازدادت وتيرتها بشكل ملحوظ خلال الحرب الحالية، وتشمل مجالات متعددة، من أبرزها:
المساعدات الغذائية، التي استهدفت الأسر الأكثر تضرراً.
المساعدات الإيوائية، من خلال توفير أماكن مؤقتة وآمنة للنازحين.
الخدمات الصحية، لدعم المصابين وتوفير الأدوية الأساسية.
الدعم التعليمي، عبر توفير مساحات تعليمية آمنة لطلبة الجامعات، لضمان استمرار مسيرتهم الأكاديمية.
دعم العاملين عن بعد، من خلال توفير بيئة آمنة ومجهزة للعمل في ظل الأوضاع الصعبة.
كما أقام المركز مخيمات للنازحين ضمن جهود الاستجابة الطارئة، وجاءت هذه المبادرات بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في إطار الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني، حسب أبو خليل.
“ويعتمد المركز على فرق ميدانية متخصصة تعمل على مدار الساعة لرصد وتحديد احتياجات المواطنين في قطاع غزة، وهذه الفرق مدعومة بنظام محوسب متقدم يمكننا من جمع وتحليل البيانات بشكل دقيق، مما يساعد في الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجاً بشكل عادل وفعال، هدفنا هو ضمان توجيه المساعدات لمن هم في أمسّ الحاجة إليها، وبأعلى درجات الشفافية والكفاءة” والحديث لرئيس المركز.
ويلفت إلى أن المركز السعودي للثقافة والتراث يعد شريكاً تنفيذياً لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في قطاع غزة، كما أنه من الأعضاء الفاعلين في عدد من الشبكات القطاعية.
ويواجه المركز، حسب رئيسه، العديد من التحديات في إيصال المساعدات إلى أهالي قطاع غزة، ويأتي في مقدمتها إغلاق المعابر، ما يؤدي إلى تعطل دخول المساعدات وتأخر إيصالها في الوقت المناسب.
ويشكّل القصف المتواصل خطراً كبيراً على الفرق الميدانية ويعيق عمليات التوزيع، ورغم هذه الظروف الصعبة، “نواصل العمل بكل ما أوتينا من إمكانات لتقديم الدعم الإنساني، مع الالتزام الكامل بالمعايير الإنسانية والدولية”، وفقاً لرئيس المركز.
وذكر أن الحرب زادت من حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة، ما استدعى تحركاً عاجلاً وكبيراً من المملكة العربية السعودية، واستجابةً لهذه الأوضاع.
وتطرق إلى الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني، حيث تم – عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية – إرسال أكثر من 800 شاحنة محملة بالمساعدات الإغاثية العاجلة.
وشملت هذه المساعدات مواد غذائية وطبية وإيوائية، أسهمت بشكل مباشر في التخفيف من معاناة آلاف الأسر المتضررة، وساعدت في سد الفجوات الأساسية في ظل الانهيار شبه الكامل للخدمات.
وأشار إلى أن “لهذه المساعدات أثر بالغ في تعزيز صمود المواطنين، وأكدت مجدداً على الدور الريادي للمملكة في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في أحلك الظروف”.