الذهب يتراجع وبيتكوين يقفز.. صعود ترامب يغير قواعد اللعبة

– تراجع أسعار الذهب بسبب ارتفاع عوائد السندات وتفاؤل السوق.

– قفزة في أسعار البيتكوين بفضل سياسات ترامب المؤيدة للعملات الرقمية.

– ارتفاع الدولار الأميركي مدفوعاً بسياسات حمائية وانتعاش اقتصادي متوقع.

– التوترات الجيوسياسية قد تدفع الذهب للارتفاع مجدداً خلال عام 2025.

بعد إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، شهدت الأسواق المالية ردود فعل متباينة حملت تغييراً في قواعد اللعبة المتواصلة منذ فترة طويلة.

وعلى الرغم من التوقعات الأولية بارتفاع أسعار الذهب، فقد شهد السوق تراجعاً فورياً، مما أثار تساؤلات حول تأثير نتائج الانتخابات على الأصول الآمنة مثل الذهب، وكذلك على العملات المشفرة والدولار الأميركي.

الذهب.. تراجع مفاجئ

منذ بداية العام 2024، شهد الذهب ارتفاعاً مطرداً، حيث وصل إلى ذروة بلغت 2800 دولار للأونصة في أكتوبر.

ولكن مع إعلان فوز ترامب، تراجعت أسعار الذهب بنسبة 3%، لتنخفض إلى مستويات قرب 2700 دولار للأونصة.

ويعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل مرتبطة بالسياسات الاقتصادية المتوقعة من إدارة ترامب، بالإضافة إلى التغيرات في معنويات المستثمرين.

من أبرز هذه العوامل ارتفاع عوائد السندات الأميركية، حيث شهدت العوائد فور فوز ترامب ارتفاعاً ملحوظاً مما جعلها خياراً أكثر جاذبية للمستثمرين مقارنة بالذهب، الذي لا يوفر عائداً فورياً.

ويتوقع المحللون أن تركز إدارة ترامب على سياسات تدعم النمو الاقتصادي، مما يزيد من احتمالية رفع أسعار الفائدة على المدى القريب.

كما تسبب بتراجع الذهب التفاؤل بانتعاش الاقتصاد الأميركي، فقد تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإجراءات تحفيزية تشمل تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق على البنية التحتية.

وأدى هذا التفاؤل إلى تحول المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر الأعلى مثل الأسهم، وتراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن.

وتضمنت عوامل تراجع المعدن النفيس التوقعات بتقليل تدخل الاحتياطي الفيدرالي في السياسات الاقتصادية، فالرئيس الأمريكي المنتخب يعتبر من المنتقدين لتدخله، وقد أشار إلى نيته تقليص صلاحيات الفيدرالي.

وهذا التوجه قد يؤدي إلى استقرار الأسواق المالية، مما يقلل من جاذبية الذهب كملاذ آمن في المدى القصير.

ولكن رغم التراجع الحالي، يرى بعض المحللين أن أسعار الذهب قد تعود للارتفاع في حال تصاعدت التوترات الجيوسياسية أو شهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً غير متوقع.

ووفقاً لتقرير أصدرته شركة الأبحاث الاقتصادية “كابيتال إيكونوميكس” (مقرها لندن) في 8 نوفمبر الجاري، فإنه من المحتمل أن ترتفع أسعار الذهب مرة أخرى في عام 2025، مع تزايد المخاطر التضخمية وتوجه البنوك المركزية نحو تخفيض أسعار الفائدة.

العملات المشفرة.. قفزة تاريخية

وعلى عكس الذهب، شهدت العملات المشفرة ارتفاعاً ملحوظاً فور إعلان نتائج الانتخابات.

وقفز سعر البيتكوين إلى مستوى قياسي جديد، متجاوزاً 80,000 دولار للمرة الأولى في تاريخها.

ويُعزى هذا الارتفاع إلى توقعات بأن إدارة ترامب ستتبنى سياسات أكثر انفتاحاً تجاه الأصول الرقمية، بخلاف السياسات المتشددة لإدارة بايدن السابقة.

ومن العوامل الداعمة لارتفاع العملات المشفرة، تعهد ترامب بجعل الولايات المتحدة مركزاً عالمياً للعملات المشفرة، مما أثار حماس المستثمرين في هذا القطاع.

كما يتوقع محللون إلغاء ترامب لبعض القيود التنظيمية التي فرضتها إدارة بايدن على صناعة العملات الرقمية.

وأظهرت تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية الأمريكية في 10  نوفمبر الجاري، بأن صناديق الاستثمار الكبرى، مثل “بلاك روك” و”فيديليتي”، شهدت تدفقات مالية ضخمة إلى صناديق البيتكوين، مما يعكس ثقة متزايدة في الأصول الرقمية.

وأدى ارتفاع البيتكوين إلى مستويات قياسية إلى جذب المزيد من المستثمرين الباحثين عن عوائد مرتفعة.

الدولار.. ارتفاع مرتقب

شهد الدولار ارتفاعاً ملحوظاً فور إعلان فوز ترامب، حيث تحسنت قيمته أمام سلة من العملات الرئيسية.

وارتفع الدولار يوم الجمعة الماضي وحقق مكاسب أسبوعية طفيفة مع تقييم الأسواق لتأثير عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وما يعنيه ذلك بالنسبة للاقتصاد الأميركي.

وارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى في أربعة أشهر عند 105.44 يوم الأربعاء، لكنه انخفض بعد ذلك لأسباب عدة منها جني الأرباح.

وصعد الدولار 0.33٪ خلال التعاملات اليوم الجمعة إلى 104.75 وحقق مكاسب أسبوعية بنسبة 0.45٪.

ويتوقع محللون أن تؤدي سياسات ترامب المتعلقة بزيادة الرسوم الجمركية والقضاء على الهجرة غير الشرعية وخفض الضرائب إلى تعزيز النمو والتضخم وارتفاع الدولار.

وإضافة إلى ذلك فإن يميل ترامب، وفق برنامجه الانتخابي، إلى تبني سياسات حمائية تشمل فرض تعريفات جمركية على الواردات، مما قد يعزز من تنافسية الصادرات الأميركية.

هذه السياسات قد تؤدي إلى تقليل العجز التجاري، مما يدعم قوة الدولار على المدى الطويل.

بماذا نستثمر؟

ومن وجهة نظر المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر، فإن رد الفعل الأولي للأسواق بعد فوز ترامب يعكس مزيجاً من التفاؤل الحذر والترقب للتغيرات السياسية والاقتصادية القادمة.

ويقول أبو قمر في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إنه “بينما تراجعت أسعار الذهب، ارتفعت العملات المشفرة والدولار، مما يشير إلى تحولات في استراتيجيات الاستثمار بناءً على التوقعات المرتبطة بإدارة ترامب”.

ويرى أبو قمر أنه لا يتوقع أن يستمر تراجع الذهب لفترة طويلة حيث أن التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين المالي يمكن أن تدفع المستثمرين مرة أخرى نحو الذهب كملاذ آمن.

ويشير إلى أنه في حال تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط أو استمرت التوترات مع روسيا والصين، فقد يعود الذهب للارتفاع مجدداً ليصل إلى مستويات تتراوح بين 2800 و2900 دولار للأونصة خلال عام 2025.

وفيما يتعلق بالعملات المشفرة، يقول المحلل الاقتصادي، إن “فوز ترامب يعد فرصة ذهبية لسوق العملات الرقمية”.

ويضيف: “لقد شهدنا بالفعل قفزة في أسعار البيتكوين تجاوزت 80 ألف دولار بعد فوز ترامب، وهذا يعكس توقعات المستثمرين بأن الإدارة الجديدة ستكون أكثر انفتاحاً على الأصول الرقمية مقارنة بإدارة بايدن السابقة”.

ويتوقع على المدى الطويل، أن يصل سعر البيتكوين إلى 100 ألف دولار في حال استمرت السياسات الأمريكية والدولية الداعمة لهذا القطاع.

وبشأن الدولار، يعتقد أنه قد يشهد تقلبات قوية خلال الفترة المقبلة لكن على المدى الطويل من المتوقع أن تدعم السياسات الحمائية لترامب قيمة الدولار، خاصة إذا تم فرض تعريفات جمركية جديدة على الواردات وتعزيز الصادرات الأميركية.

وينصح المحلل الاقتصادي بالتنوع في المحافظ الاستثمارية خلال الفترة المقبلة عبر الاحتفاظ بالذهب في المحافظ كتحوط ضد المخاطر، إضافة إلى استثمار جزء في العملات المشفرة.