المدن الصناعية بالسعودية.. روافد جديدة لنمو الاستثمار وتوطين التقنية

– بلغ حجم الاستثمارات التي استقطبتها “مدن” خلال 2024 قرابة 6.4 مليارات دولار، وحققت نمواً بنسبة 38%.
– تُسهم “مدن” في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 من خلال:
- من خلال التوسع الصناعي.
- توفير فرص العمل.
- تعزيز الاستثمارات المحلية والدولية.
يواصل القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية ترسيخ مكانته كمحرّك أساسي للتنمية الاقتصادية، مدفوعاً برؤية المملكة 2030 التي تستهدف تنويع مصادر الدخل وتعزيز الناتج المحلي.
وفي هذا السياق، تلعب الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن” دوراً محورياً في جذب الاستثمارات الصناعية والتقنية، من خلال تطوير بيئة متكاملة وواعدة للمستثمرين المحليين والدوليين.
جذب استثماري
وفي سياق ذلك، أعلنت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن” عن استقطاب استثمارات جديدة بقيمة 24 مليار ريال سعودي (قرابة 6.4 مليارات دولار) خلال عام 2024، محققة بذلك نمواً بنسبة 38% مقارنة بعام 2023.
ويرفع هذا الإنجاز إجمالي الاستثمارات التراكمية في المدن الصناعية إلى 440 مليار ريال (117.3 مليار دولار) موزعة على 39 مدينة صناعية في مختلف أنحاء المملكة.
ويعكس هذا النمو الملحوظ التقدم في جهود “مدن” لتكون وجهة رئيسية لنمو الاستثمارات الصناعية والتقنية، بما يتماشى مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة ورؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تعزيز التنوع الاقتصادي وخلق مجتمع صناعي حيوي ومُمكن.
ويُعد ارتفاع حجم الاستثمارات مؤشراً واضحاً على ثقة المستثمرين بالبيئة الاستثمارية بالمملكة، وتطور البنية التحتية والخدمات التي تقدمها “مدن”.
نمو متسارع
وتُظهر الأرقام التي وردت في تقرير “مدن” السنوي لعام 2024 أن التطور في القطاع الصناعي لم يقتصر فقط على حجم الاستثمارات، بل شمل أيضاً التوسع في عدد المنشآت وزيادة فرص العمل وتعزيز البنية التحتية.
هذه المؤشرات مجتمعة تعكس حيوية القطاع الصناعي السعودي ومدى نضجه، وتؤكد أن “مدن” تسير بخُطا واثقة نحو تحقيق أهدافها ضمن رؤية المملكة 2030.
وشهد عام 2024 نمواً واضحاً في عدد المنشآت الصناعية واللوجستية والاستثمارية ومراكز البيانات، ليصل الإجمالي إلى 8,616 منشأة، مسجلاً زيادة بنسبة 9% مقارنة بالعام السابق.
وساهم هذا التوسع في دعم المحتوى المحلي وتنمية الصادرات الوطنية، كما أسهم في توفير المزيد من فرص العمل، حيث ارتفع عدد الوظائف بنسبة 10% ليبلغ 593 ألف وظيفة.
وفي جانب تطوير البنية التحتية، ارتفعت مساحة الأراضي الصناعية المطورة بنسبة 7% لتصل إلى 219.5 مليون متر مربع، فيما تم إنجاز 80 مشروعاً بنسبة تنفيذ كاملة (100%) مقارنة بالعام السابق، بفضل تكامل الجهود بين الكوادر المؤهلة والشراكات الفاعلة مع القطاعين المحلي والدولي.
وعلى صعيد تنفيذ المبادرات الاستراتيجية، حققت “مدن” نسبة التزام بلغت 100%، وفق ما أكده المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة “أداء”، حيث أنجزت 32 مبادرة بتكلفة بلغت 16.3 مليار ريال (نحو 4.35 مليارات دولار)، وهو ما يعزز من موقعها كمحرك رئيسي في التنمية الاقتصادية المستدامة.
ساحة تنافسية
ويؤكد الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، أن هيئة المدن الصناعية “مدن” تُعد إحدى الركائز الأساسية التي تعتمد عليها السعودية في تحقيق أهداف رؤية 2030، مشيراً إلى دورها المحوري في تطوير القطاع الصناعي وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الصناعات.
ويوضح لـ”الخليج أونلاين” أن “مدن” تدير حالياً أكثر من 35 مدينة صناعية في مختلف مناطق المملكة، وتقدم خدمات متكاملة للمستثمرين تشمل البنية التحتية المتطورة، والأراضي الصناعية، والمصانع الجاهزة، والخدمات اللوجستية.
ويضيف العبسي أن الهيئة تساهم بفاعلية في جذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الصناعات من خلال تقديم حوافز وتسهيلات متنوعة، مثل تأجير الأراضي بأسعار تنافسية، وتسريع إجراءات التراخيص، وتوفير بنية تحتية عالمية المستوى.
ويشير إلى أن الهيئة قد نجحت في استقطاب شركات عالمية مرموقة للعمل داخل المدن الصناعية، مما عزز من تنافسية المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفيما يتعلق بتوطين الصناعات، يلفت العبسي إلى أن “مدن” أطلقت مبادرات تهدف إلى دعم المحتوى المحلي وتوفير مصانع جاهزة لرواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة مع برامج وطنية كبرى مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.
ويشير إلى النمو الكبير الذي شهدته المملكة في جذب الاستثمارات الأجنبية، والتي تجاوزت الهدف السنوي المقدر خلال عام 2023، كما ارتفع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر، وتركز في قطاعات الصناعات التحويلية والخدمات، وتصدرت مدينة الرياض قائمة المناطق الجاذبة للاستثمارات، تليها المنطقة الشرقية والمدينة المنورة.
ويختم العبسي بالتأكيد على أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية بمختلف أنواعها في تعزيز القدرات ودفع عجلة الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف رؤية السعودية وتنويع مصادر الإنتاج المحلي، مشدداً على أن جهود “مدن” تحقق نمواً متزايداً وتجعل المملكة ساحة منافسة جاذبة للاستثمارات الأجنبية للمشاركة في مسيرة التنمية المتواصلة.
إنجازات نوعية
تواصل “مدن” تعزيز مكانتها كأحد أهم روافد الاقتصاد الوطني من خلال خطوات عملية تعكس فاعليتها في جذب الاستثمارات وتحفيز النمو الصناعي.
ففي عام 2024، وقّعت الهيئة أكثر من 875 عقداً صناعياً ولوجستياً واستثمارياً جديداً، مدفوعة بالتوسع في تنفيذ مشاريع المنتجات الجاهزة، وتخصيص الأراضي، والتواصل الفعّال مع المستثمرين لتقديم حلول متكاملة تواكب احتياجاتهم المستقبلية، بما يعزز من استدامة النمو ورضا المستثمرين.
وفي إنجاز دولي لافت، دشّنت “مدن” التجمع الغذائي في جدة الذي حصل على شهادة “الأكبر عالمياً” من موسوعة غينيس للأرقام القياسية، ما يؤكد قدرة الهيئة على تنفيذ مشاريع استراتيجية ذات طابع عالمي من حيث الحجم والتأثير.
وتعكس هذه النجاحات رؤية “مدن” الاستراتيجية المستمرة منذ تأسيسها في عام 2001، حيث تضطلع بدور رئيسي في تطوير وإدارة المدن الصناعية ومناطق التقنية ومراكز البيانات، بالتكامل مع القطاعين العام والخاص، إلى جانب إشرافها على المجمعات والمدن الصناعية الخاصة، في إطار دعم الأولويات الوطنية والمساهمة في بناء اقتصاد صناعي مستدام ومتقدم.
تميز مؤسسي
وحققت “مدن” إنجازاً لافتاً بحصولها على شهادة الاعتراف بالتميز المؤسسي بمستوى 5 نجوم من المؤسسة الأوروبية لإدارة الجودة لعام 2025، كأول جهة في المملكة والشرق الأوسط تنال هذا التقدير وفق نموذج (EFQM 2025) الجديد.
وبحسب بيان أصدرته الهيئة في 20 أبريل 2025، فإن هذا الإنجاز يأتي استكمالاً لحصولها على شهادة 4 نجوم في عام 2023، تقديراً لجهودها في تطبيق منهجيات الجودة الشاملة، وتعزيز الابتكار، وتحسين تجربة المستثمرين.
وقد أسهمت مبادرات “مدن” في التحول المؤسسي، والحوكمة، والتحول الرقمي، إلى جانب الاستثمار المستمر في رأس المال البشري، في تحقيق هذه المكانة، كما أطلقت نظاماً متكاملاً لإدارة الجودة في 39 مدينة صناعية، حصلت بموجبه على 10 شهادات جودة عالمية.
وتُوجت هذه الجهود بالحصول على 36 جائزة محلية ودولية خلال عام 2024، من أبرزها المستوى الفضي لجائزة الملك عبد العزيز للجودة، وجائزة أفضل جهة جاذبة للاستثمارات، وأفضل مشروع حكومي عربي في تطوير البنية التحتية.
كما حققت ترتيباً متقدماً في مؤشرات التحول الرقمي، إذ بلغت نسبة أدائها 86.96%، واحتلت المركز الثاني في مؤشر جاهزية تبني التقنيات الناشئة بنسبة 91.21%.