الاخبار

الدراما السعودية.. قصص جريئة ودعم كبير ومشاركة عربية

الفنان محمد أبو يوسف: 

السعودية تمكنت من تحقيق قفزة نوعية في مجال الإنتاج الدرامي.

يعود تطور الدراما السعودية إلى وجود دعم كبير ومنهج مدروس رسم خارطة طريق ثقافية تمتد لسنوات قادمة.

شهدت الدراما السعودية خلال السنوات الأخيرة تطوراً نوعياً بارزاً، وضعها في مكانة متقدمة على خارطة الأعمال الفنية العربية، بفضل الجهود الكبيرة التي بُذلت على صعيد الإنتاج الضخم والدعم الحكومي المتزايد، إضافة إلى تعزيز التعاون الفني من خلال الأعمال المشتركة مع دول عربية وعالمية.

تألقت الإنتاجات الدرامية السعودية مؤخراً من خلال تخصيص ميزانيات ضخمة، ما أتاح للمخرجين والمصورين السعوديين والعرب والأجانب العمل بحرية أكبر واستخدام أحدث التقنيات في الإخراج والتصوير.

كل هذا انعكس بشكل إيجابي على المستوى الفني والجودة البصرية التي جذبت اهتمام المشاهد العربي.

من أبرز المسلسلات السعودية التي حققت نجاحاً كبيراً في الخمس سنوات الأخيرة: مسلسل “العاصوف”، و”رشاش”، و”اختطاف”، و”سكة سفر”، و”منهو ولدنا؟”، و”طاش العودة”، و”دفعة لندن”، و”مرزوقة” و”شارع الأعشى”.

كان لنوعية القصص واحترافية السيناريوهات سبباً فيما حققته الدراما السعودية قفزة كبيرة في مستواها، حيث تناولت موضوعات اجتماعية جريئة وهادفة، وقدمت محتوى درامياً متنوعاً يحاكي تطلعات الجمهور المحلي والعربي.

وكان لافتاً التنوع في الأعمال ما بين التاريخي والاجتماعي والكوميدي، مما عزز مكانة الدراما السعودية بين الجمهور العربي بشكل عام.

وساهمت مشاركة نجوم عرب بارزين في الأعمال السعودية المشتركة في تعزيز الحضور العربي للأعمال السعودية، فيما قدم الممثلون السعوديون أداءً عالي المستوى أظهر تطوراً واضحاً في تقنيات التمثيل واحترافية الأداء، ما رفع من مكانتهم الفنية في العالم العربي.

هذا التطور أدى إلى تحقيق الأعمال السعودية نجاحات كبيرة في منصات العرض الرقمي والقنوات الفضائية، ونالت إشادات واسعة من النقاد والجماهير على حد سواء، الأمر الذي يؤكد أن الدراما السعودية تعيش عصراً ذهبياً يمهد لمستقبل واعد في صناعة الترفيه والدراما على المستوى الإقليمي والعالمي. 

رؤية 2030

رؤية السعودية 2030، التي تعتبر الثقافة والفن والترفيه من القطاعات الأساسية لتنويع مصادر الاقتصاد، كان لها الدور الأبرز في التطور اللافت الذي عرفته الدراما السعودية، والقطاع الفني بشكل عام حيث شهد زخماً في الكم والنوع.

ومن أبرز ملامح هذا الاهتمام:

  • إنفاق كبير واستثمارات واسعة بتخصيص ميزانيات ضخمة للقطاع الفني والترفيهي.

  • إطلاق صندوق للاستثمار في المشاريع الإبداعية.

  • إطلاق الهيئة العامة للترفيه وهيئة الأفلام ووزارة الثقافة السعودية العديد من المبادرات لدعم الإنتاج الفني والدرامي.

  • تطوير منصات محلية مثل منصة شاهد (MBC)، التي توسعت بشكل كبير في الإنتاج الدرامي السعودي.

  • ظهور منصات جديدة مثل منصة جوي TV وغيرها، بهدف المنافسة إقليمياً وعالمياً.

  • زيادة الاعتماد على فنانين من مختلف البلدان العربية؛ لرفع مستوى الأعمال الدرامية السعودية وتوسيع قاعدة المشاهدين.

  • التركيز على الجودة العالية في الإنتاج.

  • الاهتمام بالقصص المحلية التي تناقش قضايا اجتماعية معاصرة بشكل جريء ومختلف.

أعمال مبهرة

الكاتب محمد مفتي في مقال بصحيفة “عكاظ” تناول مدى شهرة هذا المسلسل عربياً ونجاحه على امتداد العالم العربي. ومسلسل “طاش ما طاش” الذي أنتج في سلسلة من الأجزاء، من أكثر الأعمال السعودية والخليجية شهرة على الإطلاق.

ويقول مفتي في مقاله الذي حمل عنوان “مرة أخرى.. طاش ما طاش” شدد على ضرورة “ألا نغض الطرف عن أن هذا المسلسل السعودي فرض نفسه على الساحة الفنية كسفير للمملكة عبر كافة أرجاء العالم”.

ويستدل الكاتب على كلامه بأن مكتبة الكونجرس الأمريكية طالبت ببعض أجزاء العمل للاحتفاظ بها في أرشيفها الخاص.

وذلك يعني أن “هذا العمل الفني كسر الإطار المحلي التقليدي وبات معبراً عن طبيعة المجتمع السعودي بعيون الآخرين”، وفق ما ذكر مفتي. 

الكاتبة العُمانية آمنة بنت محمد البلوشية، تطرقت إلى مسلسل سعودي يحمل عنوان “شارع الأعشى” يعرض حالياً في سباق رمضان الدرامي. 

تقول البلوشية: “بعد مشاهدتي للمسلسل السعودي شارع الأعشى، لاحظتُ أن التجربة الدرامية في السعودية أصبحت أكثر نضجاً وجمالاً”.

تشير الكاتبة  في مقالها الذي نشرته صحيفة “وجهات”، إلى أن المسلسلات السعودية باتت “تتجلى فيها عناصر القوة الفنية بأسلوب متنوع ومغاير، مما منحها طابعاً متجدداً”.

هوية خاصة

الفنان محمد أبو يوسف، رئيس اتحاد هواة السينما في العراق، يرى أن الدراما السعودية تشهد تطوراً ملحوظاً بفضل دعم مدروس ورؤية ثقافية واضحة، مما ساعدها على تجاوز التحديات وإثبات هويتها الخاصة وسط الإنتاج العربي. 

وأكد أبو يوسف في حديث لـ”الخليج أونلاين”، أن الدراما السعودية يمكن وضع عنونتها بأنها تقع “ما بين كسر القيود وإثبات الوجود”.

وأوضح أن الدراما الخليجية عموماً كانت متشابهة في الطرح والمحتوى؛ “نظراً لتقارب الحياة الاجتماعية بين دول المنطقة، باستثناء بعض الأعمال التي برزت هنا وهناك”.

لكنه أشار إلى أن السعودية تمكنت من تحقيق قفزة نوعية في مجال الإنتاج الدرامي، “بفضل دعم كبير ومنهج مدروس رسم خارطة طريق ثقافية تمتد لسنوات قادمة”.

وأضاف أبو يوسف أن العمل الفني لا يعتمد فقط على التمويل، بل يحتاج إلى أسس متينة لضمان النجاح.

وبين أن هذه الأسس تشمل “تكثيف الإنتاج لاكتساب الخبرات، واستقطاب مختصين من الخارج، وإنشاء ورش ومعاهد فنية تهتم بالمواهب وتأهيلها أكاديمياً؛ مما يساهم في إنتاج أعمال ذات نوعية متقدمة”.

وأشار أبو يوسف إلى أن الدراما السعودية تخوض صراعاً بين إرث ثقافي متراكم وتوجه إبداعي يسعى إلى تجاوز التحديات، مؤكداً أن هذا التوازن سيتيح لها فرصة ترسيخ هويتها الخاصة وحجز مكانة متميزة بين القنوات العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى