الشركات الناشئة في البحرين.. بيئة صغيرة وفرص واعدة

سجلت البحرين مكانة متقدمة وتنافسية في مجال الشركات الناشئة، وخلال فترة ثلاث سنوات نما النظام البيئي للشركات الناشئة بنسبة 40%.
على هامش النسخة الرابعة من “ستارت أب بحرين ويك إند 2025″، المنعقدة أواخر مارس الماضي، برزت إلى الواجهة تساؤلات عديدة حول واقع الشركات الناشئة في البحرين، ومدى قدرتها على النمو والاستدامة في بيئة اقتصادية متغيرة.
فالبحرين، التي تبنّت منذ سنوات رؤية واضحة لتعزيز الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال، بدأت تجني ثمار هذه السياسات عبر بروز عدد من الشركات الناشئة في مجالات التقنية المالية، والذكاء الاصطناعي، والتعليم الإلكتروني، وغيرها من المجالات، رغم محدودية السوق المحلي مقارنة بدول الجوار.
وتشير البيانات والأرقام إلى تحقيق البحرين نتائج متقدمة في مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة، حيث جاءت المملكة ضمن أفضل 10 دول متكاملة بهذا المجال، وفق التقرير التفصيلي لغرفة تجارة وصناعة المملكة الصادر في أكتوبر 2024.
بيئة حاضنة
وبالرغم من محدودية السوق المحلية في البحرين، إلا أن المملكة تسعى لأن تكون مركزاً حاضناً للمشاريع الواعدة التي تبحث عن فرص إطلاق أعمالها والتوسع فيها محلياً وإقليمياً وعالمياً، وفق صفاء عبدالخالق الرئيس التنفيذي لمؤسسة “صادرات البحرين”.
وأضافت في تصريحات أدلت بها لصحيفة “الأيام الاقتصادية” أن المؤسسات الناشئة تمثل مكوناً رئيسياً في عملية النمو الاقتصادي، لما تقدمه من مشاريع مبتكرة وتقنيات متقدمة.
وتنفذ المملكة سلسلة من المبادرات والأنشطة، مثل فعالية “ستارت أب بحرين ويك إند 2025″، وغيرها، بهدف تعزيز ريادة الأعمال عبر تقديم الدعم الازم للشركات الناشئة ومد جسور التواصل وتعزيز الروابط بين أصحاب الشركات الناشئة والخبراء والموجهين العالميين وتسهيل إدراجهم في المجتمع الدولي.
وشهد النظام البيئي للشركات الناشئة في البحرين نمواً بنسبة 40% بين يوليو 2021، وديسمبر 2023، وفقاً لتقرير “النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة” لعام 2024.
هذا التطور، وضع المملكة بين أفضل 10 دول في التأثير على الشركات الناشئة عالمياً، كما تقدمت بين أفضل 15 دولة من حيث توافر المواهب والكفاءات الماهرة في قطاعات ريادة الأعمال والتكنولوجية.
وتتركز بيئة عمل الشركات الناشئة في البحرين، على قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا المالية، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، إذ تستفيد هذه من توافر الكفاءات المتعددة الداعمة للنمو.
ومن خلال التشريعات والمبادرات، تسعى البحرين لخلق نموذج مميز قائم على المرونة التشريعية، والدعم المؤسسي، والانفتاح التكنولوجي، ما جعل المنامة ذات مكانة رائدة في مجتمع عمل الشركات الناشئة.
دعم مستمر
وتولي مملكة البحرين أهمية بالغة لدعم الشركات الناشئة، من خلال جملة من المبادرات والخطوات، لتحفيز البيئة الاستثمارية في المملكة، وتمكين القطاع الصناعي والتجاري من تحقيق النمو المستدام.
وفي نوفمبر 2024، أعلن وزير الصناعة والتجارة البحريني عبدالله بن عادل فخرو، عن إطلاق صندوق تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة برأسمال 100 مليون دينار (265 مليون دولار)، للعمل على تسريع نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وسيعمل هذا الصندوق على تسريع نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذا تعزيز الابتكار وريادة الأعمال، بما يتماشى مع الخطة الاستراتيجية لـ”مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة”.
وتحوي البحرين على واحدة من ضمن أفضل 1000 مدينة في احتضان الشركات الناشئة، كما أنها احتلت في 2024، المرتبة 67 عالمياً في مؤشر النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة، وفق تصنيف “ستارت أب بلينك”، المنصة العالمية لأبحاث اقتصاد الابتكار.
وقالت المنصة، إن البحرين نجحت في إنشاء أنظمة بيئية جديدة لرعاية الشركات الناشئة وتقديم الدعم للأعمال في مراحلها المبكرة، كما احتضنت موجة الابتكار التكنولوجي في منطقة الخليج.
وأوضحت أن البحرين قدمت إطاراً قانونياً مواتياً ومجموعة من أنظمة الدعم للشركات الناشئة ورواد الأعمال، كما وضعت نفسها كموقع مثالي للشركات الناشئة، بخفض الضرائب وتكاليف التشغيل مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة.
كما دعمت البحرين مبادرات مثل “StartUp Bahrain” و”Bahrain FinTech Bay” بدعم من المشاركة الفعالة للقطاع العام، تأكيداً على التزام البحرين بتعزيز بيئة ريادة الأعمال المزدهرة.
وأثنت منصة “ستارت أب بلينك”، على مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين، والذي يقوم بتسهيل عمل الشركات الناشئة من خلال الإعفاء من الضرائب، وخلق التنافسية من حيث التكلفة، بهدف جذب الشركات الناشئة العالمية.
ويلعب مركز سيتي التكنلوجي العالمي دوراً في توفير منصة لرواد الأعمال والمستثمرين والشركات لإطلاق أفكارهم المبتكرة في البحرين، في الوقت الذي تستضيف المنامة منتديات عالمية ومؤتمرات تتعلق بعمل الشركات الناشئة.
مراكز متقدمة
وخلال الفترة من 1 يوليو 2021، وحتى 31 ديسمبر 2023، بلغت قيمة المنظومة الريادية في البحرين 1.2 مليار دولار، بحسب التقرير العالمي لمنظومات المؤسسات الناشئة للعام 2024 الصادر عن مؤسسة “ستارت أب جينوم” والشبكة الدولية لريادة الأعمال الصادر في يونيو 2024.
وجاءت البحرين ضمن أفضل 10 بيئات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث مؤشري الأداء ومؤشر قيمة الاستثمارات، وهما مؤشرات يتعلقان بالشركات الناشئة أيضاً، وفق التقرير الذي نقلته وكالة الأنباء الرسمية “بنا”.
بينما جاءت المملكة ضمن أفضل 15 بيئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث مؤشر المعرفة، والذي يقيس مستوى الابتكار من خلال البحوث وأنشطة براءة الاختراع، وكذا ضمن أفضل 15 بيئة من حيث مؤشر التمويل، والذي يقيس مدى الابتكار من خلال التمويل في المراحل المبكرة للمشاريع.
وحلت أيضاً ضمن أفضل 15 بيئة في ذات المنطقة من حيث مؤشر الكفاءات والخبرات، وضمن أفضل 15 بيئة بمؤشر وفرة الكفاءات بأجور تنافسية.
ويسلط التقرير الضوء على قطاعات التكنلوجيا المالية والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة والتحليلات، ما يعكس التطور الكبير الحاصل في بيئات الشركات الناشئة في البحرين.