الاخبار

إعادة تدوير الركام في غزة.. تحديات وحلول مبتكرة

أكثر الطرق فاعلية للاستفادة من الركام الذي قد يستفيد منه قطاع غزة هي إعادة تدويره لاستخدامه في تصنيع مواد البناء.

تعرض قطاع غزة على مدار عام وثلاثة أشهر لدمار واسع النطاق جراء العدوان الإسرائيلي، مما أدى إلى تدمير آلاف المنازل والمنشآت السكنية والتجارية، ونتيجة لذلك، تراكمت كميات هائلة من الركام والأنقاض، مما يشكل تحدياً بيئياً وإنسانياً كبيراً أمام من سينفذ مهمة الإعمار.

وفي ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وندرة مواد البناء، تبرز الحاجة الملحة للبحث عن حلول مبتكرة لإعادة تدوير واستخدام هذا الركام في إعادة الإعمار والتنمية المستدامة.

يُقدر حجم الدمار الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة بنحو 40 مليون طن، وفقاً لأرقام رسمية صادرة عن وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.

وتُعد إزالة الركام المهمة الأصعب أمام الطواقم الهندسية والفنية في قطاع غزة، بسبب الدمار الكبير الذي أحدثه العدوان.

تصنيع مواد البناء

المهندس المعماري، محمد حماد، يوضح أن أكثر الطرق فاعلية للاستفادة من الركام هي إعادة تدويره لاستخدامه في تصنيع مواد البناء، مثل الطوب الإسمنتي والخرسانة المعاد تدويرها، ويتم ذلك من خلال عمليات تكسير وفرز الأنقاض، ثم تحويلها إلى حصى ورمل يمكن استخدامه في تصنيع الطوب أو في أعمال رصف الطرق؛ هذه الطريقة تقلل من الاعتماد على المواد المستوردة وتساهم في خفض تكلفة البناء.

وقال حماد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “يمكن استخدام الحصى الناتج عن تكسير الأنقاض في تمهيد الطرق وإنشاء قواعد أساسية للبنية التحتية، مثل الأرصفة والطرق الداخلية، مما يعزز الاستفادة من المواد المتاحة محلياً بدلاً من استيرادها، هذه الخطوة تساعد في تسريع جهود إعادة الإعمار وتقليل التكاليف المادية”.

وأوضح أنه يمكن استخدام الركام في صناعة مواد إنشائية صديقة للبيئة، مثل الطوب المضغوط وألواح الجدران العازلة، وهو ما سيعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية في عمليات البناء.

وأشار إلى أن الركام يحتوي على كميات من المعادن والخشب التي يمكن إعادة تدويرها واستخدامها في الصناعات المختلفة، ويمكن فرز الحديد والخشب وإعادة تدويرهما لاستخدامهما في تصنيع الهياكل المعدنية والأعمال الحرفية، مما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي.

ويمكن استخدام أجزاء من الأنقاض، حسب حماد، في تنفيذ مشاريع فنية وإبداعية تحمل رسائل وطنية وإنسانية، مثل النصب التذكارية واللوحات الجدارية، مما يساعد في توثيق الأحداث والتعبير عن معاناة السكان بأسلوب فني مميز.

ولفت إلى أنه رغم الفوائد المحتملة لإعادة تدوير الركام، تواجه غزة العديد من التحديات في هذا المجال، أبرزها، الحصار الإسرائيلي الذي يعيق إدخال المعدات والآلات اللازمة لعمليات إعادة التدوير، والتلوث البيئي؛ حيث يحتوي الركام على مواد سامة تحتاج إلى معالجات خاصة، ونقص التمويل والدعم الدولي مما يحد من القدرة على تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار باستخدام التقنيات الحديثة.

فكرة مصرية

قدم المهندس والأكاديمي المصري في اليابان، محمد سيد علي حسن، مقترحاً بديلاً للاستفادة من الركام في قطاع غزة، مستنداً إلى التجربة اليابانية في ردم مياه البحر بالركام.

وكتب حسن على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك: “هذا الحل يمكن أن يوسع مساحة القطاع ويوفر حلاً عملياً وسريعاً لمواجهة خطة التهجير”.

وأوضح حسن أن اليابان نفذت مشروعات عملاقة لردم مياه البحر بالركام نتيجة العديد من الكوارث الطبيعية والبشرية.

ويضيف أن اليابان حفل تاريخها بالعديد من الكوارث سواء كانت طبيعية مثل الزلازل أو بسبب الإنسان مثل الحروب، وهو ما خلف أطناناً هائلة من الركام، تم استغلالها لهذا الغرض. حيث تقدر مساحة الأراضي الناتجة عن ردم البحر بنحو 0.5% من إجمالي مساحة الدولة، مبيناً أن هذه التجربة يمكن استلهامها في قطاع غزة الذي يواجه تحديات مشابهة.

كذلك، قدم الاستشاري الهندسي المصري والمعارض السياسي، ممدوح حمزة، عبر مقطع فيديو نشره على حسابه بمنصة “إكس”، اقتراحاً هندسياً يتضمن استخدام الأنقاض الناتجة عن الحرب في غزة كمواد خام لإنتاج الطوب، مما يسرع عملية إعادة الإعمار ويقف عقبة أمام مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بتهجير الفلسطينيين من القطاع.

لكن حسن أشار إلى أن قطاع غزة يحتوي على عشرات وربما مئات ملايين الأطنان من الأنقاض والركام الناتجة عن العدوان الهمجي، واقتراح حمزة يحتاج إلى عدد هائل من الكسارات والطواحين وكميات ضخمة من الطاقة لتشغيلها، وبعد انتهاء مهمتها ستصبح هي نفسها عبئاً ولا حاجة لها في المستقبل القريب، ما يعني إهدار أموال كبير.

ويبين حسن أن تقليل عدد الكسارات والطواحين ليس عملياً، لأن الكم الهائل من الأنقاض يتطلب وقتاً طويلاً للتعامل معه، وهو ما ليس في صالح أهل القطاع وسط دعوات التهجير.

وذكر أنه بعد طحن الأنقاض إلى بودرة، يحتاج القطاع إلى عدد كبير من مصانع الطوب وكميات كبيرة من الطاقة لتشغيلها، مما يعني تكلفة مادية إضافية ووقتاً أطول لصناعة الطوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى