الاخبار

استثمارات كبيرة ووظائف.. قطر ترسّخ ريادتها في الذكاء الاصطناعي

كم يبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي المتوقع في قطر؟

1.9 مليار دولار بحلول 2030.

كم عدد الوظائف التي سيخلقها الذكاء الاصطناعي في قطر؟

أكثر من 13 ألف وظيفة جديدة خلال 5 سنوات.

تُواصل دولة قطر تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للابتكار الرقمي، مستفيدة من الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة للتحول الاقتصادي؛ إذ لا تقتصر استثماراتها على تطوير التقنيات الحديثة، بل تمتد لتشمل بناء بيئة متكاملة تدعم الابتكار، من خلال تمويل المشاريع الرقمية، ودعم الأبحاث، وتطوير البنية التحتية الذكية.

وتعكس هذه التوجهات الطموحة، رؤية قطر للمستقبل، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي أداة أساسية لتحسين جودة الحياة، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز النمو المستدام.

الذكاء يعزز فرص العمل

يمثل الذكاء الاصطناعي أحد المحركات الأساسية للتحول الرقمي في قطر، حيث تسعى الدولة إلى تعزيز قدراتها التكنولوجية وخلق بيئة محفزة للابتكار، مع تزايد الاستثمارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يفتح آفاقاً جديدة للوظائف ويعزز تنافسية الاقتصاد الوطني.

وفي إطار ذلك، أعلنت مديرة شركة “مايكروسوفت – قطر”، لانا خلف، أن استثمارات الذكاء الاصطناعي ستساهم في خلق أكثر من 13 ألف وظيفة جديدة في الاقتصاد القطري بحلول عام 2030.

وشددت خلف خلال مشاركتها في قمة الويب – قطر 2025، في 26 فبراير الماضي، على أن إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل “آزور أوبن إيه آي”، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، سيعزز قدرات المعالجة داخل قطر.

وأشارت إلى أن هذه الخطوة ستتيح للشركات والمؤسسات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، أو الراغبة في تبنيه، إمكانية الابتكار محلياً، مما يدعم بيئة رقمية متطورة.

وأضافت أن “مايكروسوفت تدرك المخاوف المتعلقة بمستقبل الوظائف، إلا أنها ترى أن الذكاء الاصطناعي لن يؤدي إلى فقدان الوظائف، بل سيعزز فرص العمل لأولئك الذين يستخدمونه”.

وأوضحت خلف أن الأشخاص الذين يتبنون الذكاء الاصطناعي سيكونون أكثر قدرة على مواكبة تطورات سوق العمل، مقارنة بمن لا يعتمدون على هذه التقنيات.

وأكدت أهمية مبادرات التدريب وإعادة التأهيل، مثل “المركز الرقمي للتميّز” الذي تم إطلاقه بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتمكين الأفراد من اكتساب المهارات اللازمة في الذكاء الاصطناعي، مشددة على أن تعزيز المهارات الرقمية سيجعل الأفراد أكثر كفاءة وإنتاجية، مما يدعم الاقتصاد المعرفي في قطر.

استثمارات استراتيجية ذكية

وسبق أن خصصت قطر نحو 9 مليارات ريال (2.5 مليار دولار)، لدعم برنامج التحول الرقمي، مع التركيز على الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطناعي، وفق ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في مايو الماضي، خلال منتدى قطر الاقتصادي.

وفي إطار هذه الاستراتيجية، أطلق رئيس الوزراء القطري مشروع الذكاء الاصطناعي “الفنار”، والذي يهدف إلى جمع بيانات عالية الجودة وتعزيز البرامج اللغوية، بما في ذلك دعم اللغة العربية وتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي اللغوية.

وتأتي هذه الخطوات في سياق تنافسي إقليمي، حيث أعلنت السعودية عن خطط لتأسيس صندوق بقيمة 40 مليار دولار للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، بينما تقود شركة “G42” جهود الإمارات في هذا المجال، وأطلقت نسخة محدثة من نموذج “فالكون” للذكاء الاصطناعي.

وبالسياق ذاته، يسعى جهاز قطر للاستثمار، الصندوق السيادي للدولة، إلى تعزيز استثماراته في صناعة الرقائق، وهي قطاع حيوي يدعم الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.

وأعلن الجهاز في مايو الماضي، عن نيته المشاركة كمستثمر رئيسي في صندوق “أرديان” لأشباه الموصلات، الذي أطلقته شركة الأسهم الخاصة الفرنسية “أرديان” لدعم صناعة الرقائق في أوروبا.

وأكد جهاز قطر للاستثمار أن هذه الخطوة تعكس أهمية أشباه الموصلات في الاقتصاد العالمي، ودورها في التحولات الرقمية والخضراء عبر قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي ووسائل النقل والتكنولوجيا الاستهلاكية.

كما زاد الجهاز استثماراته في قطاع التكنولوجيا، وشارك في جولات تمويلية لشركات ناشئة، بالإضافة إلى استحواذه على حصة أقلية في شركة “كوكوساي إلكتريك”، المتخصصة في تصنيع أشباه الموصلات.

وتعمل قطر على تعزيز اقتصادها الرقمي، وتوسيع استثماراتها في التكنولوجيا المتقدمة، مما يرسّخ مكانتها كمركز إقليمي للابتكار والذكاء الاصطناعي.

1

خيار استراتيجي

ويؤكد الباحث الرقمي نبيل العبيدي، بأن استثمار قطر في الذكاء الاصطناعي ليس مجرد توجه تقني، بل هو خيار استراتيجي يعزز التنمية الاقتصادية، والسيادة الرقمية، والمكانة الدولية للدولة، “ومن خلال هذه الاستثمارات، يمكن لقطر أن تصبح رائدة في الذكاء الاصطناعي على مستوى الشرق الأوسط والعالم، مما يساهم في تحقيق اقتصاد أكثر استدامة وابتكاراً”.

ويوضح في حديث لـ”الخليج أونلاين” أن أبرز الفوائد من هذا الاستثمار تتمثل في دعم الرؤية الاستراتيجية لدولة قطر 2030، وتوطين وتعزيز الاقتصاد والقدرة التنافسية في المنطقة ومنها للعالمية، ورفع مستوى البنية التحتية التكنولوجية.

وأضاف العبيدي: “من الفوائد أيضاً، رفع مستوى الخدمات الحكومية إلى خدمات ذكية، وتطوير قطاع الطاقة والاستدامة البيئية، فضلاً عن رفع مستوى العمل في الأمن السيبراني والبنية التحتية الرقمية”.

ويرى أنه رغم التحديات فإن قطر ودول الخليج يمتلكون فرصاً قوية للتحول إلى مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي بفضل الإمكانات المالية، والبنية التحتية المتطورة، والرؤى الاستراتيجية الداعمة للتكنولوجيا.

ويلخص العبيدي أبرز التحديات أمام هذا المجال:

  • نقص الكوادر البشرية المتخصصة: كون هذه التكنولوجيا حديثة، فإن المنطقة تعاني من قلة المواهب المتخصصة في الذكاء الاصطناعي.
  • البنية التحتية الرقمية والتكنولوجية: العمل على تحسين الاتصالات وسرعة الإنترنت، وتعزيز مراكز البيانات، وتطوير أنظمة الحوسبة السحابية، والاستثمار في مراكز البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي.
  • نقص البيانات وضعف تبادلها: يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على توفر البيانات وجودتها، وهناك تحديات في تنظيم البيانات، وتوحيدها، وجعلها متاحة للبحث والتطوير، فيجب العمل على تشريعات لإزالة القيود التي تستدعي مشاركة البيانات بين القطاعات المختلفة بسبب القوانين والسياسات التنظيمية.
  • تحديات تشريعية وتنظيمية: تحتاج إلى تطوير قوانين وتشريعات تنظيمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، مثل قوانين حماية البيانات، وأخلاقيات تطوير الذكاء الاصطناعي، والمساءلة القانونية.
  • الأمن السيبراني وحماية البيانات: بسبب تعاظم تهديدات الهجمات السيبرانية مع التحول الرقمي يتطلب استثمارات ضخمة في أمن المعلومات والمعلومات الشخصية.
  • التحديات الاقتصادية والاستثمارية: التحول إلى مركز إقليمي يعني المزيد من ضخ استثمارات كبيرة في الأبحاث والتطوير، والبنية التحتية، والتعليم، وهي تحديات أمام الدول التي تعتمد على الإيرادات النفطية فقط.
  • القبول الاجتماعي والوعي العام: يجب تهيئة الجو العام لقبول التغيير التكنولوجي بسبب المخاوف من فقدان الوظائف أو الأثر الاجتماعي للذكاء الاصطناعي، ورفع مستوى الوعي حول فوائد الذكاء الاصطناعي وتعزيز ثقافة الابتكار.
  • المنافسة الإقليمية والعالمية: هناك دول كبيرة ومتقدمة لديها تقدم كبير في الذكاء الاصطناعي، مما يفرض على قطر ودول الخليج تسريع جهودها لجذب الشركات والمواهب.

كيف يمكن مواجهة هذه التحديات؟

  1. الاستثمار في التعليم والتدريب عبر تطوير مناهج تعليمية حديثة وبرامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي.
  2. تعزيز التعاون الدولي مع مراكز الأبحاث والشركات التقنية الرائدة عالمياً.
  3. تحسين البنية التحتية الرقمية من خلال تطوير مراكز بيانات متقدمة وتعزيز الاتصال السحابي.
  4. وضع تشريعات مرنة وواضحة تدعم الابتكار وتحمي الأمن السيبراني وخصوصية البيانات.
  5. تشجيع الشركات الناشئة من خلال تقديم حوافز ودعم حكومي للمشاريع الابتكارية.

كما يشير الباحث العبيدي في حديثه لـ”الخليج أونلاين” إلى أن قطر تتبنى استراتيجيات لدعم 13 ألف وظيفة جديدة بحلول 2030، وذلك من خلال الاستثمار في التعليم، وتطوير القوى العاملة، وتعزيز البيئة الداعمة للابتكار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

ويبين أن من أبرز المحاور التي ترتكز عليها هذه الخطة، هي تطوير النظام التعليمي لتلبية احتياجات سوق العمل، وإدراج الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية في المناهج الدراسية، والتوسع في البرامج الجامعية المتخصصة في التكنولوجيا، وكذلك إطلاق مبادرات التعليم للبرمجة منذ سن مبكرة (الأطفال)، فضلاً عن تعزيز التدريب والتطوير المهني.

ولفت العبيدي إلى أن تطوير التعليم والتدريب المهني وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال واستقطاب المواهب العالمية وتحديث البنية التحتية الرقمية هو ركيزة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.

ريادة رقمية ومستقبل واعد

تتقدم قطر بسرعة لتصبح دولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تقود التحولات الرقمية في مختلف القطاعات، مما يسهم في تحسين الحياة اليومية وتعزيز الابتكار.

وكشفت صحيفة الشرق القطرية في 1 نوفمبر الماضي، أن الدوحة جاءت ضمن أبرز 6 دول عربية، تقود موجة الثورة الصناعية الرابعة في المنطقة من خلال الاستثمار بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات لدفع النمو الاقتصادي والحد من اعتمادها على النفط.

وبفضل تبنيها لأحدث التقنيات، تضع قطر معايير عالمية جديدة، مدفوعة باستثمارات استراتيجية ومبادرات طموحة تجعلها لاعباً رئيسياً في المشهد التكنولوجي العالمي.

وبحسب تقديرات منصة “ستاتيستا” الألمانية، المتخصصة في بيانات السوق، من المتوقع أن يرتفع حجم سوق الذكاء الاصطناعي في قطر من 428.4 مليون دولار في عام 2024، إلى 1.9 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 28.7%.

ومن المتوقع أن تصل الاستثمارات الرقمية في قطر إلى 5.7 مليارات دولار بحلول عام 2026، مقارنة بـ 1.65 مليار دولار في عام 2022، وفقاً لصحيفة “ذا بينينسولا” القطرية، الناطقة بالإنكليزية.

وعلى صعيد المدن الذكية، تعمل قطر على تحويل رؤيتها إلى واقع بفضل الذكاء الاصطناعي، حيث تساهم الحلول الذكية في إدارة حركة المرور، وترشيد استهلاك الطاقة، والتنبؤ باحتياجات صيانة البنية التحتية.

وتعكس هذه الجهود التزام قطر بتعزيز الابتكار الرقمي، مما يعزز مكانتها كوجهة عالمية للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.

وتجدر الإشارة إلى أن “لجنة الذكاء الاصطناعي” في قطر تأسست عام 2021 بقرار من مجلس الوزراء، لتقود تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى