الاخبار

اشتباكات وحظر تجوال.. الساحل السوري على صفيح ساخن

 70 قتيلاً في الاشتباكات بين قوات الأمن وفلول النظام في اللاذقية.

فرض حظر تجوال في اللاذقية وطرطوس وحمص من قبل قوات الأمن.

السعودية نددت بجرائم المجاميع المسلحة وتؤكد مساندتها لسوريا.

اشتباكات وخسائر وحظر تجوال، في تطور هو الأخطر في سوريا منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الـ8 من ديسمبر من العام 2024.

إذ شهدت منطقة جبلة، ومناطق أخرى في اللاذقية، غرب سوريا، اشتباكات عنيفة، بين مجموعات قيل إنها تتبع العميد سهيل الحسن، القيادي بجيش النظام السوري السابق، وقوات الأمن السورية.

وسقط عشرات القتلى والجرحى بينهم 16 من عناصر قوات الأمن السورية، في الوقت الذي دفعت الإدارة السورية الجديدة بتعزيزات ضخمة إلى جبلة وريف اللاذقية وطرطوس للتصدي لمجموعات فلول النظام.

تطورات المشهد العسكري غرب سوريا، وفي مناطق ذات كثافة علوية، موالية للنظام السابق، تأتي بعد تصريحات متشابهة صادرة عن مسؤولين في طهران وتل أبيب، يرى فيها مراقبون محاولة لإحباط جهود الإدارة السورية الجديدة.

تطور خطير

اشتباكات يوم الخميس، جاءت في أعقاب حملة أمنية نفذتها قوات الأمن منذ أيام، لملاحقة عناصر من فلول النظام، ضالعين في جرائم حرب، وكذا عناصر متورطة في أعمال اختطاف وجرائم متنوعة، في مناطق متفرقة باللاذقية وجبلة وطرطوس ومناطق أخرى.

وجاءت الاشتباكات بعد إعلان مجموعة من فلول النظام عن مجلس عسكري بقيادة العميد غياث سليمان دلا، يوم 6 مارس، في ريف اللاذقية، تحت مسمى “المجلس العسكري لتحرير سوريا”، وذلك في أعقاب الحملة الأمنية للإدارة السورية الجديدة.

وقالت مصادر سورية، إن 16 من عناصر الأمن العام قتلوا، بينهم 6 بكمين لفلول النظام في مدينة جبلة، بالتزامن مع اشتباكات في مناطق متفرقة في المدينة.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة (7 مارس)، أن ما لا يقل عن 70 شخصاً قتلوا في اللاذقية، جراء الاشتباكات بين قوات الأمن العام وخلايا موالية لنظام الأسد.

وفي حين شنت خلايا النظام السابق، هجمات وكمائن متفرقة في جبلة وريف اللاذقية، قامت الإدارة السورية الجديدة باستهداف مواقع يتحصن فيها فلول النظام بالمروحيات.

ودارت اشتباكات عنيفة في بلدتي بيت عانا والدالية في ريف اللاذقية، بينما شاركت طائرات مروحية وحربية في ضرب مواقع العناصر المتمردة، كما دفعت وزارة الدفاع السورية بتعزيزات عسكرية وأمنية إلى الساحل السوري، لدعم قوات الأمن.

حظر تجوال

ونفذت قوات أمن عمليات ميدانية لإعادة الاستقرار إلى منطقة جبلة، بالتزامن مع مظاهرات داعمة لقوات الأمن والجيش السوريين، في عدة مدن سورية، طالب خلالها المحتجون بفرض الأمن، وإنزال العقاب الرادع بتلك المجموعات.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفع العقيد حسن عبدالغني، إنه ليس أمام العناصر المتمردة إلا إلقاء السلاح، أو ملاقاة مصيرهم المحتوم، مخاطباً إياهم بالقول: “لا تكونوا وقوداً لحرب خاسرة، بشار هرب وترككم لمصيركم، فلا تكرروا الخطأ حتى لا يكون الخطأ الأخير”.

وفرضت قوات الأمن حظراً للتجوال، في اللاذقية وطرطوس وحمص، ونجحت في الدخول إلى مناطق عدة، وتستعد لعملية تمشيط واسعة في جبلة، باستخدام طائرات مسيرة من طراز “شاهين” لمطاردة فلول النظام.

ورفعت قوات الأمن والجيش السوريين من جاهزيتهما في عدة محافظات منها درعا ودمشق وحلب ومناطق أخرى، تحسباً لأي هجمات مماثلة لما حصل في اللاذقية.

 

وأكد قائد الحملة الأمنية في طرطوس لـ”الجزيرة”، أن “قواتنا فرضت سيطرتها على مدينة طرطوس وبدأت الانتشار في أحيائها”.

وأوضح أن “فلول النظام نشروا حواجز وكمائن على طول الطريق بين حمص والساحل”، مضيفاً: “قتلنا عدداً كبيراً من فلول النظام السابق وصادرنا أسلحة وذخائر وسنبدأ عملية تمشيط واسعة في طرطوس والبلدات المحيطة”.

دور الأسد

ويبدو أن هذه الاشتباكات ليست كتلك التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ووفق مصدر أمني لـ”الجزيرة”، فإن الرئيس المخلوع بشار الأسد، على علم بالتنسيق الجاري بين جميع المجموعات المسلحة بدعم وإشراف دولة خارجية.

وبحسب المصدر، فإن العميد الركن غياث دلا، قائد ما يسمى “المجلس العسكري لتحرير سوريا” الذي أُعلن عن تشكيله قبل يومين، تلقى دعماً مالياً من “حزب الله” والمليشيات العراقية، وتسهيلات لوجستية من قوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى أنه وسع نفوذه وتحالف مع قيادات سابقة بجيش الرئيس المخلوع.

وجاء إعلان إنشاء “المجلس العسكري لتحرير سوريا”، بالتزامن مع تصريحات إيرانية تشير إلى احتمالية اندلاع حرب أهلية في سوريا.

ويوم الثلاثاء الماضي (4 مارس)، قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، إن هناك احتمالية لاندلاع حرب أهلية في سوريا في أي لحظة.

ومؤخراً أعلنت ما تسمى “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا”، عن تشكيل مليشيات جديدة باسم “أولي البأس”، ووفق مصادر عراقية فإن هذه الفصائل مرتبطة بإيران.

وتتزامن هذه التطورات في سوريا، مع تحركات وتصريحات إسرائيلية معادية للإدارة السورية الجديدة، وحديث تل أبيب عن دعم وحماية المكون الدرزي، وإصرارها على إخلاء جنوب سوريا بشكل كامل من أي وجود عسكري للجيش السوري.

إدانة سعودية

وفي أول تعليق عربي ودولي على هجمات فلول النظام السوري، أدانت المملكة العربية السعودية، الجمعة، الجرائم التي ترتكبها المجموعات الخارجة عن القانون في سوريا، وقيامها باستهداف القوات الأمنية، في مناطق متفرقة غرب سوريا.

وأكدت الوزارة وقوف السعودية إلى جانب الحكومة السورية فيما تقوم به من جهود لحفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي.

ومن المتوقع أن تستضيف الأردن، يوم الأحد القادم، اجتماعاً لدول الجوار السوري، يضم وزراء الخارجية ووزراء الدفاع، ورؤساء هيئة الأركان ومدراء أجهزة المخابرات في الأردن وسوريا وتركيا والعراق ولبنان.

وبحسب المتحدث باسم الخارجية الأردنية، سفيان القضاة، فإن الاجتماع سيبحث إسناد الشعب السوري، في جهوده لإعادة بناء وطنه، على الأسس التي تضمن وحدته وسيادته وأمنه واستقراره، والتخلص من الإرهاب، وضمان ظروف العودة الطوعية للاجئين، وحفظ حقوق جميع أبنائه.

تحرك منسق

وبالنظر إلى طبيعة الاشتباكات التي شهدتها مناطق غرب سوريا، يتضح أن فلول نظام الرئيس المخلوع قد بدأت تحركاً منسقاً، وفقاً للخبير العسكري، العقيد إسماعيل أيوب.

وأضاف العقيد أيوب في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أنه معلوم أن معظم فلول النظام ضباط من الجيش السابق، ولديهم خبرة لمدة 14 سنة في قتل الشعب السوري، ويجيدون استخدام السلاح، وهم أبناء المنطقة الجبلية، ويعرفون غاباتها ومداخلها ومخارجها.

واستطرد قائلاً: “بالتأكيد هناك أيادي خارجية، إيران خسرت مشروعها في سوريا، والآن تدعم هذه المجاميع، وإسرائيل، بشكل علني تدعم هذه المجاميع، الكردية والعلوية والدرزية”.

واستدل العقيد أيوب، على وجود أيادٍ خارجية في تطورات الساحل، بالإشارة إلى ظهور السلاح الغربي في أيدي الفلول الإرهابية، مع العلم أن الجيش السوري السابق، لم يكن لديه أسلحة فردية غربية، وكل سلاحها كان شرقياً (روسياً).

ولفت إلى أن الدول التي انهزمت مشاريعها في سوريا، “تدعم هذه المجاميع الإرهابية، من أجل إفشال الحكومة الجديدة، وإظهارها أنها بلا قوة وبلا حيلة، وأنها من لون واحد، وأن هناك ظلم وحيف واقع بسكان تلك المناطق”.

التحرك المطلوب

ويرى العقيد أيوب، أن هذه الأعمال الإرهابية التي حصلت في الساحل السوري، وأيضاً ما حدث في السويداء من طرد للمحافظ، وإنزال العلم السوري، يتطلب تحركاً سريعاً وحازماً.

وقال أيوب لـ”الخليج أونلاين”: “هناك سيناريوهات أمنية متوقعة، خاصة بالنسبة للساحل، سوف تكون هناك تعزيزات، ستضع الحكومة كامل ثقلها من أجل قطع دابر هؤلاء، والقضاء عليهم، كما تم القضاء على بعض المجاميع التي قبلها”.

وحذّر أيوب من عدم قدرة الحكومة على التصدي لهؤلاء، مضيفاً: “إذا لم تستطع الحكومة على هؤلاء، أعتقد أن الأمور ستذهب إلى مدى أبعد من ذلك؛ لأنهم يطلبون السيطرة على حماة وعلى حمص، وعلى كافة مدن الساحل”.

واستطرد قائلاً: “مع العلم أنهم أقلية في المنطقة، العلويون سواء كانوا مع المجاميع أو على الحياد، لا يشكلون سوى 25% من سكان هذه المنطقة، وبالتالي ليس لهم قرار في أن يقولوا أنهم يريدون حكم ذاتي، ويطلبون حماية دولة خارجية، وبالتالي يجب أن تضع الحكومة كل ثقلها في هذا الموضوع، وتقطع دابر هؤلاء”.

ولفت إلى أن الكمين الذي وقع الخميس، “يكشف عن نقطة ضعف في الأمن العام، فالمنطقة متوترة، وهم قاموا بإرسال عربات مكشفة، دون حماية لهؤلاء العناصر الذين استشهدوا”، واصفاً ذلك بأنه “ضعف تكتيكي في تلك المنطقة الملتهبة”.

وحول ما إذا كان يتوقع دعماً عربياً قال العقيد أيوب: “نتوقع الدعم العربي بشكل مؤكد، لكن يجب أن يكون هناك تكاتف داخلي ضد هذه المجاميع للقضاء عليها، وفي حال نجحت هذه المجاميع، ستذهب الأمور لا سمح الله إلى حرب أهلية”.

واختتم حديثه بالقول: “من المرجح أن تنجح الحكومة في القضاء على هذه المجاميع، وأن يكون هناك دعم عربي مادي ومعنوي وعسكري للقضاء على هذه المجاميع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى