السودان.. ما دلالات فرض عقوبات دولية على قادة في الدعم السريع؟
من الشخصيات التي فرضت عليها العقوبات الدولية؟
- عثمان محمد حامد محمد.
- عبد الرحمن جمعة بارك الله.
كم عضواً تضم لجنة العقوبات الخاصة بالسودان؟
15 عضواً.
بدأ مجلس الأمن الدولي أولى خطواته في التعامل مع الأزمة المستمرة في السودان، بعد أشهر من الصراع الدموي بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهي قوة شبه عسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”.
يأتي هذا التحرك في سياق الجهود الدولية للحد من تداعيات الصراع المستمر، الذي يهدد مستقبل السودان ويعيق مسار الانتقال إلى الحكم المدني، في ظل تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير.
فرض عقوبات دولية
في سياق محاولات المجتمع الدولي للتدخل من أجل وقف تصاعد العنف، فرضت لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي، في 8 نوفمبر الجاري، عقوبات على قائدين بارزين في قوات الدعم السريع السودانية، متهمةً إياهم بزعزعة استقرار السودان عبر ممارسة العنف وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وقد وافقت لجنة العقوبات الخاصة بالسودان، والتي تضم 15 عضواً من مجلس الأمن، على مقترح أمريكي قدم نهاية أغسطس الماضي يقضي بفرض حظر سفر وتجميد أصول قائد عمليات قوات الدعم السريع عثمان محمد حامد محمد، بالإضافة إلى قائدها في غرب دارفور عبد الرحمن جمعة بارك الله.
وتُتخذ قرارات اللجنة بالإجماع، لكن بحسب دبلوماسيين، أرجأت روسيا اتخاذ هذا القرار لأنها طلبت وقتاً إضافياً لمراجعة المقترح.
ووفقاً لوكالة “رويترز”، هذه هي أولى العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على خلفية الحرب السودانية الحالية التي بدأت في أبريل 2023، بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق “حميدتي”.
مجلس الأمن كان قد أسس نظاماً للعقوبات الموجهة على السودان عام 2005، بهدف المساهمة في إنهاء الصراع في إقليم دارفور.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أصدرت في وقت سابق قرارات مماثلة بفرض عقوبات على قادة الدعم السريع.
دلالات ورسائل
ويقول الصادق الرزيقي، رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين، إن العقوبات “جاءت نتيجة لتحريات وتقصي تقارير عديدة اطلعت عليها لجنة الخبراء الأميين، ثم اطلعت عليها الأمم المتحدة، وأيضاً شكوى حكومة السودان، إذ شكلت هذه المعلومات حيثيات لا يمكن تجاوزها في هذه القضية”.
ويرى في حديثه مع “الخليج أونلاين” أن فرض عقوبات دولية على هؤلاء القادة، ورغم أنهم من القادة الأساسيين، إلا أن العقوبات كان يجب أن تشمل قيادة الدعم السريع ممثلة بـ”حميديي” وشقيقه وعبدالرحيم، وباقي القادة الكبار.
وأوضح الرزيقي أن هذه العقوبات ستحد من دور هؤلاء القادة داخل الدعم السريع، وتضيق عليهم الخناق، سواء حرية الحركة والتنقل أو حتى مكانتهم في التراتبية العسكرية داخل القوات.
ويشير إلى أن واضع العقوبات (مجلس الأمن) يعلم بأنه سيكون لها تأثير كبير في حركة الدعم السريع وقد تشل حركة قواته، وتؤثر على الاستمرار في عملياته العسكرية؛ لأنها جعلت القوات مستهدفة بشكل مباشر من المجتمع الدولي ومن الأمم المتحدة.
ويعتقد الرزيقي أن جرائم الدعم السريع قد تمضي كلها إلى القضاء والمحاكمة الدولية، وهذا الجانب الحقوقي المهم ستبنى عليه أمور عديدة، لاسيما بعد فرض العقوبات؛ “لأنها تعتبر دليلاً على ارتكاب هؤلاء القادة أو الشخصيات لجرائم، وقد تستمر متابعة هذا الملف حقوقياً وقضائياً لعدم إفلات هؤلاء المجرمين من العقاب”.
ويؤكد بأن هذه العقوبات “سيكون لها دور مهم، وستدفع الدعم السريع إما إلى الخروج للأمام ومزيد من الحرب، أو تدفعه نحو تسوية ما، وقد يشعر الدعم السريع هزيمته الوشيكة أو يشعر بالتصدي والانفلات والضعف، وقد تؤدي هذه العقوبات إلى استسلامه أو إيقافه للحرب من طرف واحد بحثاً عن حل سياسي”.
ويستبعد أن الحل السياسي في السودان سيضمن وجود الدعم السريع؛ “لأن قوات الدعم لا مستقبل لها في البلاد، وهذه العقوبات ستضعف منها بشكل كبير ولن يتجه إلى مزيدٍ من التعقيدات في الصراع”.
ولفت الرزيقي إلى أن هذه العقوبات “تحمل رسالة إلى قائد الدعم السريع وشقيقه، وربما يكون لها تأثير كبير على الجهات الداعمة والدول التي تتدخل في الصراع السوداني، وستؤثر على مسار المعارك بشكل عام في البلاد”.
انهيار أمني
تسبب الصراع الدائر في السودان، بتصاعد موجات العنف العرقي، الذي تُتهم فيه بشكل كبير قوات الدعم السريع، رغم نفيها المتكرر، وإلقائها اللوم على جهات أخرى.
وتفيد بيانات الأمم المتحدة بأن قرابة 25 مليون سوداني -أي نصف السكان تقريباً- بحاجة ماسة إلى مساعدات، في ظل تفاقم أزمة الجوع بمخيمات النازحين وتشرد 11 مليون شخص، بينهم حوالي 3 ملايين اضطروا إلى الفرار خارج البلاد.
وتقدر المنظمة الدولية أن نحو 300 ألف شخص قُتلوا في دارفور خلال أوائل العقد الأول من القرن الحالي، حينما دعمت مليشيات “الجنجويد” – التي تشكلت منها لاحقاً قوات الدعم السريع – الجيش في قمع تمرد جماعات معظمها غير عربية.
وتطالب المحكمة الجنائية الدولية بتقديم عدد من الزعماء السودانيين السابقين إلى العدالة بتهم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية.
من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤخراً، عن إدانته لاستهداف المدنيين من قبل قوات الدعم السريع، في حين أعلنت بريطانيا عن نيتها السعي نحو صدور قرار من مجلس الأمن بخصوص هذا الصراع.
واستنكرت شبكة أطباء السودان الحصار المفروض من قبل قوات الدعم السريع على منطقة الهلالية، مشيرة إلى أعمال “القتل والنهب” التي تستهدف المدنيين العزل هناك، وطالبت المنظمات الدولية بضرورة التدخل العاجل لإنشاء ممر إنساني آمن وإجلاء السكان من المنطقة.
كما وجهت الشبكة اتهامات لقوات الدعم السريع بسرقة الأدوية ونهب الصيدليات ومرافق مستشفى الهلالية في ولاية الجزيرة، إضافة إلى عرقلة الفرق الطبية ومنعها من تقديم الإسعافات اللازمة للمصابين.
وأفادت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء بأن عدد الوفيات يرتفع بوتيرة سريعة وأن “بعض المحتجزين فقدوا أرواحهم جراء اضطرارهم إلى تناول حبوب قمح ملوثة، أو شرب مياه غير صالحة”، وأنّ آخرين “يعانون من إسهالات مائية ويُشتبه في إصابتهم بالكوليرا، ولا تتوفر لهم أي رعاية طبية”.