الاخبار

إجراءات مرتقبة.. ما أهمية تخفيف العقوبات الأوروبية على سوريا؟

–  تخفيف العقوبات الأوروبية على سوريا يساهم في دعم الاستقرار الاقتصادي وتسريع جهود إعادة الإعمار.

– تشترط الدول الغربية لتخفيف العقوبات عن سوريا

  • إصلاحات سياسية حقيقية.
  • احترام حقوق الإنسان.
  • حماية المكونات.

تتجه بعض الدول الأوروبية نحو إعادة النظر في سياستها تجاه دمشق، حيث أبدت استعداداً لتخفيف أو رفع بعض العقوبات المفروضة على القطاعات الحيوية، وهو ما يُعتبر خطوة مهمة نحو استقرار البلاد وتعافيها الاقتصادي.

وتواجه الإدارة الجديدة في سوريا تحديات كبيرة في الملف الاقتصادي والسياسي، وتحاول التخلص من إرث العقوبات التي فرضتها الدول الغربية منذ عام 2011، بهدف الضغط على النظام السابق، لكنها باتت اليوم تشكل عائقاً رئيسياً أمام جهود إعادة الإعمار والتنمية في البلاد.

تخفيف العقوبات

وفي إطار التغيرات السياسية التي شهدتها سوريا بعد سقوط النظام السابق، بدأت الدول الأوروبية في اتخاذ خطوات نحو تخفيف بعض العقوبات المفروضة على البلاد، ودعم جهود إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في سوريا.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في 27 يناير 2025 أن الاتحاد الأوروبي يعتزم رفع أو تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك في إطار تحرك أوروبي أوسع يهدف إلى المساهمة في تحقيق الاستقرار في البلاد التي تعاني من أزمات مستمرة.

جاء هذا التصريح على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث ناقش المسؤولون مستقبل هذه العقوبات في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية.

وأكد بارو أن العقوبات التي سيتم رفعها أو تعليقها بما يشمل قطاعات حيوية مثل الطاقة والنقل، إلى جانب مؤسسات مالية تعد محورية لاستقرار الاقتصاد السوري.

وأضاف أن هذه الخطوة تأتي في إطار دعم الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وهو هدف يسعى الاتحاد الأوروبي لتحقيقه من خلال إجراءات دبلوماسية واقتصادية منسقة.

وأكد أن الدول الأوروبية ستقرر رفع أو تعليق بعض العقوبات المحددة التي فُرضت على قطاعي الطاقة والنقل، وكذلك على مؤسسات مالية مهمة لاستقرار البلاد المالي.

من جانبها، أكدت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، خلال تصريحات لوكالة رويترز، أنها تأمل في التوصل إلى اتفاق بين الدول الأعضاء حول تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.

واعتبرت كالاس أن هذا التحرك جزء من الجهود الأوروبية لخلق بيئة مواتية للتخفيف من حدة الأزمة السورية المستمرة، بما ينسجم مع الأولويات الإنسانية والاقتصادية.

وتؤكد هذه التحركات أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تبني سياسة جديدة متوازنة تهدف إلى دعم الاستقرار في سوريا وتسريع تأهيلها بعد الحرب.

وفرضت العقوبات الغربية المشددة عزلة شبه كاملة على الاقتصاد الرسمي السوري، حيث قطعت صلاته مع الأسواق العالمية وأدت إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية.

وتركت هذه العقوبات تأثيرات سلبية عميقة على مختلف القطاعات الحيوية، مما عرقل القدرة على توفير الخدمات الأساسية وإعادة الإعمار، وأثقل كاهل المواطنين الذين يعانون بالفعل من تداعيات الحرب.

ترحيب سوري

من جانبها، أعربت السلطات السورية الجديدة عن ترحيبها بخطة الاتحاد الأوروبي لتعليق بعض العقوبات المفروضة على القطاعات الحيوية في البلاد، معتبرة الخطوة بادرة أمل نحو التعافي الاقتصادي واستعادة الاستقرار.

وفي بيان صدر مساء 27 يناير 2025، وصفت وزارة الخارجية السورية الخطوة بـ”الإيجابية”، قائلة: “نرحب بها ترحيباً حاراً، إذ تمهد الطريق للتعافي الاقتصادي وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتعزيز الاستقرار طويل الأمد في المنطقة”.

وأضاف البيان: “الشعب السوري يستحق فرصة حقيقية لتحديد مستقبله بنفسه، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف بشكل كامل إلا برفع جميع العقوبات المتبقية، التي وُضعت في الأصل كإجراء لحمايته من وحشية نظام الأسد، لكنها مع مرور الوقت أصبحت تأتي بنتائج عكسية تضر بشعبنا”.

واختتمت الوزارة بيانها بالتأكيد على التزام السلطات الجديدة بالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان رفع جميع العقوبات المتبقية، مشيرة إلى أن ذلك سيكون خطوة حاسمة نحو تمكين الشعب السوري من تحقيق الازدهار واستعادة مكانة سوريا المستحقة في منطقة يسودها السلام والرخاء.

1

أهمية بالغة

ويقول الكاتب والمحلل السياسي قحطان الشرقي، إن العقوبات الأوروبية التي فُرضت على سوريا كانت تهدف إلى الحد من نشاط نظام الأسد، وعدم تمكينه من استخدام الموارد لتعزيز جيشه وقواته ضد الشعب، حيث كانت موجهة لمؤسسات النظام والعسكرية وكثير من الشخصيات الاقتصادية.

ويلفت في حديثه مع “الخليج أونلاين” إلى أهمية تخفيف العقوبات الأوروبية على كثير من القطاعات، وستكون في صالح الشعب السوري، بعد إزالة نظام الأسد، وسقوط الذريعة التي كانت تتخذها الدول لفرض العقوبات.

ويبين الشرقي أن رفع العقوبات سيسهم في تعزيز موارد الدولة السورية ودعم الشعب السوري، حيث سيسمح للمؤسسات والمستثمرين بالعمل في الكثير من القطاعات دون قيود، وسيساهم في التعافي المبكر للاقتصاد السوري.

ويؤكد بأن هناك تحديات كبيرة تواجه الإدارة الجديدة في التعامل مع العقوبات، حيث هناك نشاطاً مكثفاً لوزارة الخارجية السورية والمؤسسات الحكومية على المستوى العربي والدولي، بهدف رفع العقوبات عن الدولة، وإعطاء فرصة للإدارة الجديدة في دمشق.

ويضيف الشرقي أن العقوبات الآن تعتبر عائقاً أمام النهضة السريعة لكافة القطاعات في سوريا بعد سقوط النظام السابق، وهناك جهوداً حثيثة ومستمرة من الإدارة الحالية لرفع هذه العقوبات.

ويعتقد أن الدول الأوروبية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في دعم الإدارة الجديدة والمساهمة في نهضة سوريا، من خلال إنعاش الاقتصاد ورفع العقوبات وتقديم حزم مساعدات، مما يؤثر بشكل مباشر على الشعب السوري والحكومة.

ويؤكد الشرقي قائلاً، إنه “إذا ربطت الدول الأوروبية رفع العقوبات بالحل السياسي، فسيكون ذلك عقبة أمام التحول السياسي. يجب إعطاء فرصة للحكومة الجديدة في دمشق لعملية انتقال سياسي والوصول إلى مرحلة تشارك فيها كافة أطياف الشعب لإدارة البلاد”.

العقوبات وشروط رفعها

وفرضت العقوبات الغربية على سوريا عزلة اقتصادية خانقة استهدفت القطاعات الحيوية في البلاد، متضمنة حظر تصدير السلع، لا سيما ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن توظيفها في أغراض عسكرية أو مدنية، مثل معدات الاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة.

كما تم حظر استيراد النفط والغاز السوري، مما أدى إلى تراجع الإيرادات الحيوية للحكومة السورية، وجرى تجميد أصول البنوك السورية ومؤسسات الدولة، بما في ذلك حسابات البنك المركزي السوري وأموال المسؤولين المرتبطين بالنظام السابق.

 وشملت العقوبات أيضاً حظر التعاملات المالية، مما أدى إلى عزل النظام المصرفي السوري عن الأسواق العالمية، وأعاق إجراء المعاملات الدولية.

أما قانون “قيصر”، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2020، فقد فرض عقوبات شاملة على مسؤولين ورجال أعمال وشركات تتعامل مع الحكومة السورية، ومنع تقديم مساعدات إعادة الإعمار للدولة السورية.

كما استهدف قانون “الكبتاغون” تجارة المخدرات المرتبطة بالنظام السوري، واعتبر أن المسؤولين السوريين متورطون في عمليات الإنتاج والتهريب التي تمول شبكات إجرامية إقليمية ودولية.

وتضع الدول الغربية عدداً من الشروط لتخفيف العقوبات عن سوريا، أولها تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية، من خلال تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع الأطياف السياسية والمجتمعية في سوريا، وضمان حماية حقوق الأقليات.

وصرحت كايا كالاس، في وقت سابق، أن أي تخفيف للعقوبات مشروط بإجراءات واضحة تثبت التزام الحكومة السورية الجديدة أو الانتقالية بإجراء إصلاحات سياسية حقيقية.

إضافة إلى ذلك، تشدد واشنطن والاتحاد الأوروبي على ضرورة احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك وقف الانتهاكات والاعتقالات التعسفية، وضمان عدم استخدام الأراضي السورية كقاعدة للإرهاب أو مركزا لانتشار الأسلحة الكيميائية.

حذر غربي

ورغم دعوات بعض الأطراف الدولية لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا بهدف دعم جهود إعادة الإعمار وتحسين الظروف الإنسانية، تبقى الدول الغربية حذرة في اتخاذ خطوات واسعة بهذا الاتجاه.

وينبع هذا الحذر من مخاوف متعلقة بعدم وجود تقدم ملموس في الملف السياسي، وإمكانية أن يؤدي رفع العقوبات إلى تعزيز قبضة الحكومة الحالية على حساب باقي الأطياف السورية.

وأما على المستوى الإنساني، فقد أعربت بعض الدول عن استعدادها لتخفيف العقوبات المرتبطة بالمساعدات الإنسانية.

وأوضحت وزارة الخزانة الأمريكية أن التخفيف المؤقت للعقوبات يهدف إلى ضمان توفير الخدمات الأساسية للسكان، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مع استمرار مراقبة التطورات في البلاد.

وتتجه بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا وألمانيا إلى صياغة “نهج ذكي” في التعامل مع العقوبات، يضمن تقديم الدعم الإنساني للسوريين مع استمرار الضغط على الإدارة السورية الجديدة.

كما أبدت هذه الدول استعدادها للنظر في تخفيف العقوبات، لكن بشرط أن تقدم دمشق ضمانات واضحة بشأن الإصلاحات السياسية وحقوق الإنسان، ويرتبط مستقبل العقوبات بمدى التزام السلطات السورية بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة دولياً.

وبينما تبدو الدول الغربية حذرة في رفع العقوبات دون ضمانات ملموسة، يظل التخفيف الجزئي مرتبطاً بتحقيق استقرار سياسي وإنساني في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى