أين وصلت الجهود السعودية في الاستثمار بالذكاء الاصطناعي؟

يُتوقع أن تلعب المملكة دوراً محورياً في مستقبل التقنية والذكاء الاصطناعي على المستويين الإقليمي والعالمي.
تظهر الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي رغبة السعودية في تحقيق تحول اقتصادي وتكنولوجي يتماشى مع رؤية 2030.
هذا التوجه لا يعزز فقط مكانة المملكة على الساحة الدولية كمركز تقني ناشئ، بل يساهم أيضاً في خلق فرص عمل جديدة، وتطوير الكفاءات المحلية، وتعزيز الابتكار في مختلف القطاعات.
ومع استمرار هذه الجهود، يُتوقع أن تلعب المملكة دوراً محورياً في مستقبل التقنية والذكاء الاصطناعي على المستويين الإقليمي والعالمي.
جهود سعودية
وتسعى المملكة من خلال رؤية 2030 إلى تنويع مصادر دخلها وتقليل الاعتماد على النفط، والاستثمارات الضخمة في قطاع التقنية والذكاء الاصطناعي تمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق هذا الهدف.
ويُتوقع أن يساهم قطاع الذكاء الاصطناعي بأكثر من 135.2 مليار دولار في الاقتصاد السعودي بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي يبلغ 31.1%.
وفي خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للتقنية والذكاء الاصطناعي، أعلنت المملكة عن جذب استثمارات بقيمة 14.9 مليار دولار خلال فعاليات مؤتمر “ليب 2025” التقني الدولي، الذي انطلق في العاصمة الرياض في فبراير الماضي.
كما ينتظر من هذه الاستثمارات خاصة في مجالات الحوسبة السحابية ومراكز البيانات، أن تسهم في تعزيز البنية التحتية الرقمية للمملكة، مما يجعلها أكثر جاهزية لاستقبال وتطوير التقنيات الحديثة.
وبحسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية فإن مدينة الرياض بصدد زيادة مراكز البيانات الخاصّة بها، بمعدل نموّ سنويّ مركب بنسبة 37% حتَّى 2027، ويفوق ذلك نسبة نمو 15% المتوقّعة عالمياً.
وتخطط السعودية أيضاً لإطلاق مشروع جديد للذكاء الاصطناعي بدعمٍ يصل إلى 100 مليار دولار؛ لتطوير مزيدٍ من مراكز البيانات.
وقال رئيس أبحاث مراكز البيانات في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة “لانج لاسال” دانييل ثورب للوكالة: “نشهد دفعة حقيقية صوب التحول الرقمي، وأنْ تصبح السعودية قوة رئيسة في مجال الذكاء الاصطناعي”.
وتمكنت السعودية من إبرام عدة شراكات عالمية في هذا القطاع أبرزها:
- شراكة بين “غروك” الأمريكية و”أرامكو ديجيتال” السعودية بقيمة 1.5 مليار دولار لتوسيع نطاق الحوسبة السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في المملكة.
- استثمارات بين شركة “آلات” السعودية و”لونوفو” الصينية بقيمة 2 مليار دولار لبناء مركز تصنيع وتقنية متقدم يعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في المملكة.
- استثمرت شركة “تينسنت كلاود” الصينية 150 مليون دولار لإطلاق أول منطقة سحابية لها في الشرق الأوسط من المملكة، مدعومة بقدرات الذكاء الاصطناعي لتعزيز البنية التحتية الرقمية.
ومع توسع الاستثمارات في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، ستزداد الحاجة إلى كفاءات محلية مدربة، مما سيدفع المؤسسات التعليمية والتدريبية إلى تطوير برامج تلبي احتياجات السوق.
كما ستعزز هذه الاستثمارات مكانة المملكة كمركز إقليمي للتقنية والابتكار، مما قد يفتح أبواباً جديدة للتعاون والشراكات الدولية.
مكانة عالمية
وتقود الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” وبدعم حكومي مستمر ومتواصل، التوجه الوطني السعودي للبيانات والذكاء الاصطناعي، بما يضمن الارتقاء بالمملكة إلى الريادة ضمن الاقتصادات القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي.
وبحسب دراسة أجراها المركز السعودي لاستطلاعات الرأي “سكوب” في سبتمبر الماضي، أن 49% من مجتمع المملكة يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما أظهرت نتائج الدراسة التي جاءت تحت عنوان “توجهات المجتمع السعودي في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي 2025″، أن 94% من المستخدمين يرون تأثيراً إيجابياً للذكاء الاصطناعي على حياتهم.
وتشير النتائج إلى أن الارتباط بالذكاء الاصطناعي يزيد بدرجة عالية، فقد صرح 73% من المجتمع السعودي أن استخدامهم الحالي قد زاد مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهذا الارتباط لم ينخفض إلا لدى 5%.
والعام الماضي، جاءت السعودية بالمرتبة الـ14عالمياً والأولى عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي المعتمد من منظمة الأمم المتحدة ممثلة بالهيئة الاستشارية للذكاء الاصطناعي، وذلك من بين 83 دولة في العالم.
وواصلت السعودية تصدرها للمركز الأول عالمياً في معيار الاستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي، وفقاً للمؤشر نفسه، في خطوة تؤكد أن المملكة هي الدولة الأسرع تقدماً في العالم في الذكاء الاصطناعي، وذلك بتقدمها 17 مرتبة ضمن المؤشر، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس)، الخميس.
وحققت السعودية في هذا المؤشر أيضاً المركز السابع عالمياً في معيار التجارة بالذكاء الاصطناعي؛ الأمر الذي يؤكد التزام المملكة في تبني وتطوير مجال الذكاء الاصطناعي والاستثمار في تقنياته وبناء القدرات الوطنية في هذا المجال.
ويُصنف المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، الذي أطلق عام 2019، مشهد الذكاء الاصطناعي عبر 7 مؤشرات رئيسة هي: الاستراتيجية الحكومية، والبيئة التشغيلية، والبنية التحتية، والأبحاث، والتطوير، والكفاءات، والتجارة، ويتفرع منها 122 معياراً تشارك فيه 83 دولة.