التزام إنساني عالمي… السعودية توسع جهودها لمحاربة شلل الأطفال
السعودية نفذت 15 مشروعا في مناطق مختلفة من العالم للقضاء على شلل الأطفال
بلغت تكلفة هذه المشاريع 39.114 مليون دولار
تعتبر السعودية اليوم واحدة من أبرز الدول المساهمة في جهود القضاء على شلل الأطفال، وهو مرض يصيب الجهاز العصبي ويؤدي إلى إعاقة دائمة لدى صغار السن.
ولم يكن دور السعودية في هذا المجال مجرد مشاركة بسيطة، بل دوراً قيادياً فعّالاً يسعى إلى تغيير واقع الأطفال في الدول المتضررة مثل باكستان وأفغانستان.
مكافحة شلل الأطفال
أولت السعودية اهتماماً كبيراً بتطوير القطاع الصحي في الدول الأقل نمواً، لما لهذا القطاع من دور أساسي في تعزيز الصحة العامة ودعم المنظمات الصحية وتوفير الرعاية الطبية التي تنقذ حياة الملايين حول العالم.
وأطلقت المملكة العديد من المبادرات بالتعاون مع منظمات عالمية بارزة كمنظمة الصحة العالمية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس لمكافحة شلل الأطفال.
ونفذت المملكة 15 مشروعاً بإجمالي تكلفة بلغت 39.114 مليون دولار، منها 10 مشاريع شملت فلسطين وأفغانستان والسودان والصومال والعراق وباكستان وجمهورية إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية وغينيا، بميزانية قدرها 11.314 مليون دولار، وذلك من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة.
وفي مايو 2024، قدمت السعودية أكثر من 600 مليون دولار بهدف حماية 370 مليون طفل سنوياً من شلل الأطفال ودعم انتشال الملايين من الفقر في 33 دولة من الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية، بالشراكة مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس، منها 500 مليون دولار خُصصت لخمس سنوات للمبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، ودعم توفير اللقاحات في الدول الأكثر تضرراً.
وتركز المبادرات السعودية في مكافحة شلل الأطفال على عدة محاور، منها توعية المجتمعات المحلية، وتقديم الرعاية الصحية للأطفال غير المحصنين، وتطوير نظم تطعيم قادرة على الوصول إلى الفئات الأكثر هشاشة.
وعلى الرغم من التحديات اللوجستية، أثبتت جهود المملكة فاعليتها، حيث تسهم في حماية مئات الآلاف من الأطفال من هذا المرض المميت.
وتعتبر هذه الجهود جزءاً من مساعي السعودية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تركز على الصحة والرفاهية، مما يعزز دور المملكة في دعم صحة الأطفال ويؤكد التزامها الإنساني تجاه المجتمعات الأقل حظاً على الصعيد العالمي
دور فعّال
ويرى الصيدلاني والإعلامي الطبي أيمن خسرف، أن جهود المملكة في مكافحة شلل الأطفال مهمة للغاية، إذ تتماشى مع أهداف صحية عالمية تهدف إلى استئصال المرض الذي يهدد حياة أعداد كبيرة من الأطفال في الدول النائية والمناطق المتأثرة بالنزاعات.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن المملكة قدمت أشكالاً عديدة من الدعم لمنظمة الصحة العالمية ويونيسف، كما شاركت في حملات تحصين الأطفال في الدول التي تعاني من أنظمة صحية ضعيفة.
ويؤكد خسرف بأن الدور السعودي في هذا الشأن يتجاوز التمويل إلى العمل الميداني أيضاً، إذ تساهم المملكة في توفير المعدات الطبية ودعم الأبحاث الميدانية التي تُعنى بتطوير لقاحات وأساليب تطعيم أكثر فاعلية.
ويوضح أن الاستراتيجيات السعودية للقضاء على شلل الأطفال تتميّز بعوامل عدة تجعلها فعّالة ومؤثرة، تتمثل في التعاون مع المنظمات الدولية والمحلية، والتمويل المستمر والمرن، والتركيز على المناطق المتأثرة بالنزاعات، فضلاً عن تنظيم برامج تدريب ودعم للكوادر المحلية.
ويلفت إلى أن التعاون بين السعودية والمنظمات الدولية يعتبر ركيزة أساسية في تحقيق القضاء على شلل الأطفال، إذ تبرز أهمية هذا التعاون في جوانب عدة، أبرزها توحيد الجهود وتعزيز التنسيق، ودعم البحث وتطوير اللقاحات، وحملات التوعية والثقة المجتمعية، فضلاً عن تبادل الخبرات وبناء القدرات المحلية.
ويؤكد خسرف بأن هذا التعاون بين السعودية والمنظمات سيعزز من فرص القضاء على مرض شلل الأطفال في الدول المتضررة، كما يمكن أن يساهم بتسريع تحقيق الأهداف الصحية العالمية المشتركة.
مبادرات متعددة
في إطار سعيها للقضاء على شلل الأطفال، أطلقت المملكة العديد من المبادرات في الدول المتأثرة بالمرض، وعلى سبيل المثال، نفذ المركز برامج تطعيم للأطفال في كل من باكستان وأفغانستان، وهما من آخر الدول التي لا يزال المرض مستوطناً فيها.
وتم تخصيص فرق ميدانية من المتطوعين للقيام بحملات طرق الأبواب في المناطق النائية، لضمان وصول اللقاحات إلى جميع الأطفال المستهدفين، حتى في المناطق ذات البنية التحتية المحدودة.
وكجزء من مسؤوليتها الإنسانية، ساهمت المملكة في مكافحة الحصبة وشلل الأطفال بتقديم 57.67 مليون دولار عبر منظمات مثل اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وتحالف “غافي” للقاحات.
كما نفذت مشاريع في هذا الإطار بقيمة 15 مليون دولار، منها 11.14 مليون دولار عبر مركز الملك سلمان للإغاثة.
وفي أغسطس 2016، قدم مركز الملك سلمان للإغاثة لقاحات لدعم الشعب الفلسطيني، شملت 15 ألف جرعة لقاح للحمى الشوكية، و15 ألف جرعة لقاح شلل الأطفال لوزارة الصحة الفلسطينية.
وتشارك المملكة، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، في الاحتفال باليوم العالمي لشلل الأطفال في 24 أكتوبر من كل عام، دعماً للجهود الدولية في القضاء على المرض، والتخفيف من آثاره على الأفراد والمجتمعات، وتعزيز التوعية بمخاطره الصحية الكبيرة.
وتُظهر هذه الجهود رؤية المملكة الإنسانية والتزامها بدورها الإقليمي والدولي في تعزيز الصحة العامة ومحاربة الأمراض المعدية، وتوسيع رقعة المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء العالم.
ويُعتبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (KSrelief) أحد أبرز الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني داخل المملكة وخارجها، ومنذ تأسيسه، أخذ المركز على عاتقه مهمة تقديم العون في العديد من القطاعات الصحية، ومن بينها مكافحة شلل الأطفال.
ويقوم المركز بتوجيه جهوده نحو الدول التي لا يزال المرض متواجداً فيها، حيث يقوم بتنفيذ برامج تطعيم واسعة النطاق وحملات توعية مجتمعية، بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية، مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف.