الإعلام السعودي.. منبر مؤثر ومحرك اقتصادي جاذب للاستثمارات

– يساهم الإعلام في دعم الاقتصاد السعودي من خلال:
- تعزيز الاستثمارات.
- خلق فرص عمل.
- المساهمة في الترويج للسياسات الاقتصادية.
– تبلغ إيرادات سوق الإعلام السعودي المتوقعة للعام 2025، نحو 4.79 مليار دولار
يشهد قطاع الإعلام السعودي تحولات ديناميكية جعلته لاعباً رئيسياً في دعم الاقتصاد وجذب الاستثمارات، متأثراً بالتطورات التكنولوجية والتشريعات الداعمة.
ومع التوسع المتزايد في الإعلام الرقمي، أصبح هذا القطاع أحد المحركات المهمة للنمو الاقتصادي في المملكة، حيث تتجه الأنظار إلى دوره المتنامي في تعزيز رؤية 2030 وترسيخ مكانة السعودية كمركز إعلامي إقليمي ودولي.
وعيٌ مسؤول ونمو اقتصادي
وحقق الإعلام السعودي خلال السنوات القليلة الماضية تحولات نوعية تجعله أكثر تأثيراً في الرأي العام وأكثر جذباً للاستثمارات، بفضل التشريعات الحديثة التي عززت من دوره كقطاع اقتصادي واعد.
وفي لقاء إعلامي بارز ضمن برنامج “الليوان”، على قناة “روتانا خليجية”، تم تسليط الضوء على عدد من القضايا الجوهرية التي تمس المشهد الإعلامي السعودي، بدءاً من المسؤولية الفردية للإعلاميين والمتلقين، وصولاً إلى دور الإعلام في دعم الاقتصاد الوطني.
وبيّن وزير الإعلام السعودي، سلمان الدوسري، خلال حديثه في البرنامج، أن ضبط الحرية الإعلامية يجب أن يكون وفق معيار المواطنة والوعي المسؤول، مع مراعاة الثقافة المجتمعية.
ونقلت صحيفة “سبق” السعودية، في 17 مارس الجاري، عن الوزير تأكيده أن مواجهة المحتوى الهابط لا تتم عبر المنع أو الملاحقة، بل من خلال وعي الجمهور، الذي يمتلك القدرة على التأثير عبر التجاهل والمقاطعة لكل ما لا يتماشى مع القيم والتقاليد.
كما أشار إلى أن حرية الإعلام يجب أن تكون متوازنة مع المسؤولية الفردية ومصالح الوطن، مؤكداً أن الإعلاميين السعوديين أمام مسؤولية كبرى في تعزيز النهضة الإعلامية عبر التزامهم بالمعايير المهنية التي تدعم تطور القطاع.
وعلى صعيد النمو الاقتصادي، لفت الوزير إلى أن قطاع الإعلام السعودي شهد تطوراً ملحوظاً، حيث أصبح بيئة جاذبة للاستثمارات، مدعوماً بأنظمة وتشريعات حديثة عززت من دوره كمحرك اقتصادي.
وكان الدوسري صرح في 2 مارس الجاري، أن قطاع الإعلام السعودي سيوفر 150 ألف وظيفة بحلول عام 2030، ويأتي ذلك في ظل سعي الحكومة لتنمية الاستثمار في الإعلام، مواكبة للأحداث المحلية.
ومن المتوقع أن تتضاعف مساهمة القطاع الإعلامي في الناتج المحلي بحلول عام 2030، مما يعكس تحول الإعلام من مجرد وسيلة لنقل الأخبار إلى مورد اقتصادي يسهم في التنمية المستدامة.
مركز إعلامي عالمي
ويقول الخبير الاقتصادي جلال بكار إن السعودية تسعى إلى تعزيز دورها الإعلامي على المستويين الخليجي والعالمي، من خلال استراتيجية جديدة تركز على الاستثمارات الداخلية الضخمة.
ويشير في حديثه مع “الخليج أونلاين” إلى أن هذه الاستراتيجية، التي بدأت في عام 2019، تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز إعلامي عالمي، بدلاً من الاعتماد على الاستثمارات الخارجية.
ويوضح بكار أن الاستثمارات الحكومية في قطاع الإعلام داخل المملكة كان لها تأثير إيجابي في تغيير الصورة النمطية عن السعودية، وجعلها أرضاً خصبة للإعلام الحر والثقافة والاقتصاد.
ويضيف أن الإعلام يلعب دوراً حاسماً في تشكيل الرأي العام على المستوى الدولي، وأن المملكة تسعى إلى تعزيز حضورها في المحافل الدولية من خلال مجموعاتها الإعلامية الكبرى.
ويرى بكار أن رؤية السعودية 2030، بالإضافة إلى استضافة فعاليات عالمية مثل كأس العالم والمهرجانات الثقافية، تساهم في تعزيز مكانة المملكة على الخريطة الإعلامية العالمية.
ويتوقع الخبير الاقتصادي أن يشكل الاستثمار في قطاع الإعلام أكثر من 20% من القيمة المضافة للاقتصاد السعودي خلال الـ15 عاماً القادمة، لافتا إلى أهمية وضع استراتيجيات وخطط مستقبلية لمواجهة المخاطر المحتملة من المنافسين الدوليين.
ويؤكد بكار على أهمية الاعتماد على الكوادر السعودية أو العربية في القطاع الإعلامي، نظراً لأهمية المملكة على المستويين الاجتماعي العربي والإسلامي.
فرص واعدة وتحديات
أصبح الإعلام جزءاً أساسياً من المنظومة الاقتصادية للمملكة، حيث يلعب دوراً مهماً في الترويج للسياسات الاقتصادية وتعزيز مكانة المملكة إقليمياً ودولياً.
وكشفت صحيفة المال السعودية بتقرير نشرته في 5 نوفمبر الماضي، بأن التوسع في الإعلام الرقمي أسهم في خلق فرص استثمارية جديدة في مجالات مثل الإعلام الإلكتروني وإنتاج المحتوى الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، ما ساعد المؤسسات الإعلامية على الوصول إلى جمهور أوسع وزيادة عائداتها الإعلانية.
وفي المقابل، واجه القطاع تحديات، أبرزها المنافسة الإقليمية والدولية، والضغوط المستمرة للتكيف مع التطورات التكنولوجية.
وتعتمد وسائل الإعلام التقليدية في السعودية بشكل أساسي على الإعلانات كمصدر دخل، لكن التحول الرقمي فرض الحاجة إلى إعادة هيكلة النماذج الاقتصادية لهذه المؤسسات.
ويتطلب ذلك تعزيز الابتكار وتطوير استراتيجيات محلية لزيادة القدرة التنافسية، إلى جانب إصلاحات تنظيمية تدعم النمو المستدام وتحافظ على التوازن بين حرية الإعلام والقيم المحلية.
وتستثمر المملكة بشكل مكثف في التكنولوجيا والبنية التحتية الرقمية، بما في ذلك شبكات الجيل الخامس والتوسع في الإنترنت، ما يعزز استهلاك المحتوى الرقمي ويفتح آفاقاً جديدة للإعلام السعودي.
إلى جانب ذلك، تشهد صناعة الإنتاج الإعلامي السعودي تطوراً ملحوظاً، إذ يجري التركيز على تعزيز المحتوى المحلي الذي يعكس الهوية الوطنية ويضع المملكة كمركز إقليمي للإنتاج الإعلامي.
ويمثل الاستثمار الأجنبي في القطاع الإعلامي، فرصة إضافية لتعزيز النمو، لا سيما في تطوير المنصات الرقمية وصناعة الترفيه، ومع توجه الأجيال الجديدة نحو استهلاك المحتوى عبر الإنترنت، سيبقى الإعلام الرقمي في طليعة التطورات المستقبلية، مما يعزز الابتكار في المحتوى الرقمي ويزيد من جاذبية القطاع للاستثمارات.
وفي ظل هذه التحولات، يتجه الإعلام السعودي ليكون أكثر استدامة اقتصادياً، ولا يقتصر التحول الذي تشهده المملكة على المشروعات والإنجازات الرقمية، بل يمتد إلى كيفية نقل هذه التحولات إلى المجتمع وجعلها جزءاً من الوعي العام.
وشهد المنتدى السعودي للإعلام، الذي انعقد في 20 فبراير الماضي، جلسة حوارية بعنوان “البعد الإعلامي للسياسات الاقتصادية لرؤية المملكة.. التحول من أجل تحقيق رؤية عالمية”، حيث شدد نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني، محمد التويجري، على أهمية الإعلام في تبسيط التحولات الاقتصادية وجعلها قريبة من الناس، قائلاً: “يجب على الإعلام أن يعتني بهذه القصة، ويبسطها، وأن يُسهم في تحقيقها”.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية “واس”، عن التويجري تأكيده بأن أي مشروع اقتصادي يحمل تحديات وفرصاً، وأن الإعلام عليه مسؤولية تقديم هذه التحولات بطريقة ملموسة تلامس حياة الأفراد، مما يسهم في تعزيز الارتباط برؤية المملكة.
ولفت إلى أن الاقتصاد السعودي لم يعد قائماً فقط على النفط، بل أصبح متنوعاً بفضل الاستثمارات وريادة الأعمال والتقنيات الحديثة والطاقة المتجددة، وهذا التنوع يحتاج إلى إعلام قادر على تقديمه بلغة بسيطة وسردية مؤثرة.
وأشار إلى أن إيصال هذه التغيرات يتطلب إعلاماً مبتكراً قادراً على تحويل الأرقام إلى قصص حقيقية تعكس أثرها في حياة الناس، مبيناً أن المملكة تعمل وفق ثلاثة مبادئ رئيسة: الإنجاز والأثر، والعمل المؤسساتي، والمتابعة المستمرة.
وفي ختام حديثه، أكد التويجري أن التحدي الأكبر للإعلام لا يكمن فقط في الطرح، بل في القدرة على الوصول إلى مختلف فئات المجتمع، خاصة الشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر من السكان، فالشراكة بين الإعلام والقطاع الاقتصادي ضرورية لتحويل الخطط الاستراتيجية إلى رؤية مشتركة يتبناها المواطن، ويشعر بتأثيرها في حياته اليومية، مما يجعل الإعلام شريكاً رئيساً في مسيرة التحول الوطني.
هذا ومن المتوقع أن يحقق سوق الإعلام في السعودية إيرادات تصل إلى 4.79 مليار دولار خلال العام الحالي 2025، مع تصاعد دور الإعلام الرقمي، الذي يُتوقع أن يساهم بنسبة %39.88 من إجمالي الإيرادات بحلول عام 2029.
ويعكس هذا النمو السريع التحول المتزايد نحو المنصات الرقمية، التي تكتسب زخماً كبيراً، خاصة بين الفئات الشابة، وفقاً لتقديرات موقع “Statista” المتخصص في الإحصاءات العالمية.