أمل العودة إلى الشمال.. النازحون في غزة بين الترقب والمعاناة

– تجمع النازحون بأعداد كبيرة في أقرب نقطة إلى حاجز “نيتساريم” الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه
– النازحون الفلسطينيون يترقبون بفارغ الصبر تراجع القوات الإسرائيلية من الحاجز والسماح لهم بالعودة
مع ساعات الفجر الأولى لليوم السبت، شهدت منطقة وادي غزة غرب مخيم النصيرات وسط القطاع تدفقاً لآلاف النازحين الفلسطينيين الذين يأملون العودة إلى شمال القطاع، ومدنهم ومنازلهم بعد حياة قاسية استمرت 15 شهراً، كانت مليئة بالمعاناة والحرمان من أدنى مقومات الحياة الكريمة.
تجمع النازحون بأعداد كبيرة غرب مخيم النصيرات، وهي المنطقة الأقرب إلى حاجز “نيتساريم”، الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه ووسطه.
ورغم مرور الوقت، لا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على المنطقة ولم يتم الانسحاب منها أو السماح للنازحين بالعودة إلى الشمال، كما تنص بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال.
وفقاً للاتفاق، فإن عودة النازحين المقدر عددهم بنحو 600 ألف شخص من الجنوب إلى الشمال ستكون مشياً على الأقدام عبر طريق الرشيد الساحلي، أو بواسطة المركبات عبر طريق صلاح الدين شرقاً، بعد الخضوع لإجراءات تفتيش من قبل قوة تابعة للوسطاء الدوليين.
وتعد عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله جزءاً من التفاهمات التي تضمنت أيضاً تسليم الأسرى الإسرائيليين من قبل المقاومة الفلسطينية.
تسليم الأسيرات
وفي هذا السياق، سلمت كتائب “القسام”، الذراع العسكري لحركة “حماس”، اليوم السبت، أربع أسيرات إسرائيليات للصليب الأحمر الدولي في مدينة غزة، ضمن عملية تبادل الأسرى في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وجاءت عملية التسليم في ميدان فلسطين وسط غزة، وشهدت انتشاراً مكثفاً لمقاتلي كتائب القسام، مما يعكس أهمية الحدث ودلالته السياسية والإنسانية.
كما أفرجت سلطات الاحتلال عن 200 أسير فلسطيني، من بينهم 121 محكوماً عليهم بالمؤبدات و79 آخرين ذوي أحكام عالية.
وفي تطور سلبي، أخل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأحد البنود الأساسية في اتفاق الهدنة، وهو السماح بعودة النازحين.
وأعلن ديوان نتنياهو: “لن نسمح بعودة سكان غزة إلى مناطق الشمال حتى يتم ترتيب الإفراج عن المحتجزة أربيل يهود”، مما أثار موجة من الغضب والإحباط بين النازحين الذين كانوا ينتظرون هذه اللحظة بفارغ الصبر.
ويهود أسيرة إسرائيلية لدى فصائل المقاومة الفلسطينية وكانت تتوقع “إسرائيل” الإفراج عنها اليوم السبت، لكن مصدر في حركة “حماس” أفاد لقناة “الجزيرة” بأن الحركة أبلغت الوسطاء أن هذه الأسيرة على قيد الحياة وسيتم الإفراج عنها السبت المقبل ضمن دفعة أخرى.
انتظار وشوق
بالقرب من وادي غزة، على الطريق الساحلي، يجلس النازح أحمد الديري برفقة زوجته وأطفاله، وهو يراقب الأفق بعيون مليئة بالأمل والترقب.
ويقول الديري في حديث لـ”الخليج أونلاين”: “نحن هنا منذ ساعات الفجر، ننتظر بفارغ الصبر الإعلان عن قرار العودة إلى شمال قطاع غزة، بعد أن عشنا في الخيمة جنوب القطاع أيام قاسية للغاية”.
وأضاف الديري والابتسامة ترتسم على وجهه: “هذا اليوم الذي أنتظره منذ أكثر من عام وثلاثة أشهر، كنت أعد الدقائق والأيام والشهور حتى أعود إلى منزلي في مدينة غزة، خاصة أن حياة النزوح كانت مليئة بالمشقة، ولكن الأمل في العودة كان دائماً يخفف من وطأتها”.
وخلال فترة نزوحه، عاش الديري وعائلته ظروفاً قاسية في خيمة صغيرة بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، واجهوا السيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة، والبرد القارس في الشتاء، والحر الشديد في الصيف.
وفقًا لبنود الاتفاق، سيضطر الديري والنازحون لعبور مسافة تقدر بحوالي 9 كيلومترات مشياً على الأقدام من منطقة وادي غزة إلى شمال القطاع، وبينما يدرك الجميع صعوبة الرحلة، إلا أن الشوق للعودة إلى المنازل وإعادة بناء حياتهم يعد الدافع الأكبر لتحمل هذه المعاناة.
إلى جانب الديري، ينتظر النازح أحمد ياسين السماح له وعائلته العودة لمنزله في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، بعد أن وصل من ساعات الصباح الأولى إلى وادي غزة غرب مخيم النصيرات.
ويقول ياسين في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “في ساعات الصباح كانت الفرحة تسيطر علينا، ولكن بعد تسليم الأسيرات الإسرائيليات، وعدم انسحاب جيش الاحتلال من شارع الرشيد والسماح لنا بالعودة أصبت بالإحباط والحزن”.
ويشدد ياسين على أنه لن يعود مرة أخرى لحياة النزوح في الخيمة وسط القطاع وسينتظر عند وادي غزة حتى يتم انتهاء الخلافات حول مسأة عودة النازحين إلى شمالي القطاع.
ويعد الديري وياسين، مثالًا حياً على معاناة النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث يوجد لكل واحد منهم أملًا لا ينطفئ في العودة إلى الديار، وانتهاء حياة النزوح القاسية.