الاخبار

العمالة الوافدة.. شريك استراتيجي في تنمية الاقتصاد الخليجي

الخبير الاقتصادي علي دعدوش: 

السياسات الحكومية زادت من العمالة الوافدة إذ تسهّل بعض دول الخليج إجراءات الحصول على تأشيرات العمل. 

النمو السريع في قطاعي البناء والخدمات يستلزم استقدام أعداد كبيرة من العمالة منخفضة التكلفة

تشهد دول مجلس التعاون الخليجي تزايداً مستمراً في أعداد الأيدي العاملة الأجنبية، التي تلعب دوراً رئيسياً في دعم الاقتصاد المحلي ومواكبة الطفرة التنموية التي تشهدها المنطقة. 

لطالما كانت العمالة الوافدة جزءاً أساسياً من مكونات الاقتصاد الخليجي، حيث تُعد القوة العاملة الأجنبية محركاً رئيسياً للنمو والتنمية في دول المنطقة.

هذه العمالة تتنوع بين الأيدي العاملة غير الماهرة التي لا تحتاج إلى خبرات، والعمالة نصف الماهرة وتشمل الحرفيين، والعمالة الماهرة مثل المهندسين والأطباء والمبرمجين وأصحاب الشهادات المهنية، والعمالة عالية المهارة وتشمل الخبراء والمستشارين وكبار المدراء التنفيذيين.

وتلعب العمالة الوافدة في جميع تصنيفاتها دوراً محورياً بمختلف القطاعات الاقتصادية التي تمثل العمود الفقري للاقتصادات الخليجية، مما يسهم في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي وتنويع المصادر الإنتاجية بعيداً عن الاعتماد على النفط.

أكثر من نصف السكان

وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن المركز الإحصائي الخليجي، بلغ إجمالي عدد العاملين في دول الخليج الست 31.8 مليون شخص، ما يشكل 54.2% من إجمالي السكان حتى نهاية عام 2022.

كثيراً ما اعتمدت اقتصادات دول الخليج على العمالة الوافدة للمساهمة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية والتطوير العمراني وقطاع الخدمات، فضلاً عن قطاعي الطاقة والتكنولوجيا.

تُشكل العمالة الوافدة نسبة كبيرة، حيث تعتمد دول الخليج بشكل رئيسي على العمالة الأجنبية في مختلف القطاعات، وتتوزع العمالة في دول الخليج وفقاً للآتي:

السعودية: 15.9 مليون عامل.

الإمارات: 7.3 ملايين عامل.

الكويت: 2.8 مليون عامل.

قطر: 2.2 مليون عامل.

البحرين: 800 ألف عامل.

سلطنة عُمان: 2.7 مليون عامل.

ومع ذلك، فإن الأرقام الصادرة عن المركز الإحصائي الخليجي، تشير إلى أن نسبة العمالة الخليجية بين هؤلاء العاملين لا تتجاوز 17.6%، حيث يبلغ عدد المواطنين العاملين في دول الخليج 5.6 ملايين شخص فقط. 

هذه الأرقام تُبرز الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة في دول الخليج، مما يعكس الدور الحيوي الذي تلعبه هذه العمالة في دعم الاقتصادات المحلية.

وبحسب ما تشير البيانات الخليجية، ساهمت العمالة الوافدة في تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، منها:

  • دعم القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز، والتكنولوجيا، والسياحة، والإنشاءات.

  • تحقيق معدلات نمو مرتفعة عبر توفير الأيدي العاملة الماهرة وغير الماهرة.

  • تحفيز الاقتصاد المحلي من خلال الإنفاق الاستهلاكي وتحويلات العمالة.

تعزيز جميع القطاعات

إسهامات العمالة الوافدة، وبحسب تقارير محلية ودولية، شملت جميع القطاعات، ما يؤكد دورها الهام في النجاحات التي تحققت في الخليج، وشملت أبرز المجالات:

  • شكلت العمالة الوافدة قوة أساسية في قطاع البناء الخليجي.

  • ساهمت في استمرارية قطاع الطاقة الذي يعد عصب الاقتصاد الخليجي.

  • شاركت في تقديم الرعاية الصحية والخدمات الأساسية؛ مما يعزز جودة الحياة في الخليج.

  • ساعدت في دعم التحولات التكنولوجية الخليجية، مثل المشاريع الرقمية.

  • ساهمت في تطوير القطاعات غير النفطية مثل السياحة والتجارة الإلكترونية والتعليم، مما يعزز التنوع الاقتصادي.

أسباب ارتفاع عدد الوافدين

الخبير الاقتصادي، د. علي دعدوش، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين”، يقول إن هناك عدة عوامل رئيسية تفسر استمرار ارتفاع أعداد العمالة الوافدة في دول الخليج، رغم الجهود المبذولة لتعزيز التوطين.

وأوضح دعدوش أن أحد أبرز هذه العوامل هو التركيبة السكانية، حيث تتميز معظم دول الخليج، باستثناء السعودية، بصغر حجم السكان الأصليين مقارنة بحجم اقتصاداتها الطموحة، مما يحدّ من أعداد المواطنين المؤهلين لشغل الوظائف المتاحة.

وأضاف أن عدم التناسب بين تخصصات العمالة الوطنية واحتياجات سوق العمل يسهم في زيادة الطلب على العمالة الوافدة، خاصة في القطاعات التي تتطلب مهارات غير متوفرة محلياً.

وأشار دعدوش إلى أن النمو السريع في قطاعي البناء والخدمات يستلزم استقدام أعداد كبيرة من العمالة منخفضة التكلفة، حيث تُفضَّل العمالة الوافدة لقدرتها على العمل لساعات طويلة وفي ظروف صعبة، مقارنة بالعمالة المحلية ذات التكلفة الأعلى.

ولفت إلى أن السياسات الحكومية لعبت دوراً في هذه الزيادة، إذ تسهّل بعض دول الخليج إجراءات الحصول على تأشيرات العمل، في ظل عدم وجود قيود كافية على توظيف العمالة الوافدة في بعض القطاعات.

يضاف إلى هذا تأثير العامل الثقافي، بحسب الخبير الاقتصادي، مبيناً أن “هناك نظرة دونية في بعض المجتمعات الخليجية تجاه الوظائف غير الحكومية، ما يعزز اعتماد الشركات على العمالة الوافدة لسد الفجوات في سوق العمل”.

‎وفي إطار حديثه حول تناسب النمو مع احتياجات الاقتصادات الخليجية، يقول دعدوش لـ”الخليج أونلاين” إنها تعتمد على عدة عوامل أبرزها؛ النمو الاقتصادي وتنويع الاقتصاد والاستثمار في التعليم والتدريب وجودة العمالة الوافدة.

العمالة الوافدة تقدم مجموعة واسعة من الخبرات والقدرات التي تساهم في تنمية الاقتصادات الخليجية، بحسب دعدوش، موضحاً أن من أهمها:

  • المهارات الفنية والهندسية؛ وتشمل قطاعات النفط والغاز، والبناء والتشييد، والتصنيع.

  • الخبرات الإدارية والقيادية في قطاعات الخدمات المالية، والتأمين، والاستشارات الإدارية.

  • المهارات الطبية والتمريضية في قطاع الرعاية الصحية.

  • المهارات التعليمية والبحثية في قطاع التعليم والبحث العلمي.

  • المهارات الحرفية واليدوية في قطاعات البناء والتشييد، والزراعة، والصيانة.

  • القدرة على الابتكار والتطوير؛ حيث تساهم العمالة الوافدة في نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى الاقتصاد المحلي، وتشجيع الابتكار والتطوير.

  • التنوع الثقافي؛ إذ تساهم العمالة الوافدة في إثراء التنوع الثقافي في المجتمع، وتعزيز التفاهم والتعاون بين الثقافات المختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى