الإمارات وبيلاروسيا.. شراكة تتوسع باستثمارات تفوق 4 مليارات دولار

– حجم الاستثمارات الإماراتية في بيلاروسيا بلغ نحو 4 مليارات دولار بينها 300 مليون دولار استثمارات مباشرة.
– أبرز القطاعات التي تركز عليها الاستثمارات الإماراتية: الدفاع، والتكنولوجيا، والضيافة، والتطوير العمراني، والغذاء والصناعة.
تتجه العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية بيلاروسيا نحو مستويات جديدة من التعاون، مدفوعة برغبة مشتركة في تعزيز الشراكات العابرة للقطاعات التقليدية وتوسيع نطاق الاستثمار الثنائي.
وفي ظل التغيرات المستمرة في المشهد الجيو-اقتصادي العالمي، يبرز التعاون الإماراتي-البيلاروسي كمثال على تلاقي المصالح الاستراتيجية بين دولتين تسعيان إلى تنمية اقتصادهما من خلال الانفتاح، وتكامل الموارد، والاستفادة من الفرص في الأسواق الجديدة.
استثمار إماراتي
تشهد العلاقات الاقتصادية بين أبوظبي ومينسك، نمواً متسارعاً ونقلة نوعية في مختلف القطاعات، وهو ما يعكس، عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وحرصهما على تعزيز التعاون الاقتصادي.
وكشف وزير الإمارات للتجارة الخارجية، الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، على هامش مشاركته في افتتاح المركز الدولي للمعارض بالعاصمة مينسك، في 9 مايو الجاري، أن حجم الاستثمارات الإماراتية في بيلاروسيا تجاوز حاجز 4 مليارات دولار، مضيفاً أن الإمارات تُعد من أكبر ثلاثة مستثمرين في بيلاروسيا.
وأشار إلى أن هذه الاستثمارات تشمل قطاعات حيوية مثل الدفاع، والتكنولوجيا، والضيافة، والتطوير العمراني، مع وجود اهتمام متزايد من قبل الشركات الإماراتية بالاستثمار في مجالات الغذاء والصناعة، نظراً لما تمتلكه بيلاروسيا من خبرات وقدرات تنافسية في هذه القطاعات.
كما أكد الزيودي أنه تم خلال الأشهر الماضية الانتهاء من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة المعنية بالسلع مع المجموعة الاقتصادية الأوراسية، والتي من المتوقع التوقيع عليها خلال قمة أوراسيا المقبلة في مينسك.
ونوّه إلى أنه تم أيضاً الانتهاء من الاتفاقية الثنائية التكميلية المعنية بالخدمات والاستثمارات، ويجري العمل حالياً على استكمال المراجعات القانونية تمهيداً للتوقيع عليها.
وفي سياق متصل، شدد على أهمية البناء على الزخم الإيجابي الحالي من خلال تعزيز التعاون المؤسسي والقطاعي، وتنظيم جولات عمل لرجال الأعمال ومجالس الأعمال، إلى جانب التحضير لعقد الدورة المقبلة من اللجنة الاقتصادية المشتركة خلال العام الجاري، لما له من دور في فتح آفاق جديدة للشراكة والتكامل الاقتصادي بين البلدين.
ويسعى البلدان إلى استكشاف فرص جديدة في قطاعات الأغذية والصناعة، انطلاقاً من البنية الإنتاجية المتقدمة التي تمتلكها بيلاروسيا، والكفاءات البشرية المؤهلة، مما يعزز فرص التكامل بين الجانبين في مجالات الاقتصاد الجديد.
تعاون استراتيجي
في سياق الشراكة الاقتصادية المتنامية بين البلدين، يشكّل التعاون الثنائي نموذجاً للتكامل الهادئ والمبني على المصالح المشتركة، ويعكس اتجاهاً واضحاً لدى الطرفين نحو الاستثمار في المشاريع التنموية والبنية التحتية، بما يسهم في تحقيق أهداف النمو المستدام.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس جمهورية بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، أن آفاق التعاون الاقتصادي بين بلاده ودولة الإمارات تجسد نموذجاً للتعاون السلمي الهادف إلى تحقيق التنمية والازدهار المشترك، وفق وكالة الأنباء الإماراتية “وام”.
وأشار، خلال افتتاحه “المركز الدولي للمعارض” إلى أن هذا التعاون يعكس مستوى الثقة المتبادلة بين قيادتي البلدين، ويشكّل أساساً متيناً لمواصلة البناء على ما تحقق من إنجازات في مختلف المجالات.
وأضاف أن المشروع يعد خطوة نوعية تعكس حجم الشراكة الاقتصادية المتنامية بين بيلاروسيا والإمارات، مشيداً بالدور الاستثماري الإماراتي في دعم مشاريع استراتيجية على أرض بيلاروسيا.
ويُعد “المركز الدولي للمعارض” الذي افتتح باستثمارات إماراتية، من أبرز مكونات مشروع “الشاطئ الشمالي” التنموي في بيلاروسيا، ويمتد على مساحة 37 ألف متر مربع، ويضم منطقة معارض خارجية تزيد مساحتها على 14 ألف متر مربع، ومجهزة لاستيعاب فعاليات من مختلف الأحجام.
قوة دافعة
ويرى الخبير الاقتصادي جلال بكار أن دول الشرق الأوسط، وخاصة الإمارات والسعودية الرائدتين، تسعيان لتعزيز ثقلهما السياسي من خلال قوتهما وقدراتهما الاقتصادية.
ويشير في حديثه مع “الخليج أونلاين” إلى الدور التاريخي للإمارات في الحلول الدبلوماسية للنزاعات الإقليمية والدولية، مثل أذربيجان وسوريا، من خلال خلق توازنات سياسية اقتصادية.
ويؤكد بكار بأن السياسة والاقتصاد أصبحا متلازمين في عالم اليوم، وأن دول الخليج تحاول أن تكون رائدة في تطوير الصناعات والمنصات التجارية الدولية وإيجاد الحلول.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن الإمارات تستثمر في مناطق مستقرة وأخرى تواجه تهديدات، بهدف خلق قيمة مضافة بين أطراف النزاع.
ويعتقد بكار أن الإمارات، من خلال استثماراتها وخطواتها الاقتصادية والتجارية، تعمل على موازنة الأطراف الدولية، مثل روسيا والاتحاد الأوروبي، لتكون منصة مفاوضات اقتصادية تمنع أي أزمات سياسية مستقبلية، خاصة في ظل التوترات العالمية الراهنة.
آفاق استثمارية
تعكس المشاركة البيلاروسية في الفعاليات الاقتصادية الدولية حرص مينسك على توسيع شبكات التعاون وجذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما من الشركاء الاستراتيجيين مثل دولة الإمارات.
وتُبرز هذه الفعاليات الدور المتنامي الذي تلعبه الإمارات كمستثمر رئيسي في السوق البيلاروسي، في ظل التقارب المتزايد بين الطرفين على المستويين الرسمي والقطاعي.
في هذا السياق، قال نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة البيلاروسية، دينيس ميليشكن، في 7 أبريل الماضي، إن دولة الإمارات تُعد من بين أكبر ثلاثة مستثمرين في اقتصاد جمهورية بيلاروسيا.
وأشار في تصريح لوكالة أنباء الإمارات (وام) على هامش فعاليات قمة الاستثمار AIM في أبوظبي، إلى أن إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد بلغ 1.7 مليار دولار، منها نحو 300 مليون دولار من الإمارات، وذلك وفقاً لبيانات عام 2024.
وأضاف ميليشكن أن الشركات البيلاروسية المشاركة تمثل قطاع تكنولوجيا المعلومات، الذي يُعد من أسرع القطاعات نمواً على المستويين المحلي والعالمي، إلى جانب قطاعات التجارة بالتجزئة، والخدمات اللوجستية، وتوزيع السلع الاستهلاكية.
وذكرت مجلة “إيكونومي ميدل إيست”، في 9 مايو الجاري، أنّ الزيودي سلط الضوء خلال محادثاته مع رئيس الوزراء البيلاروسي، تورتشين، على النمو الملحوظ في حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات وبيلاروسيا، والذي ارتفع بنسبة 483% بين عامي 2023 و2024، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3.9 مليار دولار.