اقتراع أمريكي فريد.. ما قصة المجمع الانتخابي والنائب الخائن؟

“المجمع الانتخابي” هيئة انتخابية مهمتها انتخاب الرئيس التنفيذي للولايات المتحدة الأمريكية ونائبه.
تستعد الولايات المتحدة لانتخابات 2024 الرئاسية خلال ساعات، وسط منافسة محتدمة بين الرئيس السابق دونالد ترامب الطامح للعودة إلى البيت الأبيض ونائبة الرئيس الديمقراطية كاميلا هاريس.
ومع اقتراب هذا الحدث المصيري يتجدد النقاش حول النظام الانتخابي الأمريكي، الذي يجمع بين الديمقراطية الحديثة وآليات قديمة قد تبدو معقدة للبعض، ويعرف بـ “المجمع الانتخابي”.
ومن بين أكثر المواضيع جدلاً التي تظهر في كل دورة انتخابية مفهوم “الناخب الخائن”، الذي يمثل ظاهرة فريدة قد تؤثر على توازن الأصوات داخل المجمع الانتخابي.
ما المجمع الانتخابي؟
والولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي فيها هذا النوع من الاقتراع غير المباشر، وهي آلية موجودة في دستور البلاد، ويعد “المجمع الانتخابي” هيئة انتخابية مهمتها انتخاب الرئيس التنفيذي للولايات المتحدة الأمريكية ونائبه.
ويتم ذلك عبر التصويت من المنتخبين الأمريكيين لصالح ناخبي هذا المجمع (النواب الفائزين بانتخابات الشعب)، ويقوم أعضاؤه بدورهم في اختيار من سيحكم البلاد، وهو ما يطلق عليه بـ”الانتخابات غير المباشرة”.
وحسب الدستور الأمريكي يتألف المجمع الانتخابي من ناخبين عن 50 ولاية أمريكية، إضافة إلى المقاطعة الفيدرالية التي تقع فيها واشنطن العاصمة.
وكل ولاية بها عدد من الناخبين يساوي عدد ممثليها في الكونغرس الأمريكي (يضم مجلسي النواب والشيوخ)، ومقاطعة كولومبيا، التي لا تُعتبَر ولاية، فيها ثلاثة ناخبين، بينما لا يوجد في أقاليم أخرى لا تعتبر ولايات أي ناخبين، ولكل ناخب من المجمع الانتخابي أحقية صوت واحد للرئيس وصوت واحد لنائب الرئيس.
وبشكل عام يدلي الناخبون بأصواتهم للفائز بالتصويت الشعبي في الولايات التي يتبعون لها، لكن هناك العديد من الولايات التي لا يُعَد فيها هذا الأمر ضرورياً من الناحية القانونية، وفي الولايات المتحدة من أجل فوز مرشح لمنصب الرئيس ونائب الرئيس يجب أن يحصل على أغلبية (على الأقل 270) من الأصوات الانتخابية للمجمع الانتخابي لهذا المنصب.
ومنذ عام 1964 يتكون المجمع من 538 ممثلاً للشعب، الذين يقومون رسمياً باختيار الرئيس ونائب الرئيس للولايات المتحدة.
وتعين الأحزاب السياسية في الولايات المختلفة بالأشهر التي تسبق يوم الانتخاب “كبار الناخبين”، حيث يسمح الدستور الأمريكي لكل ولاية باختيار نظامها الخاص بالانتخاب.
ويحدد تاريخ الانتخاب في أول ثلاثاء يلي أول اثنين من شهر نوفمبر.
وينص الدستور الأمريكي على أنه لا يمكن لأي مسؤول فيدرالي معين أو منتخب الترشح ليكون كبير ناخبين في المجمع الانتخابي.
غاري غريغ، مدير مركز ماكونيل بجامعة لويزفيل، وهو مركز أكاديمي غير متحزب يركز على التثقيف المدني، قال: إن “مفهوم المجمع الانتخابي يصعب شرحه، فكل ولاية أمريكية تحصل على عدد من أعضاء المجمع الانتخابي يماثل عدد أعضائها بمجلس النواب الأمريكي، إضافة إلى اثنين آخرين لأن كل ولاية لديها عضوان في مجلس الشيوخ الأمريكي، وأعضاء المجمع الانتخابي هؤلاء هم الذين يختارون الرئيس المقبل”، وفق موقع “ShareAmerica” الحكومي.
ويجتمع أعضاء المجمع الانتخابي في ولاياتهم، في ديسمبر المقبل، للإدلاء بأصواتهم لاختيار الرئيس ونائب الرئيس، ويتم إرسال النتائج إلى رئيس مجلس الشيوخ، والذي يُعتبر آنذاك نائب الرئيس الأمريكي، ثم يجتمع الكونغرس، في أوائل يناير 2025، لفرز وحساب الأصوات، وبعد ذلك يعلن رئيس مجلس الشيوخ الفائزَيْن.
وفي 20 يناير 2025 ظهراً، يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية ويصبح رئيساً للولايات المتحدة رسمياً.
الناخب الخائن
ورغم أن الديمقراطية الأمريكية من أبرز الأنظمة الحرة في اختيار حكامها على مستوى العالم، وفي التاريخ الحديث، فإن بعض الآليات تثير الجدل، فمثلاً من الممكن أن يفوز المرشح بأصوات الشعب المباشرة، إلا أنه قد يخسر في أصوات المجمع الانتخابي، ما يجعل منافسه الخاسر شعبياً فائزاً بمنصب الرئاسة بموجب أصوات المجمع.
ويُعرف النائب الذي لا يصوت للمرشح الذي تعهد بالتصويت له بالمجمع الانتخابي بـ”بالنائب الخائن”، باعتباره خان ثقة الشعب الذي صوت له واختار مرشحاً دون آخر في انتخابات المجمع النهائية.
وعلى ذلك أمثلة بارزة، كان آخرها فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بأصوات الشعب، وخسارتها أمام دونالد ترامب الذي فاز بالمنصب لعام 2016 بأصوات المجمع الانتخابي.
وفي عام 2000 فاز مرشح الرئاسة جورج دبليو بوش لأنه فاز بأصوات المجمع الانتخابي، رغم أنه خسر التصويت الشعبي لصالح “آل غور”.
عام 1888 صُوت لجروفر كليفلاند، وجاء بنجامين هاريسون ثانياً، ففاز كليفلاند بالتصويت الشعبي، إلا أنه حصل على 168 من أصوات ممثلي الولايات في “المجمع الانتخابي”، مقابل 233 حصل عليها هاريسون، فأصبح الأخير رئيساً.
وكانت سنة 1876 من الأكثر منافسة، حيث حصّل صامويل تيلدن من أصوات الأمريكيين أكثر مما حصل عليه منافسه رذرفورد هايز، وأيضاً فاز تيلدن في “المجمع الانتخابي” بأصوات 184 من أعضائه، مقابل 165 حصل عليها راذرفورد هايز.
ولعل للنائب الخائن دوراً مهماً في مخالفة كل التوقعات، حيث إن كثرة هؤلاء الناخبين بالمجمع الانتخابي قد تحول الأصوات الشعبية التي ذهبت لصالح مرشح معين إلى خصمه وإن اختاره الشعب.