الاخبار

الدور الخليجي بملف غزة.. هل دفع ترامب نحو مواقف أكثر توازناً؟

لعبت دول الخليج دوراً محورياً في التأثير على المواقف الأمريكية تجاه الأزمة في قطاع غزة

في تطور مهم على الصعيد السياسي الدولي، ستكون دول الخليج على موعدٍ مع زيارة لافتة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمتد من 13 إلى 16 مايو الجاري، ولأهمية هذه الزيارة، تسعى دول مجلس التعاون إلى دفع الإدارة الأمريكية نحو اتخاذ مواقف أكثر توازناً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وغزة تحديداً.

ولعبت دول الخليج دوراً محورياً في التأثير على المواقف الأمريكية تجاه الأزمة في قطاع غزة، خاصة فيما يتعلق بالمساعدات الإغاثية والموقف من “إسرائيل”، ووقف الحرب والإفراج عن الأسرى.

وينتظر أن تحتضن العاصمة السعودية، أعمال قمة خليجية- أمريكية، تأتي في ضوء الزيارة التاريخية الأولى خارجياً لترامب إلى السعودية وقطر والإمارات، فهل تكون هذه الزيارة مختلفة وذات تأثير كبير على التطورات في غزة والمنطقة؟.

دول الخليج وغزة

خلال الأشهر الماضية، كثفت دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر، جهودها للتأثير على السياسة الأمريكية تجاه غزة، حيث أبدت دعمها الكامل لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وأكدت على ضرورة تحقيق وقف إطلاق نار طويل الأمد، إلى جانب ضرورة تقديم المساعدات الإغاثية بصورة فورية.

وسعت دول الخليج، من خلال الاتصالات والمحافل الدولية، إلى ضمان أن تكون المساعدات الأمريكية والمساعدات الدولية الموجهة للقطاع تتوافق مع معايير إنسانية صارمة، بما يضمن وصولها إلى الفئات الأكثر حاجة دون أي عوائق.

كما عملت دول الخليج على تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، محذرة من أن استمرار التصعيد العسكري قد يفضي إلى أزمة إنسانية أكبر ويزيد من تعقيد الحلول السياسية. 

هذه التحركات الخليجية كانت واضحة في المحافل الدولية، حيث دعمت مساعي الأمم المتحدة والولايات المتحدة للضغط على “إسرائيل” للقبول بوقف إطلاق النار وتقديم تسهيلات لإيصال المساعدات.

وتحظى السعودية وقطر بأهمية استراتيجية خاصة في هذا الملف؛ فالمملكة تقود جهوداً دبلوماسية دولية لإعادة طرح مبادرة تأسيس الدولة الفلسطينية، وتُعد الشريك الأول لواشنطن في ملفي الطاقة والدفاع. أما الدوحة فتلعب دور الوسيط النشط في ملف غزة، بجانب واشنطن.

ومنذ تسلمه السلطة في يناير الماضي، أجرى ترامب ومسؤولي إدارته عدة مباحثات مع قادة دول الخليج، ركزت خلالها الأخيرة على وقف إطلاق النار في غزة وتهدئة أوضاع المنطقة.

استجابة للضغوط الخليجية

الضغوط الخليجية كان لها تأثير كبير على مواقف الإدارة الأمريكية التي بدأتها بتأكيدها على ضرورة إجراء محادثات بين الأطراف المعنية، بما في ذلك “حماس” و”إسرائيل”.

ومن اللافت أن ترامب، الذي كان قد وصف الوضع في غزة بداية الأزمة بأنه “صراع معقد”، بدأ في تعديل موقفه ليتناسب مع تطورات الوضع ومع الضغوط الخليجية المتزايدة، حيث وصف في أحدث تصريح له (12 مايو) بأن الحرب في غزة “وحشية”.

وتمكنت قطر إلى جانب مصر في ربط محادثات “حماس” بالإدارة الأمريكية، والتي أفضت إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسير المزدوج الجنسية عيدان ألكسندر، وهي خطوة جاءت في وقت حساس قبيل زيارة ترامب إلى الخليج.

حيث أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الاثنين (12 مايو)، أن الإفراج عن عيدان جاء ثمرة جهود دؤوبة للتوصل إلى وقف إطلاق النار.

كما أن التصريحات الأمريكية في الأسابيع الماضية أظهرت تغيراً ملحوظاً في المواقف، إذ أكد المسؤولون الأمريكيون أنهم بصدد العمل على تهدئة الأوضاع في غزة، مع التركيز على ضمان تدفق المساعدات الإنسانية. 

وبعد تسليم الأسير ألكسندر، أكدت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر، أن “الولايات المتحدة تحث إسرائيل على الدخول في محادثات مع حماس لإنهاء الحرب”، فيما سيمكث الوفد الإسرائيلي المفاوض بالدوحة طيلة فترة زيارة ترامب للمنطقة”، وهو ما يشير لدفع أمريكي باتجاه صفقة.

وشهدت الفترة الأخيرة مناقشات داخل الإدارة الأمريكية حول ضرورة الضغط على “إسرائيل” للقبول بتبادل الأسرى ووقف الأعمال العسكرية التي تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في القطاع، ووصلت حد الخلاف بين ترامب ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

ومن الضروري الإشارة إلى أن رحلة ترامب إلى الشرق الأوسط، لن يكون في مضمونها زيارة “إسرائيل”، وهو ما أغضب الجانب الإسرائيلي أيضاً، مع حديث عن أنه قد يزورها في حال التوصل لاتفاق بشأن غزة.

تعزيز المواقف تجاه فلسطين

وفي ضوء هذه التطورات، يعتقد البعض أن الرئيس الأمريكي قد يسعى إلى تعزيز مواقفه السياسية قبيل زيارته لدول الخليج، التي ستتضمن قضايا عدة منها السياسة الإقليمية والأمنية، مع التركيز على قضية فلسطين.

ومن المتوقع أن تزداد تحركات دول الخليج في التأثير على السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وقد تكون أكثر وضوحاً في القضايا المتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، والضغط على “إسرائيل” للقبول بوقف إطلاق النار، وكذلك الدفع نحو تحقيق تسوية سياسية أوسع.

ولم تعد دول الخليج مجرد وسيط سياسي بل تحولت إلى فاعل رئيسي في التأثير على مواقف الولايات المتحدة تجاه القضايا الإقليمية، ومن المحتمل أن تشهد المنطقة مزيداً من التغييرات في مواقف واشنطن تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في المستقبل القريب، وهو ما يتوقع أن يحدث أو يصدر خلال زيارة ترامب.

وتقول عدة وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية أن إدارة الرئيس ترامب تعمل على خطة تتعلق بغزة، قد يتم الإعلان عنها خلال الأيام والأسابيع القادمة.

ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن مصدر خليجي أن ترامب يعتزم الإعلان عن اعتراف رسمي بدولة فلسطينية خلال زيارته الحالية للشرق الأوسط.

ففي تصريحات صحفية الأسبوع الماضي، ذكر ترامب أنه سيكون هناك إعلان “عن شيء كبير جداً قبل أن أذهب إلى المنطقة، سيكون مهماً للشرق الأوسط وللعالم”.

ولم يوضح ترامب مقصده من التصريحات، إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت إن “إعلاناً مهما بشأن إدخال المساعدات إلى غزة سيصدر خلال الأيام القليلة المقبلة، وهناك أنباء سارة للغاية”.

ثقل خليجي واضح

ويقول المحلل السياسي الفلسطيني وسام عفيفة، إنه لا يمكن قراءة التحولات الأخيرة في الموقف الأمريكي تجاه الحرب على غزة خارج إطار التأثير المتصاعد للدبلوماسية الخليجية، وتحديداً من السعودية وقطر والإمارات.

ويضيف عفيفة في حديثه لموقع “الخليج أونلاين” بقوله:

– هذا الثقل الخليجي بات واضحاً في أكثر من محطة، سواء عبر مصالح التعاون الاقتصادي، أو من خلال رفض علني لمواصلة الحرب في غزة، أو حتى في التحفظ الضمني وإعادة النظر في مسارات التطبيع أو التعاون الأمني.

– الاستياء الأمريكي من تعنت الاحتلال في ملف التهدئة وصفقة التبادل لا ينبع فقط من اعتبارات إنسانية أو أمنية، بل أيضاً من موقف خليجي يرى أن إطالة أمد الحرب تُضعف الموقف العربي وتُحرج الحلفاء في الخليج أمام شعوبهم. 

– جاء الاتفاق الأخير مع حماس — الذي كُشف عنه قبل ساعات من زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة بشأن الأسير عيدان — كمحاولة لتهيئة البيئة السياسية الخليجية، وتخفف من وطأة الانتقادات التي تُلاحق واشنطن بسبب انحيازها المطلق لتل أبيب.

– من المرجح أن تستمر دول الخليج، لا سيما قطر والسعودية، في توظيف هذا النفوذ لتعديل كفة المواقف الأمريكية، وربما الدفع لاحقاً باتجاه مسار سياسي أكثر جدية يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية بعد سنوات من التهميش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى