الإمارات تنتصر.. «العدل الدولية» تشطب القضية المرفوعة ضد الدولة

حسين الطنيجي (لاهاي)
في انتصار تاريخي لدولة الإمارات، وفي سابقة لم تشهدها المحكمة منذ 25 عاماً، أسقطت، أمس، محكمة العدل الدولية الدعوى المرفوعة من قبل القوات المسلحة السودانية، ضد الدولة، وشطبتها من سجلات المحكمة، مؤكدة عدم اختصاصها في نظر الدعوى، التي تفتقر إلى الأساس القانوني، ولا تستوفي شروط الاختصاص القضائي.
ومن قلب لاهاي، جاء القرار الحاسم والنهائي، فمحكمة العدل الدولية رفضت دعوى زمرة بورتسودان، ضد دولة الإمارات، مؤكدةً أن الدعوى تفتقر إلى الأساس القانوني، ولا تستوفي شروط الاختصاص القضائي.
وبهذا القرار، سقطت كل المزاعم التي سعت بعض الأطراف إلى تسويقها، وثبتت الحقيقة القانونية والسياسية، التي تؤكد كما قالت الإمارات، إن زيف الاتهامات الباطلة التي لا يدعمها أيُ دليلٍ موثوق أو تقرير أممي مستقل.
ولم يكن القرار مجرد إجراء قضائي، بل شهادة دولية جديدة على التزام الإمارات العميق بالقانون الدولي، ومبادئ العدالة، ورفضها التام لأي تدخل في شؤون الدول أو تغذية النزاعات.
ويأتي هذا الانتصار القانوني في سياق موقف إماراتي ثابت لم يتغير منذ اليوم الأول للأزمة، وهو أنه لا حل عسكرياً في السودان، ولا مستقبل إلا بدولة مدنية عادلة تحفظ دماء الشعب وتحمي وحدة أراضيه.
وعلى مدى الشهور الماضية، لعبت الإمارات دوراً محورياً في دعم مسارات التفاوض، وتقديم أكثر من 600 مليون دولار مساعدات إنسانية عاجلة، إلى جانب إنشاء مستشفيات ميدانية لخدمة المتضررين من الحرب.
وبعد أن نطقت المحكمة الدولية بحكمها، آن لـ«زمرة البرهان» أن تدرك أن الرهان على مسارات التسويف والتلاعب والهروب من المسؤولية، لن ينقذ السودان من أزمته، بل إن الحل الحقيقي يبدأ بوقف نزيف الدم، وإسكات المدافع، والدخول في حوار وطني شامل يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.
وستبقى الإمارات، التي انتصرت بالحق والقانون، على عهدها، شريكاً دوليا للسلام، وداعمة للسودان في محنته، ومنحازة دائماً للإنسان والإنسان فقط.
ويعزز القرار الحاجة إلى التركيز على المسؤولية الحقيقية عن الأزمة، ويدعو لمواجهة الفظائع المستمرة التي ترتكب بحق الشعب السوداني.
وحثت الإمارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي على عدم التشتت بقضايا جانبية، والتركيز على الوضع الإنساني الكارثي في السودان، لافتة إلى أنه يجب اتخاذ موقف موحد ضد عرقلة المساعدات الإنسانية، وضمان وصولها للمحتاجين.. وهذا التوجه يعكس حرص الإمارات على تخفيف معاناة المدنيين ودعم جهود الإغاثة الدولية.
كما طالبت الإمارات بمحاسبة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الفظائع المرتكبة، مؤكدة أن أي طرف لا يمكنه ادعاء الشرعية وسط هذه الانتهاكات، ويجب أن تكون المحاسبة ركيزة أساسية لتحقيق العدالة، ومنع تكرار الجرائم ضد المدنيين، مما يعزز الثقة في المؤسسات الدولية.
ودعت الإمارات المجتمع الدولي لاتخاذ موقف موحد ضد استخدام السيادة ذريعة لتبرير التجويع أو عرقلة المساعدات الإنسانية، فالمدنيون في السودان يستحقون الحماية والدعم، ولا يجوز استهداف موظفي الإغاثة. هذا الموقف يعكس التزام الإمارات بمبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
إلى ذلك، قال معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس لجنة الشؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي، إن قرار محكمة العدل الدولية انتصار للعدالة، مشيراً إلى أنه من المهم جداً النظر إلى الصورة الكبرى، فهناك تحدٍّ بين نموذج إماراتي ناجح يحرص على حياة الإنسان وصناعة المستقبل لكل شعوب المنطقة، بما فيها الشعب السوداني، وبين نموذج يحاول خطف الشعوب لتحقيق أجندات توظف الدين لمصالحها.
وأوضح معاليه أن هذه المجموعة اختطفت السودان لأكثر من 30 عاماً، نهبت خيرات البلاد، ولم تقدم للشعب السوداني أي شيء.
وأضاف معاليه أن الإمارات الدولة الوحيدة عالمياً التي أقامت 3 مخيمات للاجئين السودانيين، مطالباً المجتمع الدولي والأمم المتحدة بضرورة تقديم الدعم للشعب السوداني في المخيمات، في ظل رفض جماعة البرهان دخول المنظمات الإنسانية.
بدوره، قال الإعلامي والكاتب الإماراتي عبدالله العوضي، إن الإمارات طالبت منذ بداية الأزمة بحكم مدني في السودان، وتابع قائلاً إنه في كل الدول أثبت الفكر المؤدلج فشله تاريخياً، مضيفاً لا نريد الذهاب بعيداً يكفينا جيران السودان، حيث إن كل الحروب الأهلية انتهت بالجلوس حول مائدة المفاوضات.
وذكر أن الإمارات لا تتعامل مع السودان كأنها دولة خصم أو دولة عدوة، لافتاً إلى تقديم الإمارات مساعدات إنسانية للسودان تقدر بـ 3.5 مليار دولار خلال 10 سنوات، وقيام أبوظبي بدفع 3.7 مليار دولار لسد نقص الوقود في السودان.
وأضاف العوضي: «لا بد أن نقف مع الشعوب في محنتها، لكننا لسنا مسؤولين عن سياسات الحكومات وشؤونها الداخلية».
في السياق، أكد المحلل السوداني نصر الدين العماسي أنه لا توجد أي رغبة عند قيادات القوات المسلحة الذين يديرون الأمور من خلف الكواليس في إنهاء الحرب، لافتاً إلى أنه في «منبر جدة» كانت هناك فرصة للوصول إلى حل، لكن وجود ممثلين من تنظيم «الإخوان» الإرهابي داخل وفد التفاوض التابع للقوات المسلحة السودانية، أفشل محاولات الوصول إلى صيغ توافقية لحل الأزمة أكثر من مرة، بما في ذلك «مفاوضات المنامة وجيبوتي».