اجتماعات دبلوماسية مكثفة حول اليمن في الرياض.. ما أهدافها؟
ما طبيعة النشاط الدبلوماسي الذي تشهده الرياض بخصوص اليمن؟
- هناك تحركات دبلوماسية لسفراء ومسؤولين أمريكيين وغربيين في الرياض لبحث الملف اليمني.
- السفير الأمريكي بحث ملف الإرهاب ومواجهة الحوثيين مع قيادات ومسؤولين يمنيين وسعوديين.
شهدت العاصمة السعودية الرياض خلال الأيام الماضية حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق للعديد من السفراء والدبلوماسيين الغربيين لدى اليمن، في ظل أنباء عن توجه لتمكين الحكومة اليمنية من العودة إلى صنعاء.
ولأول مرة منذ أشهر يلتأم مجلس القيادة الرئاسي برئاسة العليمي بحضور جميع أعضاءه، في اجتماع عُقد يوم الثلاثاء (17 ديسمبر) في الرياض، مع سفراء السعودية والإمارات والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
الاجتماع ركّز على الشراكة القوية بين مجلس القيادة الرئاسي، والحلفاء الدوليين الرئيسيين، وتعزيز الأهداف المشتركة، لدعم السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
كما قدم مجلس القيادة الرئاسي رؤية متكاملة لتحقيق الأولويات الاقتصادية والسياسية والأمنية، والإصلاح الاقتصادي وتحقيق الاستقرار، وهي رؤية تحتاج لدعم إقليمي ودولي، وسيكون لها دور بارز في حشد اليمنيين مجداً وراء الشرعية.
أجندة جديدة
وخلال الأشهر الماضية، تغير الخطاب الدبلوماسي الأمريكي والغربي عموماً تجاه الوضع في اليمن، وبدا كما لو أن واشنطن أدركت أخيراً أن سلطة الحوثي في صنعاء يتجاوز خطرها الأراضي اليمنية وأصبحت شكل خطراً على مصالحها وحلفائها وفي المقدمة “إسرائيل”.
وأجرى السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن، خلال الأيام الماضية في الرياض، سلسلة لقاءات مع رئيس مجلس القيادة اليمني، تطرقت جميعها إلى الوضع الأمني وتداعيات المشهد الإقليمي على اليمن، وضرورة الحفاظ على وحدة مجلس القيادة لمواجهة الحوثيين.
فرنسا كذلك حضرت في هذا النشاط الدبلوماسي، إذ عقدت سفيرة باريس لدى اليمن كاترين قرم كمون، لقاءات في الرياض مع عضوي مجلس القيادة الرئاسي عبدالرحمن المحرمي، واللواء سلطان العرادة محافظ مأرب، لبحث المستجدات على الصعيد المحلي والإقليمي.
وليس ثمة نقاش غير معلن حول إمكانية إطلاق عمل عسكري واسع ضد جماعة الحوثي، بدعم من الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى تضررت من هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نحو عام.
معركة في الأفق
وعلى الأرض ثمة تحركات كبيرة يُفسرها أنصار جماعة الحوثي، بأنها تهدف إلى إعادة فتح جبهات القتال الداخلية.
وخلال كلمة ألقاها رئيس الأركان وقائد العمليات المشتركة بالجيش اليمني الفريق الركن صغير بن عزيز، خلال فعالية عسكرية (19 ديسمبر) أكد أن “اليمن قادمة على معركة ستنهي حكم الحوثيين”.
وفي وقت سابق، كشف العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة لتوحيد القوات المناوئة للحوثيين، بالتزامن مع تزايد السخط الدولي من سلوكهم.
وفي صنعاء يراقب الحوثيون الحراك الدبلوماسي والتحركات على الأرض، ونظير ذلك بدأت الجماعة بتغيير خطابها وأكدت استعدادها للتوقيع على خارطة الطريق فوراً، بينما قال وزير داخليتها عبدالكريم أمير الدين الحوثي في 17 ديسمبر الجاري إن “اليمن تمر بمرحلة خطيرة تحتاج إلى رفع الجاهزية واليقظة”.
موقف السعودية
وبينما تحتضن الرياض النقاشات الدبلوماسية الدولية المكثفة حول اليمن، لا يزال موقف المملكة المعلن يجنح للسلام ويرفض التصعيد، لاسيما أنها نجحت في فتح مسار التفاوض حول السلام مع الحوثيين منذ أبريل 2022.
لكن التطورات الإقليمية وتبدل موازين القوى والضربات الموجعة التي تلقاها محور إيران والحوثي جزء منه، يدفع البعض للاعتقاد أن الرياض لن تُمانع أي تحرك عسكري او سياسي يفضي لإعادة الشرعية إلى صنعاء.
ووفق الباحث في الشأن الأمريكي سيف المثنى، فإن “السعودية والمجتمع الدولي يقدمون للحوثي فرصة أخيرة للذهاب إلى للسلام، في ظل عدم قدرة واستعداد الشرعية، وغياب رغبة المملكة في العودة إلى الحرب باليمن”.
وأضاف المثنى في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “السعودية ليس لديها رغبة في عودة الحرب، خاصة بعد حصولها على حق استضافة كأس العالم 2034”.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور ناصر الطويل، فيرى أن هناك أسباب تدفع نحو عمل عسكري في اليمن، منها الظرف الإقليمي القائم، ووجود رغبة لدى بعض الأطراف الدولية، في مقابل عوامل أخرى تدفع باتجاه تأجيله على الأقل.
وقال الطويل: “يبدو أن هناك تدافع بين رغبة أمريكية في تنفيذ عملية عسكرية تأديبية ضد الحوثيين، ويبدو أن المؤسسات الأمريكية العسكرية والأمنية تدفع بهذا الاتجاه، وتضغط به على دولتي التحالف (السعودية والإمارات)، وعلى مكونات السلطة الشرعية العسكرية والمدنية أو السياسية لذلك”.
كما لفت إلى أن هناك مؤشرات واضحة على ذلك منها “النشاط الأمريكي الواسع في الرياض، والالتقاء بمختلف الأطراف العسكرية والسياسية اليمنية، وأيضاً بدولتي التحالف، وتحديداً السعودية”.
ولفت إلى أن “هناك مناخ إقليمي يدفع نحو عمل عسكري في اليمن، يحقق أهداف الولايات المتحدة وبريطانيا، وينسجم مع المناخ الإقليمي الذي نشأ عن ضرب قدرات حزب الله، وإزاحة نظام الأسد عن سوريا، ومعهما انسحاب النفوذ الإيراني في المنطقة”.
لكن ومن وجهة نظر الطويل، فإن هناك “تحفظ سعودي على ما يبدو” موضحاً: “السعوديون يعتقدون أن الأمريكيين خذلوهم في سنوات الحرب السابقة، فالإدارة الأمريكية لم تكن من وجهة نظر أطراف سعودية بالمستوى المأمول”.
وأشار إلى أن “إدارة بايدن مارست ضغوط مهولة على السعودية، اضطرتها إلى تغيير في مسار الحرب، وأثرت في نتائجها، وأيضاً السعودية قطعت شوط في المفاوضات والتفاهمات مع إيران، ولديهم إحساس أن الأمريكيين قد يدفعونهم إلى معركة، ثم قد يتخلون عنهم”.
ويرى الطويل في هذا السياق أن “السعودية قد تستثمر الرغبة الأمريكية بخصوص ضرب الحوثيين، من خلال المطالبة بالتوقيع على اتفاقية شراكة أمنية مع واشنطن لتوفر لها مظلة تستطيع التحرك أمنياً من خلالها”.
وأضاف: “هناك مفاوضات جرت خلال العام الماضي حول هذه الاتفاقية، والإدارة الأمريكية كانت قد اشترطت أن تعترف الرياض بإسرائيل، وهو ما رفضته السعودية كما هو واضح، واليوم يبدو أن المملكة تريد أن تقايض موقفها بدعم العملية المتوقعة في اليمن”.
كما لفت إلى أن “العامل الحاسم في العمل العسكري المرتقب ضد الحوثيين، سيكون التوصل لاتفاق بين الرياض وواشنطن حول اتفاقية الشراكة الأمنية، والتي يبدو أن حظوظها في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيكون أكبر من إدارة جو بايدن المغادرة”.