الثانية خليجياً.. ما أهمية زيارة الشرع المرتقبة إلى الإمارات؟

ترغب الإمارات في لعب دور مؤثر في مستقبل سوريا ودعم استقرارها، كجزء من استراتيجيتها لاستقرار الإقليم ككل.
يعتزم الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، التوجه الأسبوع المقبل إلى الإمارات، وهي الزيارة الثانية له إلى دولة خليجية بعد السعودية في فبراير الماضي، حيث كانت أول وجهة خارجية له عقب توليه الرئاسة في يناير الماضي.
وتأتي زيارة الشرع إلى الإمارات في وقت تسابق فيه سوريا الزمن لرفع العقوبات الدولية، ووقف التصعيد العسكري الإسرائيلي على أراضيها.
وتعد العقوبات الأمريكية على وجه الخصوص، التي استهدفت أفراداً وشركات وقطاعات حيوية في نظام الأسد المخلوع، أحد أبرز العوائق أمام تعافي الاقتصاد السوري وإعادة الإعمار.
نهج جديد
وتشكل الإمارات بوابة اقتصادية هامة لسوريا في مرحلة ما بعد الأسد، حيث يمكنها أن تسهم في إعادة الإعمار وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية.
وترغب الإمارات في لعب دور مؤثر في مستقبل سوريا ودعم استقرارها، كجزء من استراتيجيتها لاستقرار الإقليم ككل.
وكانت الإمارات قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأسد السابق في فبراير 2012، تزامناً مع تعليق جامعة الدول العربية عضوية سوريا، بعد قمع الثورة المطالبة بالديمقراطية والحرية عام 2011، لكن في نهاية عام 2018 أعادت علاقاتها ودعمت إعادة النظام إلى مقعده في الجامعة العربية.
لكن كان لافتاً أن أول مباحثات هاتفية عقدها الشرع عقب الإطاحة بالأسد في 8 ديسمبر الماضي كانت مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وخلال الاتصال جدد بن زايد تأكيد موقف بلاده “الثابت تجاه دعم استقلال سوريا وسيادتها على كامل أراضيها”، مؤكداً “وقوف الإمارات إلى جانب الشعب السوري الشقيق، ودعمها المساعي كافة التي تهدف إلى تحقيق تطلعاته إلى الأمن والسلام والاستقرار والحياة الكريمة”، وفق وكالة الأنباء الإماراتية “وام”.
كما زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الإمارات مرتين الأولى في يناير الماضي ضمن جولة خليجية، وخلالها التقى نظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان.
وجدد وزير الخارجية الإماراتي خلال لقائه الشيباني التأكيد على موقف بلاده الثابت في دعم استقلال سوريا وسيادتها على كامل أراضيها، كما أكد وقوف الإمارات إلى جانب الشعب السوري، ودعمها كافة الجهود الإقليمية والأممية التي تقود إلى تحقيق تطلعاته في الأمن والسلام والاستقرار والحياة الكريمة.
أما الزيارة الثانية فجاءت يوم 11 فبراير حيث قال خلالها الشيباني، إن الرئيس السوري سيزور دولة الإمارات “قريباً جداً”.
وأوضح، خلال لقاءات عقدها مع القطاعات المالية الإماراتية والسورية الأممية، على هامش القمة العالمية للحكومات، أن الإمارات والسعودية والدول الأوروبية يدعمون رفع العقوبات الدولية عن سوريا، مؤكداً أن قرار رفعها بات مسألة وقت.
وأكد أن “المنظمات الدولية بجميع وكالاتها، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، كلها تدعم هذا المسار”؛ أي رفع العقوبات عن سوريا.
والتقى الشيباني أيضاً مع نظيره الإماراتي، على هامش القمة، وتطرقت مباحثات الجانبين إلى الأوضاع في سوريا بالإضافة إلى التطورات الإقليمية الراهنة، بحسب “وام”.
وشدد بن زايد خلال اللقاء “على موقف الإمارات الثابت في دعم استقلال سوريا وسيادتها على كامل أراضيها ووقوفها إلى جانب الشعب السوري ودعمها لكافة الجهود التي تقود إلى تلبية تطلعاته في الأمن والاستقرار المستدامين والحياة الكريمة”.
وأشار إلى “أهمية المضي قدماً في مسار البناء والتنمية في الجمهورية العربية السورية الشقيقة مع توفير كافة عوامل الأمن والاستقرار من أجل مستقبل واعد يزخر بفرص الازدهار والرخاء لشعبها”.
من جانبه قال وزير الخارجية السوري، في تغريدة له على منصة “إكس”: “يسعدني أن أمثل سوريا في القمة العالمية للحكومات اليوم في دبي، وقد كان لي الشرف بلقاء سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان لمناقشة أهم القضايا المتعلقة بالتعاون الاستراتيجي بين بلدينا، لا سيما فيما يتعلق بالبنية التحتية والتنمية وتعزيز القطاع العام”.
الحضور الإماراتي
الحراك الإماراتي تجاه سوريا الجديدة، يعكس رغبة إماراتية في تعزيز نفوذها والتقارب معها لاسيما في الملف الاقتصادي وإعادة الإعمار.
ويبدو أن الإمارات تسعى إلى صفحة جديدة مع سوريا، عقب سقوط الأسد، وقد تفتح زيارة الشرع المرتقبة الباب أمام التعاون المشترك سياسياً واقتصادياً.
إذ ترتبط الإمارات بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” الأمر الذي قد يجعلها وسيطاً محتملاً لرفع العقوبات والتوصل إلى تفاهمات أمنية جديدة بين دمشق وتل أبيب، وفق اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974.
كما تسعى الشركات الإماراتية للاستفادة من فرص إعادة الإعمار، حيث يمكن للإمارات أن تصبح من أكبر المستثمرين في سوريا، كما قد ترى فيها سوقاً جديداً للاستثمارات العقارية والتجارية، خاصة بعد استقرار الأوضاع.
وتمتلك الإمارات خبرة كبيرة في مجال التطوير العقاري والبنية التحتية، مما يجعلها شريكاً مثالياً للمساهمة في إعادة الإعمار، ويمكن أن تلعب الشركات الإماراتية دوراً كبيراً في مشاريع الإسكان، الطرق، والمرافق العامة.
وتعد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين لسوريا، حيث شكلت نسبة كبيرة من التجارة الخارجية السورية قبل الثورة، ويمكن إعادة تفعيل الاتفاقيات التجارية وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، مما يسهم في انتعاش الاقتصاد السوري.
ولدى الإمارات خبرات واسعة في مجال الطاقة المتجددة، ويمكن أن تساعد دمشق في تطوير مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والاستثمار في قطاع النفط والغاز في سوريا، ما يعزز الإنتاج المحلي ويزيد من العائدات المالية.
ما المطلوب من أبوظبي؟
يشير موسى قرقور مدير مركز الدراسات السورية الخليجية، إلى أن سياسة الرئيس السوري الخارجية تتسم بتوثيق روابط الصداقة والرسائل التطمينية مع دول الخليج، وخصوصاً مع الإمارات، مضيفاً لـ”الخليج أونلاين”:
-
ينتهج الشرع سياسة خارجية قائمة على الخطاب الهادئ والرسائل التطمينية، تجاه دول الخليج العربي لاسيما الإمارات التي تعاني من هواجس أمنية مرتبطة بصعود التيارات الإسلامية.
-
كما يحرص الشرع على النأي بنفسه عن الخطاب الأيديولوجي، وخصوصاً المرتبط بالإسلام السياسي، لتقليل المخاوف الخليجية، مع التركيز على الواقعية السياسية.
-
يدرك الرئيس السوري الانتقالي الحساسية الشديدة لدى الإمارات تجاه التنظيمات الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان المسلمون، ويعمل على ضمان أن لا تشكل سوريا تهديداً أمنياً أو أيديولوجياً لأبوظبي.
-
تعد الإمارات فاعلاً إقليمياً مؤثراً، خصوصاً بعد توقيع “اتفاق أبراهام” مع “إسرائيل” عام 2020، مما يجعلها بوابة مهمة نحو التأثير في العلاقات مع تل أبيب.
-
يأمل الشرع أن تستثمر الإمارات علاقاتها الاستراتيجية مع “إسرائيل” لتكون جسراً محتملاً للعب دور وساطة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سوريا خصوصاً بعد طرد إيران والمليشيات الشيعية المرتبطة بها مع سقوط نظام بشار الأسد.
-
تمتلك الإمارات واحداً من أقوى شبكات الضغط السياسي في واشنطن، ولهذا يأمل الشرع أن تستثمر هذا النفوذ في داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس لرفع العقوبات التي تقوض سبل التعافي الاقتصادي في سوريا.
-
لكن بالتأكيد يدرك الرئيس السوري أن الدور الإماراتي لن يكون مجانياً، بل في إطار صفقة مصالح إقليمية تتقاطع فيها ملفات كمواجهة ما تبقى من النفوذ الإيراني، ومنع سوريا من أن تكون قاعد لجماعات الإسلام السياسي خشية تهديد أمن واستقرار دول المنطقة.