الحصار والحرب يطفئان أحلام حجاج غزة للسنة الثانية

الحصار وإغلاق المعابر الحدودية والحرب العدوانية حرمت سكان غزة للعام الثاني على التوالي من أداء فريضة الحج.
للعام الثاني على التوالي، يحرم آلاف الفلسطينيين من سكان غزة من أداء فريضة الحج، بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي، وإغلاق المعابر الحدودية، وتشديد الحصار المفروض على القطاع، ما أدى إلى تعطيل كامل لحركة السفر ومنع المواطنين من المغادرة حتى لأداء مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام.
ومع انطلاق مناسك الحج لهذا العام في الأراضي المقدسة، يعيش أولئك الذين وردت أسماؤهم في قرعة الحج خلال العامين الماضيين حالة من الحزن والحسرة، وهم يتابعون الحجاج في مكة المكرمة عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، بينما هم محاصرون في غزة.
وقد أعلنت السلطات السعودية أن أكثر من مليون و650 ألف حاج من خارج المملكة وصلوا إلى الأراضي المقدسة حتى ظهر يوم الاثنين 2 يونيو 2025، إضافة إلى نحو 500 ألف حاج من داخل البلاد، من المواطنين والمقيمين من 13 جنسية مختلفة، في وقت يغيب فيه حجاج غزة بشكل قسري عن هذا المشهد الإيماني العظيم.
أحلام مؤجلة
الحاج أحمد حدايد، البالغ من العمر 59 عاماً، كان من المحظوظين الذين فازوا بقرعة الحج لعام 2024، إلا أن فرحته لم تكتمل، فقد حرمه العدوان الإسرائيلي الذي بدأ على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 من أداء المناسك. واليوم، مع استمرار الحرب وإغلاق المعابر، يجد نفسه محروماً مجدداً للسنة الثانية على التوالي.
يقول حدايد لـ”الخليج أونلاين”: “الحج حلم راودني طوال حياتي، حلم يراود كل مسلم، وكان أقرب ما يكون إلى التحقق، واقتنيت ملابس الإحرام وبدأت بالتحضير الروحي والجسدي، لكن الحرب باغتتنا، وضاعت الفرصة، ثم جاء هذا العام وأنا متمسك بالأمل، لكن الحصار والإغلاق أنهياه من جديد”.
يعيش حدايد اليوم في خيمة نزوح، وقد احتفظ بملابس الإحرام، مؤمناً بأن الله قد يكتب له تحقيق هذا الحلم في وقت ما، رغم المعاناة.
نساء محرومات
الحاجة نجوى الشيخ، وهي سيدة ستينية من غزة، عايشت ذات الألم، فتقول بأسى: “أدع الله في كل صلاة أن يمنّ عليّ بالحج، أرفع يدي إلى السماء وأتخيل نفسي أطوف بالكعبة وأقف في عرفات بين الحجاج، لكن كل شيء هنا يقف ضدنا، لا معبر، لا بيت، لا أمان، حتى الأمل أصبح ضعيفاً”.
تقول الحاجة نجوى لـ”الخليج أونلاين”: “لا يزال لدي الأمل أن أصل للكعبة المشرفة وأؤدي فريضة الحج قبل موتي، لأني كنت محرومة على مدار سنوات طويلة من ظهور اسمي في القرعة، وبعد تلك الفترة ورد اسمي في القرعة ولكن الحرب منعتني من السفر”.
فقدت الحاجة نجوى منزلها خلال قصف الاحتلال الأخير، ولم تعد تملك شيئاً سوى دعائها وأملها بالله أن يمن عليها بنعمة الحج.
محمد شبير، أحد أعضاء جمعية الحج والعمرة الفلسطينية في غزة، أكد أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمنع الحجاج الغزيين من مغادرة القطاع للسنة الثانية، مشدداً على أن هذا المنع يعد انتهاكاً صارخاً للحقوق الدينية، وحرماناً غير مبرر من عبادة مفروضة شرعاً.
وأوضح شبير في حديث خاص لـ”الخليج أونلاين” أن معبر رفح، المنفذ الوحيد أمام سكان القطاع، لا يزال مغلقاً في وجه الحجاج، ما يعطل كامل ترتيبات موسم الحج ويترك آلاف المسجلين في دوامة من الانتظار، خاصة كبار السن الذين انتظروا هذه اللحظة عقوداً طويلة.
وأضاف أن “أكثر من 200 حاج ممن سجلوا لأداء فريضة الحج في موسم 2023، توفوا أو استشهدوا قبل أن تتحقق أمنيتهم، وقد خيم الحزن على أسرهم التي كانت تنتظر أن تراهم في بيت الله الحرام”.
ورغم التحديات، تواصل جمعية الحج والعمرة جهودها في الإعداد لموسم الحج، حيث تم استكمال كل الإجراءات الإدارية المطلوبة، بما في ذلك تحصيل الدفعة الأولى من رسوم الحج، والتي تبلغ 2000 دينار أردني، وحصر أسماء الحجاج المتوفين واستبدالهم، إضافة إلى تسجيل المرافقين للحالات الإنسانية، مثل كبار السن والمرضى وذوي الإعاقات.
وقال: “نصر على البقاء جاهزين في حال فتح المعبر في أي لحظة، فواجبنا أن نكون في خدمة حجاج غزة مهما كانت الظروف”.
وشدد على ضرورة إنهاء معاناة حجاج قطاع غزة والسماح لهم بتأدية فريضة الحج كباقي ملايين الحجاج الذين يؤدون الفريضة كل عام.