الاخبار

اتفاق الطاقة يفتح أبواب دمشق.. انفتاح دولي يعيد سوريا لخارطة الاستثمار

اتفاق الطاقة هو الأضخم في تاريخ سوريا ومن شأنه أن يغطي كامل عجز الكهرباء الذي تعانيه البلاد

خطوة جديدة في طريق سوريا نحو التعافي، أكبر مشروع وطني في مجال الطاقة جرى توقيعه مع شركات قطرية وأمريكية وتركية، من شأنه أن يؤسس لمرحلة جديدة من النهضة والبناء، ويسهل جهود الإعمار، ويمنح البلاد فرصة للانتعاش مجدداً.

سوريا التي عانت طيلة عقود من العقوبات، ومن وطأة نظام الأسد البائد، وقعت الخميس الماضي، اتفاقاً تاريخياً في قطاع الطاقة، بقيمة 7 مليارات دولار، من شأنه أن يعيد الحياة لكل القطاعات، ذلك أن سوريا تعاني نقصاً حاداً في الكهرباء.

الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين وزارة الطاقة السورية، وتحالف دولي من الشركات تقوده مجموعة “أورباكون” القطرية بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، ومبعوث أميركا إلى سوريا توم باراك، من المتوقع أن ينتج 5 آلاف ميغاواط من الكهرباء.

اتفاق تاريخي

تواجه سورياً نقصاً حاداً في الكهرباء، إذ يبلغ ما تنتجه حالياً 1300 ميغاواط، بواقع ساعتين من التغذية الكهربائية يومياً، بينما تحتاج الدولة لتغطية كامل العجز قرابة 6500 ميغاواط في الوضع الطبيعي، ما يعني عجزاً بواقع 5200 ميجاوات.

ومن شأن الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه يوم الخميس، في دمشق، أن يوفر قرابة 5 آلاف ميغاواط، تضاف إلى المتوفر حالياً، ما يعني حلاً جذرياً لمشكلة الكهرباء.

المشروع يشمل 4 محطات كهرباء، بقدرة 4 آلاف ميغاواط، وإنشاء محطة طاقة شمسية بطاقة 1000 ميغاواط، بتكلفة إجمالية تصل إلى 7 مليارات دولار، ليصبح بذلك أكبر مشروع وطني للطاقة في تاريخ سوريا.

ووفق وزير الطاقة السوري محمد البشير، فإن هذه الاتفاقية، ستعزز التنمية الاقتصادية وتسرع عجلة إعادة الإعمار وستخفف الأعباء عن السوريين، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن المرحلة المقبلة ستشمل وصول إمدادات غاز جديدة من الأردن وتركيا، لزيادة ساعات التغذية الكهربائية.

المشروع هو الأول من نوعه ضمن مبادرة “إحياء الكهرباء في سوريا”، الذي أطلقته الحكومة السورية بعد رفع العقوبات الغربية والعربية عن دمشق.

ويشمل الاتفاق، أربع شركات دولية كبرى هي شركة ” “UCC القابضة القطرية التي تتولى قيادة المشروع، إلى جانب شركتين تركيتين هما: “كاليون إنرجي ياتيريميلاري” المتخصصة في الطاقة الشمسية، و”جنكيز إنرجي” العاملة في مجالات إنتاج وتوزيع الكهرباء.

كما تشارك شركة “باور انترناشيونال” الأميركية في هذا الاتفاق، لتكون بذلك أول شركة من الولايات المتحدة تساهم في مشروع بنية تحتية بهذا الحجم في سوريا منذ أكثر من عقد، بحسب قناة “الإخبارية” السورية.

الحكومة السورية، ترى في هذا الاتفاق، إلى جانب كونه إنجاز اقتصادي، فإنه يعبر عن عودة سوريا إلى موقعها الطبيعي، كشريك موثوق في المنطقة، وعن جدوى الخيار السياسي القائم على الانفتاح المتوازن.

وقال رامز الخياط، الرئيس التنفيذي لشركة “أورباكون” القطرية، إنه جرى ترتيب تحالف قوي يضم أفضل شركات تركية وأمريكية في مجال الطاقة، متوقعاً أن سوريا تتحول من دولة تعاني عجزاً في الطاقة إلى دولة مصدرة لها.

رفع العقوبات

هذا المشروع العملاق جاء في أعقاب رفع العقوبات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، ووفق وزير الطاقة السوري، فإن مشاركة قطرية وتركية وأمريكية كبرى فيه دليل عملي على رفع العقوبات ما يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار.

وأضاف في كلمته عقب توقيع الاتفاقية، إن هناك آلاف الشركات تريد العمل والاستثمار في سوريا، وأن الحكومة وضعت خططاً تكتيكية مرحلية لتخفيف الأعباء عن الشعب وزيادة ساعات تشغيل الكهرباء في المنازل.

ولفت إلى أنه يجري العمل على تشغيل خط الربط الكهربائي 400 الذي يربط سوريا بتركيا ومن المتوقع دخوله الخدمة في أول شهرين من العام القادم”، مؤكداً أن رفع العقوبات جعل سوريا اليوم حرة من القيود الاستثمارية ومهيأة لانطلاقة اقتصادية جديدة.

تحول سياسي

وإلى جانب كونه خطوة جبارة في طريق تعبيد الطريق أمام تحسن الاقتصاد والبيئة الاستثمارية، فإن اتفاق الطاقة السوري، يشكل تحولا سياسيا بارزا، بحسب الباحث الاقتصادي السوري عبد العظيم المغربل.

وأضاف المغربل في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن هذا الاتفاق “يعكس انفتاحا دوليا متزايدا تجاه الحكومة السورية الجديدة، ويُعد بمثابة اعتراف مباشر بشرعيتها مما يعزز موقع سوريا الإقليمي ويمهد لمزيد من التعاون الدولي”.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توم باراك، إنه في حال استمر الحال على ما هو عليه من إنجازات، فإنه من دمشق سيتم تغيير وجه العالم.

وأضاف: “إذا تواصل العمل على هذا النحو فسنكون قادرين على تغيير شكل وقوة هذا العالم نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً”، مشيراً إلى أن هذه اللحظات لا تتكرر دائماً وكل الخطوات كانت محسوبة.

من جانبه قال الخبير في شؤون الطاقة الأردني عامر الشوبكي، إن مشكلة الكهرباء في سوريا في طريقها لحل جذري مع الاتفاقية الأضخم في تاريخها، لتوفير 5 آلاف ميغاوات، مؤكداً أن الاقتصاد السوري أمام فرصة تاريخية.

وأشار الشوبكي، في تغريدة عبر منصة “إكس” إلى أن رفع العقوبات عن سوريا بدأ يُحدث تحولاً ملموساً، لافتاً إلى عودة الكثير من العائلات السورية المهاجرة بعد سنوات من التهجير والشتات.

واعتبر أن ذلك يمثل “بارقة أمل لبناء سوريا الجديدة، وتحريك اقتصادها، وخلق فرص العمل والخدمات، في بلد فقد 80% من اقتصاده وهاجر نصف سكانه بسبب الحرب”.

إعادة الإعمار

وسيسهم المشروع بشكل مباشر في جهود إعادة الإعمار، ووفق الباحث الاقتصادي المغربل، فإن المشروع “سيسهم في مضاعفة القدرة الكهربائية في سوريا، ما يدعم القطاعات الحيوية كالصناعة والزراعة والخدمات”.

وذكر أن المشروع “يُسرّع من جهود إعادة الإعمار عبر تحسين البنية التحتية وتوفير فرص العمل وتقليل الاعتماد على الوقود البديل والمولدات الخاصة”.

وفيما يتعلق برفع العقوبات، قال المغربل، إن هذا يتيح إجراء تحويلات مالية قانونية ومشاركة شركات دولية بالاستثمار في سوريا.

ولفت إلى أن هذه الصلاحيات حاسمة في توقيع الاتفاق، ومن المتوقع أن يُفتح الباب أمام مزيد من المشاريع الاستثمارية في الطاقة والاتصالات والبنى التحتية وغيرها من القطاعات خلال المرحلة المقبلة القريبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى