أكثر من 66 ألف علامة تجارية.. كيف جذبت الإمارات الشركات الأمريكية؟

ما عدد الشركات الأمريكية العاملة في الإمارات؟
نحو 13 ألف شركة، وأكثر من 66 ألف علامة تجارية أمريكية.
ما قيمة الاتفاقيات المستقبلية بين واشنطن وأبو ظبي؟
نحو 1.6 تريليون دولار تشمل الطاقة والتكنولوجيا والطيران.
تشهد العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، تطوراً لافتاً مدفوعاً بتقارب استراتيجي ورؤية متبادلة لتعزيز التعاون في قطاعات المستقبل.
وتُترجم هذه العلاقة إلى شراكات واقعية في مجالات الاستثمار والتجارة والسياحة، ما يجعل الولايات المتحدة أحد أبرز شركاء الإمارات على الصعيدين التجاري والاستثماري.
كما تُعدّ العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وأبوظبي نموذجاً متقدماً في التعاون الدولي، قائماً على الانفتاح وتكامل الرؤى في القطاعات الحيوية.
شراكة متنامية
وتؤكد البيانات الرسمية هذا الزخم، إذ بلغ عدد الشركات الأمريكية العاملة في الدولة نحو 13 ألف شركة، وسُجلت أكثر من 66 ألف علامة تجارية أمريكية حتى نهاية عام 2024.
وفي الاتجاه المقابل، تعمل أكثر من 115 شركة إماراتية في السوق الأمريكية، في مجالات تشمل الرعاية الصحية، التجارة الإلكترونية، الطيران، السياحة، الضيافة، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي.
وحول ذلك قال وزير الاقتصاد، عبدالله بن طوق المري، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات (وام)، في 16 مايو الجاري، إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشهد نمواً متواصلاً في المجالات والأنشطة المختلفة.
وأضاف المري، “نحن حريصون على مواصلة العمل مع شركائنا في الحكومة الأمريكية والقطاع الخاص، لتوفير المزيد من الفرص والممكنات في هذه القطاعات الحيوية لمجتمعي الأعمال الإماراتي والأمريكي”.
كما أشار إلى أهمية القطاع السياحي في دعم هذا التعاون، موضحاً أن المنشآت الفندقية في الدولة قرابة 980 ألفاً و200 نزيل من الجنسية الأمريكية خلال عام 2024، بنسبة نمو بلغت 5.4% مقارنةً بعام 2023.
كما أوضح أن عدد الرحلات الجوية بين الدولتين وصل إلى 112 رحلة أسبوعياً، وهو ما يؤكد الزيادة المستمرة في الأنشطة والمجالات السياحية بين البلدين.
مركز إقليمي للاقتصاد
يقول الخبير الاقتصادي جلال بكار إن الشركات الأمريكية تنظر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كشريك استراتيجي، ليس فقط على صعيد المكاسب الاقتصادية، بل أيضاً على صعيد الثقل الإقليمي والدولي المتواجد على الساحة موضحاً في حديثه مع “الخليج أونلاين”:
-
الإمارات، وقطر، والسعودية، تُعتبر اليوم شركاء استراتيجيين للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، مما يصب في مصلحة الاقتصاد الأمريكي ويخلق نقاطاً دبلوماسية وسياسية واقتصادية من خلال هذه الاتفاقيات.
-
السوق المستهدف لا يقتصر على سوق الإمارات وحدها، بل يمتد ليشمل منطقة الشرق الأوسط بأسرها انطلاقاً من الإمارات.
-
المكتب الإقليمي للمنطقة يمكن أن يبدأ في الإمارات وينتشر في دول الخليج، لأن الإمارات تتمتع بسمعة استراتيجية على صعيد الاقتصاد الاحترافي والداعم للاقتصادات الناشئة والمتقدمة.
-
هذا يشكل فرصة جيدة للاقتصاد الأمريكي للدخول في أسواق الخليج.
-
يمكن أن تكون الإمارات صمام أمان اقتصادي، يُضاف إلى الخطط البديلة للاقتصاد الأمريكي في حال حصول أي مشكلات جيوسياسية.
نقلة نوعية
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والولايات المتحدة نقلة نوعية بعد توقيع حزمة من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية غير المسبوقة، بقيمة إجمالية تجاوزت 1.6 تريليون دولار.
هذه الاتفاقيات، التي جاءت على هامش زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الإمارات، في 15 مايو الجاري، لتمثل مرحلة جديدة من الشراكة تمتد إلى قطاعات استراتيجية تمثل عصب الاقتصاد المستقبلي، مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة، والتصنيع، والطيران، والتعليم التكنولوجي.
ووفقاً لمركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية”، تتضمن أبرز مخرجات الاتفاقيات التزام دولة الإمارات بضخ 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال العقد المقبل، بمعدل 140 مليار دولار سنوياً، تستهدف مجالات التكنولوجيا المتقدمة وأشباه الموصلات والطاقة والذكاء الاصطناعي.
ووُصفت هذه الخطوة بأنها استثمار طويل الأمد في مستقبل الاقتصاد الرقمي والمعرفي، يعزز من تنافسية الإمارات ويخدم هدفها في نقل التكنولوجيا وبناء كفاءات وطنية متقدمة.
وفي قطاع الطاقة، وقّعت الإمارات اتفاقاً مع الولايات المتحدة لاستثمار 440 مليار دولار حتى عام 2035، يتم تخصيصها لتوسعة مشاريع النفط والغاز وتطوير مصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر والطاقة النووية السلمية، وذلك بحسب بيانات شركة “أدنوك”.
وفي مجال الذكاء الاصطناعي، ذكرت صحيفة “الإمارات اليوم”، توقيع اتفاقية تسمح للإمارات باستيراد 500 ألف شريحة متقدمة سنوياً من شركة “Nvidia” الأمريكية، ما يعزز قدراتها في مجالات الحوسبة المتقدمة والذكاء الصناعي.
وتشير الصحيفة إلى أن البيانات التجارية تعكس حجم النمو المتسارع في الشراكة الاقتصادية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري في السلع بين الإمارات والولايات المتحدة خلال الربع الأول من 2025 نحو 8.82 مليار دولار، منها 6.83 مليار دولار صادرات أمريكية إلى الإمارات، و1.99 مليار دولار واردات أمريكية من السوق الإماراتية.
كما تجاوزت قيمة التجارة غير النفطية بين البلدين خلال عام 2024 حاجز 34.4 مليار دولار، بنمو ملحوظ في الصادرات الإماراتية بنسبة 12.9%، والواردات بنسبة 8.5%، مقارنةً بعام 2023، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد الإماراتية.
وأكد “إنترريجونال” أن هذه الاتفاقيات تُعزّز من موقع الإمارات كمركز إقليمي رئيسي في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة، وتمنحها قدرة مباشرة للوصول إلى أحدث التقنيات العالمية، في ظل تحولات اقتصادية وجيوسياسية متسارعة، ما يدعم أمنها الاقتصادي على المدى البعيد.