الاخبار

إنفاق استهلاكي متزايد.. كيف تؤثر عادات رمضان على اقتصاد الخليج؟

– يرتفع الاستهلاك خلال شهر رمضان ما بين 30% إلى 150% في الدول الخليجية والعربية.

– الاستهلاك المرتفع يحقق دخلاً جيداً لقطاع التجارة، إلا أنه يستنزف السيولة لمصلحة اقتصادات البلدان المنتجة للمواد المستهلكة.

ظروف خاصة تعيشها اقتصادات دول الخليج العربي خلال شهر رمضان المبارك ترتبط بعادات وثقافات خاطئة باتت جزءاً من الحياة اليومية للمواطنين خلال هذا الشهر، ما يتسبب بخسائر كبيرة نسبية لهذه الدول.

وترتفع معدلات استهلاك المواد الغذائية في شهر رمضان بالدول العربية والإسلامية عموماً، والخليجية خاصة، بنسبة تتراوح ما بين 30% – 150%، في انعكاس واضح لطبيعة وعادات المجتمعات الشرقية الاستهلاكية.

استنزاف للسيولة

ورغم انعكاس معدلات الاستهلاك إيجابياً على الحركة التجارية خلال شهر رمضان، إلا أن هذا الانعكاس يبقى إيجابياً على المدى القريب وسلبياً على المدى البعيد، فإن كان ارتفاع معدلات الاستهلاك يحقق دخلاً جيداً لقطاع التجارة، فإنه يستنزف السيولة لمصلحة اقتصادات البلدان المنتجة للمواد المستهلكة.

والحديث عن استنزاف السيولة الخليجية خلال شهر رمضان يأتي بسبب أن ارتفاع معدلات الاستهلاك فيها يكون بشكل غير مسبوق، ويزيد عن حاجة الإنسان، ما يعني أن مليارات دولارات سيكون مصيرها النفايات.

بحسب تقديرات “صندوق النقد العربي”، فإن فاتورة استيراد الدول العربية للمواد الغذائية بلغت 100 مليار دولار في العام 2023، وفق تقرير قطاع الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية في مايو من العام الماضي.

ووفق بيانات اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية (مقره في بيروت)، فإن المنطقة العربية تستورد 90% من احتياجاتها الغذائية.

وتشير بيانات الاتحاد إلى أن الدول العربية تحتاج إلى استثمار 144 مليار دولار حتى العام 2030 لتحقيق المتطلبات الغذائية لشعوبها.

ودول مجلس التعاون الخليجي الأعلى استهلاكاً بين الدول العربية، حيث وصلت قيمة الواردات الغذائية لهذه الدول في العام 2023 إلى 61 مليار دولار، صعوداً من 30 مليار دولار عام 2016، و24 ملياراً في 2014.

كما ارتفع معدّل استهلاك المواد الغذائية في دول مجلس التعاون من 48.2 مليون طن متري في العام 2016 إلى 59.2 مليون طن متري في العام 2021، بحسب شركة “ألبن كابيتال” للاستشارات الاستثمارية.

وفقاً لتقرير آخر صادر عن شركة “آلبن كابيتال” في ديسمبر 2023، فإنه المتوقع أن ينمو استهلاك الغذاء في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 2.8%، ليصل إلى 56.2 مليون طن بحلول عام 2027.

وبحسب رصد أعده “الخليج أونلاين”، استناداً إلى بيانات صادرة عن جهات حكومية رسمية، فإن معدلات الاستهلاك ترتفع في الدول العربية والإسلامية خلال شهر رمضان بنسب تتراوح ما بين 30% إلى 150%.

والبحرين من أكثر الدول التي ترتفع فيها معدلات الاستهلاك، فتزيد خلال رمضان بنسبة 150% مقارنة ببقية أشهر السنة.

أما في المملكة العربية السعودية فإن شهر رمضان وحده يستحوذ على 30% من فاتورة استهلاك السعوديين في العام كاملاً.

في الكويت ترتفع معدلات استهلاك المواد الغذائية فقط بنسبة 40% خلال شهر رمضان، في حين تشهد المواد الغذائية المرتبطة بولائم فطور رمضان (مثل التمور والعصائر والأرز) ارتفاعاً في المبيعات بنسبة 80%.

ويرتفع الاستهلاك في قطر خلال رمضان بنسبة 20% للسلع بشكل عام، في حين يتزايد استهلاك المواد الرمضانية بنسبة 100%.

هدر الطعام

هدر أطنان من الطعام

ولعل من أبرز العوامل التي تتسبب بخسائر اقتصادية كبيرة لدول الخليج في رمضان عمليات هدر الأغذية، فالدول العربية عموماً والخليجية خاصة من أكثر الدول إهداراً للغذاء على مستوى العالم.

ووفق تقرير لقناة “CNBC” الأمريكية، فإن السعودية الأولى عالمياً من حيث الهدر الغذائي، حيث تصل قيمة الغذاء المهدر فيها سنوياً إلى 13 ملياراً و300 مليون دولار، بحسب بيانات وزارة الزراعة السعودية.

وهذا الرقم أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لدول الصومال وجيبوتي وموريتانيا مجتمعة، حيث تبلغ حصة الفرد بالسعودية من الطعام المهدر 250 كيلوغراماً سنوياً.

الإمارات من الدول التي تتصدر قائمة الهدر الغذائي أيضاً، وتصل قيمة الأغذية المهدرة فيها سنوياً إلى 1.6 مليار دولار.

الكويت أيضاً تسجل هدراً في الغذاء بنحو مليون و528 طناً سنوياً، وفقاً للبيانات الصادرة عن إدارة شؤون البيئة المحلية، ويبلغ نصيب الفرد من الهدر الغذائي نحو 95 كيلوغراماً.

أما في البحرين فيبلغ حجم الهدر اليومي للطعام نحو 400 طن، بما يعادل 146 ألف طن سنوياً، وتبلغ قيمة هذا الهدر 95 مليون دينار (نحو 251 مليون دولار).

بينما تبلغ كمية هدر الطعام يومياً في شهر رمضان نحو 600 طن، بحسب الرئيسة التنفيذية ل‍جمعية “حفظ النعمة” البحرينية، ثورة إبراهيم الظاعن.

وتبلغ كمية الطعام المهدر سنوياً في قطر 1.4 مليون طن، بحسب برنامج “أصدقاء الطبيعة” القطري، وفي سلطنة عُمان تفيد الإحصائيات بأن قيمة الغذاء المهدر تبلغ 300 مليون دولار كل عام.

تراجع الإنتاج

وإضافة إلى الاستهلاك والهدر فإن الاقتصادات الخليجية تواجه مشكلة أخرى خلال شهر رمضان ترتبط بانخفاض الإنتاج.

وتشير دراسة أجرتها صحيفة “القبس” الكويتية، مؤخراً، حول عدد من الجهات الحكومية والخاصة، إلى أن نسبة تأثر الأعمال وإنجاز الموظف خلال شهر رمضان في القطاع الخاص هي 40% من النسبة المعتادة شهرياً، وأكثر من 65% تراجع في إنجاز الموظف بالقطاع الحكومي.

في دراسة صدرت بالعام 2020، عن مدرسة “هارفارد كينيدي” البريطانية، خلصت إلى أن رمضان له تأثير سلبي مباشر على إنتاجية الدول الإسلامية.

ووجدت الدراسة أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلدان الإسلامية ينخفض ​​بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان.

دراسة أخرى أجرتها مجلة “كورتلي جورنال أوف إيكونوميكس” الاقتصادية الأمريكية، وحللت فيها بيانات من 60 دولة، وجدت أن تقليص ساعات العمل في شهر رمضان يترك أثراً ضاراً في الاقتصاد بالدول ذات الغالبية المسلمة.

وذكرت أن نسبة النمو الاقتصادي في البلدان الإسلامية تتراجع بنسبة 0.7%، بسبب ضعف الإنتاجية خلال شهر رمضان.

وأفادت بأن قلة الإنتاجية مرتبطة بقرار تقليل ساعات العمل أو تأجيله إلى الليل حينما تكون الأسواق المالية عالمياً متوقفة.

وبحسب المجلة، فإن الموظفين في أثناء هذه الأيام من العام لا يهتمون بالعمل قدر اهتمامهم بالأمور الترفيهية والدينية.

وخلال شهر رمضان المبارك، تُخفَّض ساعات العمل الرسمية في دول الخليج، حيث تقلّ يومياً بما يصل إلى ساعتين في القطاع الخاص وأكثر من ذلك إلى ثلاث ساعات في القطاعات الحكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى