استراتيجية مرتقبة للصادرات السعودية.. خطوة لدعم اقتصاد متنوع
ما أهمية الاستراتيجية للصادرات؟
تعزز تنافسية المنتجات السعودية وتجذب الاستثمارات.
ما الحوافز المقدمة في برنامج تحفيز الصادرات؟
تغطية 50% -75% من تكاليف التصدير مثل التسويق والمعارض.
تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق تحول اقتصادي شامل يرتكز على تنويع مصادر الدخل وتعزيز دور القطاعات غير النفطية، ويأتي تطوير قطاع الصادرات كأحد الركائز الأساسية لهذا التحول.
وتعمل المملكة على تنفيذ استراتيجيات شاملة لدعم المصدرين، وزيادة تنافسية المنتجات السعودية في الأسواق العالمية، وجذب الاستثمارات، من خلال مبادرات نوعية وبرامج تحفيزية، مما يعكس التزامها ببناء اقتصاد مستدام ومتنوع يدعم مكانتها الإقليمية والعالمية.
تأتي هذه الجهود في إطار رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وتنويع الإيرادات، وتهيئة البيئة الملائمة لدعم القطاع الصناعي والتجاري وفتح آفاق جديدة أمام الشركات الوطنية.
استراتيجية شاملة
تمثل الاستراتيجية المرتقبة للصادرات السعودية خطوة مفصلية في مسيرة تحول المملكة نحو اقتصاد متنوع ومستدام.
وتستهدف هذه الاستراتيجية تعزيز دور الصادرات غير النفطية كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي وزيادة تنافسية المنتجات السعودية في الأسواق العالمية.
وكشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، في 23 يناير الماضي، عن استعداد المملكة للإعلان قريباً عن استراتيجية شاملة للصادرات السعودية.
يأتي ذلك بعد تحقيق المملكة نمواً ملحوظاً في مختلف بنود التصدير خلال السنوات الأخيرة، مدعومة بإصلاحات هيكلية طالت الأنظمة والقوانين، الأمر الذي أسهم في تعزيز إعادة التصدير بشكل ملحوظ.
ولفت الخريف في مقابلة مع صحيفة “الشرق بلومبيرغ” على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد في دافوس السويسرية، إلى أنه على الرغم من تسجيل نمو كبير في تصدير الخدمات والسلع، فإن وتيرة نمو الصادرات السلعية تظل أبطأ نسبياً مقارنة مع بنود أخرى.
وارتفعت الصادرات غير النفطية، في نوفمبر الماضي، بنسبة 19.7% على أساس سنوي، بينما بلغت الزيادة بعد حذف إعادة التصدير 2.1%، وتصدرت منتجات الصناعات الكيماوية قائمة الصادرات، تلتها منتجات اللدائن والمطاط ومصنوعاتهما، بينما استحوذت الصين على النصيب الأكبر من صادرات المملكة بنسبة 15%.
تطوير القطاع
ساهمت الإجراءات السعودية في تحفيز مسيرة النمو في الصادرات غير النفطية، من خلال مبادرات متعددة مثل تأسيس “هيئة تنمية الصادرات”، وبرنامج “صنع في السعودية”، وإنشاء “بنك الاستيراد والتصدير” الذي يعد داعماً رئيسياً للمصدرين.
إلى جانب ذلك عملت المملكة على تنويع أسواق التصدير وفتح آفاق جديدة للشراكات الاقتصادية مع دول مثل البرازيل وإثيوبيا، حيث تم توقيع اتفاقيات وشراكات استراتيجية تهدف إلى زيادة التبادل التجاري وتمكين المنتجات السعودية من النفاذ إلى تلك الأسواق.
تأتي هذه الجهود في إطار رؤية السعودية 2030، التي تستهدف تقليص الاعتماد على النفط وزيادة حصة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار وزير الاستثمار خالد الفالح، في يناير الماضي، إلى أن 571 شركة عالمية نقلت مقراتها الإقليمية إلى السعودية، معظمها شركات صناعية، ما ساهم في تعزيز القطاع غير النفطي.
وبيّن أن قطاع الصناعة استحوذ على 30% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، حيث تم تحقيق 142 مليار ريال في الصناعات التحويلية، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، رفعت المملكة توقعات نمو اقتصادها غير النفطي لعام 2026 إلى 6.2% مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 5%.
ويأتي هذا النمو المستدام انعكاساً للسياسات الحكومية الرامية إلى جذب الاستثمارات، وتقليل الاستيراد، وتعزيز الصادرات المصنوعة محلياً.
خطط التنويع
ويقول الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، إن السعودية من أكبر دول العالم في التصدير، لكن النسبة الكبرى تتركز في قطاع النفط، لذا فإن جل اهتمام المملكة خلال السنوات القادمة ينصب على البحث عن الوسائل والسبل التي يمكن من خلالها زيادة صادراتها، وخاصة غير النفطية، لتحتل المركز الذي يليق بها.
ويشير في حديثه مع “الخليج أونلاين” إلى أن هناك العديد من المنتجات السعودية المشهود لها بجودتها وسعرها المنافس، ومنها الكيماويات والبوليمرات والمعدات الثقيلة والإلكترونيات والسيارات والمنتجات الغذائية وغيرها.
وأضاف العبسي أن السعودية تعمل على تحفيز التصدير عبر مبادرات متنوعة، منها تعويض 70% من رسوم وتكاليف التصدير، وتسهيل دخول المشترين، ودعم التسجيل الإلكتروني للمصدرين والمنتجات، والتشجيع على المشاركة في المعارض الدولية، وتقديم الدعم القانوني والإرشادي والتسويقي والتدريبي.
ويوضح أن هناك “مقترحات جادة لتوفير تمويل للصادرات من خلال خصم الفواتير آجلة الدفع، بهدف تسييل قيمة المبيعات آجلة الدفع وزيادة سيولة الشركة المصدرة لإعادة استخدامها، وكذلك المساعدة في التأمين على الصادرات لحماية المصدر من مخاطر الشحن، والتأمين على مخاطر ما بعد الشحن”.
وأردف: “كل ذلك يهدف لإعطاء الشركات المصدرة القدرة على جعل أسعار صادراتها منافسة وقادرة على المنافسة، بالإضافة إلى جودة هذه المنتجات”.
ويلفت العبسي إلى أن “من أهم ما يمكن التركيز عليه هي المنتجات الصناعية، لتكون هي القاطرة التي تنعش الاقتصاد الوطني، إضافة إلى مزاياها العديدة، حيث إنه من خلال المنتجات الصناعية وغيرها يتم النهوض بالاقتصاد الوطني الكلي”.
ويؤكد أن السعودية تبذل الجهود الكبيرة وتُقدم الحوافز العديدة لتكون المملكة قادرة على زيادة صادراتها في الأسواق الإقليمية والعالمية، “مما يعطي نتيجة إيجابية في اتجاهين، الأول دعم الصناعة والصناعيين، والآخر زيادة حجم الصادرات، والتي بنتيجتها يكون نمو وتطور الاقتصاد السعودي وزيادة في التنافس في حلبة جذب الاستثمارات الأجنبية”.
تحفيز الصادرات
وفي إطار جهود المملكة لتعزيز تنافسية منتجاتها في الأسواق العالمية أطلقت هيئة تنمية الصادرات السعودية، في ديسمبر الماضي، النسخة الإلكترونية الأولى من دليل برنامج تحفيز الصادرات.
ويتضمن الدليل نبذة تعريفية عن البرنامج، إلى جانب الحوافز المقدمة للمصدرين، وآلية تقديم الطلبات وشروط الاستفادة منها، وذلك بهدف تشجيع الشركات السعودية على التوسع في الأسواق العالمية والدخول إلى أسواق جديدة، مع ضمان توافق الحوافز مع متطلبات منظمة التجارة العالمية.
وصُمّم دليل الحوافز لتلبية احتياجات المصدرين، حيث يغطي مختلف الأنشطة المرتبطة بالتصدير، مثل: الإدراج في منصات التجارة الإلكترونية، والحصول على شهادة المنتجات، والمشاركة في المعارض الدولية بشكل فردي، والتسويق والإعلان، وتسجيل المنتجات، وزيارة المشترين المحتملين، وتقديم الاستشارات والدعم القانوني، والتدريب المتخصص.
كما يوفر البرنامج تعويضاً يغطي بين 50% و75% من إجمالي التكاليف المرتبطة بتلك الأنشطة، وفقاً للشروط والأحكام المحددة.
ومن الجدير بالذكر أن برنامج تحفيز الصادرات السعودية انطلق عام 2019، ويعمل منذ ذلك الحين على تحسين كفاءة البيئة التصديرية عبر مبادرات نوعية متعددة.
وتهدف الهيئة إلى رفع الوعي بممارسات التصدير، وتنمية الكفاءات البشرية في القطاع، وإيجاد الفرص التصديرية الملائمة، والتغلب على المعوقات بالتعاون مع الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص.
وتعكس هذه البرامج والمبادرات التزام المملكة بتحقيق مستهدفات رؤية 2030، التي تسعى لتنويع مصادر الدخل وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني.