الاخبار

الإعلان الدستوري.. خطوة حاسمة نحو الاستقرار وبناء سوريا الجديدة

– الإعلان الدستوري السوري حدد المرحلة الانتقالية بـ5 سنوات ومنح الشرع حق إعلان حالة الطوارئ.

– الإعلان الدستوري نص على تجريم تمجيد نظام الأسد ورموزه أو إنكار جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب.

يوم الخميس، 13 مارس صادق الرئيس السوري احمد الشرع على المسودة الخاصة بـ”الإعلان الدستوري”، بعد أسبوع فقط من تكليف لجنة لصياغته، في محاولة لتسريع الخطى نحو سوريا الجديدة.

مضمون الإعلان الجديد، يحوي بنوداً طموحة، خصوصاً ما يتعلق بالفصل بين السلطات، في دولة ظلت خمسة عقود ترزح تحت حكم استبدادي، كانت جميع السلطات بيد الأسد وابنه من بعده.

وبالنظر لدقة المرحلة التي تمر بها سوريا، فإن لجنة صياغة الدستور حرصت على مراعات الحساسيات الحالية، خصوصاً ما يتعلق بالأقليات، والحقوق والحريات، إلا أن المسودة لاقت اعتراضاً كردياً، فكيف سينعكس هذا الإعلان على مستقبل سوريا؟

أبرز البنود

يحاول الإعلان الدستوري الجديد، إعادة ترميم العلاقة بين الشعب والحاكم في سوريا، وتضمن الكثير من المواد التي تضمن حقوق الإنسان وحقوق الرأي والتعبير، كما يركز بقوة على مبدأ الفصل المطلق بين السلطات الثلاث، وإنهاء الفراغ الدستوري.

مسودة الإعلان الدستوري الذي وقّعه الرئيس الشرع، تتكون من 53 مادة، موزعة على أربعة أبواب، الأحكام العامة، والحقوق والحريات، ونظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية والأحكام الختامية.

وحدد الإعلان المرحلة الإنتقالية بـ5 سنوات، كما أنه يمنح الرئيس أحمد الشرع حق إعلان حالة الطوارئ جزئياً أو كلياً بموافقة مجلس الأمن القومي، وبما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد.

وينص الإعلان على إيقاف تشكيل المحاكم الاستثنائية، والتي عانى منها الشعب كثيراً، وحل المحكمة الدستورية، واستبدالها بمحكمة مؤقتة تعمل وفق القانون السابق.

ونص الإعلان على أن يكون الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع، مع التأكيد على حرية الاعتقاد، واحترام الدولة لجميع الأديان السماوية.

وتضمن أيضاً، ضمان الملكية وحق المرأة في العلم والمشاركة في العمل، وكفل لها الحقوق السياسية، وعلى حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة.

ونص على التزام الدولة بوحدة الأرض والشعب واحترام الخصوصيات الثقافية، والحرص على باب خاص بالحقوق والحريات لخلق توازن بين الأمن المجتمعي والحرية.

وأوضحت لجنة صياغة الإعلان الدستورية السوري، أنه تم إقرار حصر السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية في المرحلة الانتقالية، لضمان سرعة التحرك ومواجهة أي أحداث في هذه المرحلة.

تجريم تمجيد الأسد

ومنح الإعلان الدستوري رئيس الجمهورية حق تشكيل لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب، لتشرف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، والتي بدورها تقوم بانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب.

ووفقاً للإعلان الجديد، فسيتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية حتى اعتماد دستور دائم وإجراء انتخابات تشريعية جديدة، فيما ستبلغ مدة ولاية المجلس 30 شهراً قابلة للتجديد.

ولعل من أهم البنود التي تضمنها الإعلان الدستوري، تجريم تمجيد نظام الأسد ورموزه، حيث نص على أن “إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، تُعد جرائم يعاقب عليها القانون”.

انتقاد كردي

وبالرغم مما نصت عليه مسودة الإعلان الدستوري من احترام للتنوع، والحقوق والحريات، إلا أن الإدارة الذاتية الكردية، انتقدت الإعلان، وقالت إنه “يتنافى مع حقيقة سوريا وحالة التنوع الموجودة فيها”.

وأضافت في بيان لها، يوم الخميس، إن الإعلان يضم بنوداً تتشابه مع حقبة حكم حزب البعث، وأنه يخلوا من مكوناتها المختلفة من كرد وحتى عرب.

وقالت الإدارة الذاتية الكردية: “الإعلان لا يمثل تطلعات شعبنا ولا يدرك حقيقة هويته الأصيلة في سوريا وهو بمثابة شكل وإطار ‘يقوض جهود تحقيق الديمقراطية الحقيقية في سوريا”.

هذا النقد الكردي، يأتي بعد أيام قليلة، من توقيع الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، على اتفاقية دمج قوات “قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية.

خارطة طريق

وإلى جانب أهميته لسد حالة الفراغ الدستوري، فإن الإعلان الدستوري السوري، يعد خطوة مهمة في تنظيم المرحلة الانتقالية في سوريا، بحسب الدكتور سمير العبدالله، مدير قسم تحليل السياسات في مركز حمون للدراسات المعاصرة.

وأضاف العبدالله في تصريحات لـ”الخليج أونلاين”، أن هذا الإعلان، يساهم في رسم خارطة طريق للمرحلة المقبلة، كما أنه يدعم مسار الحكومة الجديدة”.

وذكر أن ردود الفعل على الإعلان الدستوري كانت متباينة بين من رحب به واعتبره يضمن الحريات والحقوق الأساسية وبين من يعترض عليه ويرى أنه يعيد ترسيخ السلطات بيد الرئيس دون وجود آليات واضحة لمحاصبته.

ولفت إلى أن ملاحظات المكون الكردي، على نقاط أساسية تتعلق باسم الدولة ولغتها، حيث رأوا أن الإعلان لم يلبِّ طموحاتهم في ما يخص الاعتراف بحقوقهم الثقافية والسياسية.

إشكالية التطبيق

ويرى الباحث العبدالله، أن الإشكالية الأساسية التي عانى منها السوريون تاريخياً لم تكن في القوانين أو الدساتير ذاتها، وإنما في كيفية تطبيقها.

ولفت إلى أن النظام السوري، سواء في عهد الأسد أو في ظل الأنظمة البعثية السابقة، لم يحترم أياً من القوانين والدساتير، بل أصدر العشرات من القوانين الاستثنائية التي همّشت دور المؤسسات التشريعية والقضائية.

واستطرد قائلاً: “في المرحلة الراهنة، ثمة قيادة سياسية تدرك حجم التحدي وتبدو راغبة في فتح صفحة جديدة مع السوريين”.

ونوّه إلى أن تصريحات الشرع “تؤكد على أهمية احترام القانون والتعجيل في تنفيذ الإصلاحات، وهو ما قد يكون مؤشراً إيجابياً بالنسبة للسوريين”.

شرعية النظام الجديد

ويرى مراقبون أن الإعلان الدستوري خطوة ضرورية لتأسيس شرعية جديدة، تضمن تجاوز مرحلة الفراغ الدستوري القائمة.

ووفقاً للباحث أول بمركز الجزيرة للدراسات، لقاء مكي، فإن الإعلان يؤسس لشرعية النظام الجديد.

وأضاف مكي في حوار على شاشة “الجزيرة”، إن الإعلان يؤطر عمل الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويوضح طبيعة النظام الجديد وعلاقته بالشعب.

وتابع أن الإعلان “هو أفضل الممكن، لافتاً إلى أن الفصل بين السلطات مهمة للغاية خاصة أن السلطة القضائية أصبحت مستقلة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى