الاخبار

“الركود التضخمي”.. خطر عالمي هل يهدد استقرار الخليج المالي؟

بينما يراقب العالم تطورات الاقتصاد الأمريكي، تظل المخاطر قائمة بين ضغوط التضخم واحتمالية الركود، ما يضع صناع القرار أمام تحديات غير مسبوقة.

في خضم التحديات الاقتصادية المتصاعدة على مستوى العالم، يثير “الركود التضخمي” قلقاً رئيسياً للعديد من البلدان التي تكافح لتحقيق توازن بين كبح التضخم وتحفيز النمو.

ويُعَرَّف الركود التضخمي؛ بأنه حالة اقتصادية نادرة تتميز بتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، إلى جانب استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة.

كما تعد هذه الحالة الاقتصادية أحد أكثر التحديات تعقيداً أمام صناع السياسات النقدية، إذ يتطلب موازنة دقيقة بين كبح التضخم وتحفيز النمو.

منذ بداية عام 2025، ظهرت عدة عوامل أثارت المخاوف من حدوث ركود تضخمي عالمي، من أبرزها:

  • ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام؛ مما رفع تكاليف الإنتاج وأسهم في زيادة التضخم.

  • السياسات التجارية المتشددة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ مما زاد من تكاليف السلع المستوردة وأدى إلى زيادة التضخم.

  • توقعات بارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية بسبب التأثيرات الاقتصادية للرسوم الجمركية.

  • توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي في عام 2025.

  • ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة إلى 3% في يناير 2025.

  • السياسات النقدية المتشددة التي انتهجتها أوروبا.

ارتفاع القلق

في جلسة تداول الجمعة (21 فبراير 2025) ، شهد مؤشرا “داو جونز الصناعي” و”ستاندرد آند بورز 500″ أكبر خسائر لهما في عام 2025، ما عزز من الأجواء التشاؤمية بين المستثمرين.

كان مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” سجل إغلاقاً قياسياً عند 6.144.15 نقطة يوم الأربعاء السابق، لكنه تراجع بعد ذلك وسط مخاوف متزايدة بشأن الاقتصاد

المؤشرات الاقتصادية الأخيرة زادت من القلق، حيث أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات انكماشاً في قطاع الخدمات لأول مرة منذ أكثر من عامين، بينما سجل قطاع الإسكان تراجعاً ملحوظاً في المبيعات وطلبات الرهن العقاري.

يضاف إلى ذلك، تسجيل مؤشر ثقة المستهلك وفق استطلاع جامعة ميشيغن، انخفاضاً بنسبة 9%، مع تصاعد المخاوف من ارتفاع الأسعار نتيجة الرسوم الجمركية.

على الرغم من تحقيق الاقتصاد الأمريكي نمواً نسبته 4.2% في الربع الأخير من عام 2024، لكن استمرار الضغوط التضخمية قد يؤدي إلى تباطؤ في النصف الثاني من 2025، مما يزيد من احتمالية حدوث ركود اقتصادي.

في الأسواق، انعكس ذلك على أداء “وول ستريت” حيث سجل مؤشر “إس آند بي 500” أكبر انخفاض له منذ ديسمبر الماضي، وسط تزايد القلق بشأن تأثير السياسات الاقتصادية.

وبينما يراقب العالم تطورات الاقتصاد الأمريكي، تظل المخاطر قائمة بين ضغوط التضخم واحتمالية الركود، ما يضع صناع القرار أمام تحديات غير مسبوقة.

المخاطر والحلول

الخبير الاقتصادي حسام عايش الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين” حذر من أن الركود التضخمي يشكل تهديداً كبيراً للاقتصادات العالمية، مشيراً إلى تأثيراته السلبية على النمو الاقتصادي والاستثمار، لافتاً إلى أن هذا الركود يضر بالقطاعات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.

بالنسبة لدول الخليج، يرى عايش أن الركود سيؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط، مما يهدد استقرار موازناتها المالية ويزيد من العجز والمديونية. 

وفيما يتعلق بمستقبل الاقتصاد الخليجي، أكد على أهمية الاستثمار في الطاقة المتجددة وإدارة العوائد النفطية بحرفية لحماية الاقتصاد من مخاطر الركود.

وقال عايش حول الركود التضخمي وتأثيره على دول الخليج:

  • يُعد من أخطر الأمراض الاقتصادية التي تؤثر على النمو الاقتصادي، والاستثمارات، والمجتمع بشكل عام.

  • يؤدي إلى تراجع الطلب على النفط، ما ينعكس سلباً على الإيرادات النفطية.

  • يسبب عجزاً في الموازنات وزيادة المديونية، خاصة في دول مثل السعودية.

  • يؤدي إلى تباطؤ نمو القطاعات غير النفطية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الطلب.

  • يساهم في زيادة معدلات البطالة، ويؤثر على تحقيق أهداف الخطط المستقبلية.

  • يزيد من تكاليف المعيشة وقد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية في القطاعات المختلفة.

وحول السياسات المالية والنقدية يقترح عايش:

  • رفع أسعار الفائدة قد يكون أحد الحلول، ولكن يجب فهم أسباب التضخم (زيادة أو تراجع الطلب).

  • ضرورة توجيه الائتمان إلى القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة، والزراعة، والتكنولوجيا.

  • زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع الكبرى والبنية التحتية.

وعن الاستراتيجيات التي يمكن من خلالها مواجهة الركود قال:

  • التنويع الاقتصادي في القطاعات غير النفطية مثل السياحة، والصناعات التكنولوجية، والزراعة.

  • تحفيز القطاع الخاص وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

  • المضي قدماً في تنويع قطاع الطاقة لتشمل الطاقة المتجددة بجانب الطاقة الأحفورية.

  • بناء صناديق سيادية لاستثمار العوائد النفطية وضمان استدامتها لحماية الاقتصاد في الأوقات الصعبة.

  • تحسين الكفاءة الإنتاجية وتوسيع دور القطاعات غير النفطية لتعزيز الأداء الاقتصادي.

  • إيجاد سياسات خليجية متكاملة لمواجهة الركود التضخمي، سواء على مستوى التعاون بين دول الخليج أو على مستوى كل دولة على حدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى