أبرزها سجن صيدنايا.. فظائع لنظام الأسد أوقفها “التحرير”
لماذا يُعتبر سجن صيدنايا رمزاً للرعب بسوريا؟
لأنه شهد فظائع من التعذيب والإعدامات.
ما عدد المعتقلين في السجون السورية؟
أكثر من 120 ألف، بينهم 100 ألف مفقود.
شهدت سوريا تحت حكم نظام بشار الأسد واحدة من أكثر الفصول دموية في تاريخ حقوق الإنسان، فبين الاعتقال التعسفي والتعذيب الممنهج، تحوّلت السجون، وعلى رأسها سجن صيدنايا، إلى رموز للرعب والمعاناة الإنسانية.
ووفقاً لتقارير منظمات حقوقية وشهادات ناجين، ارتُكبت في هذه السجون جرائم عديدة ضد الإنسانية، بما في ذلك الإعدامات الجماعية والتعذيب الجسدي والنفسي، حيث وصفت منظمة العفو الدولية سجن صيدنايا بأنه “مسلخ بشري”.
“السجن الأحمر”
يقع سجن صيدنايا بالقرب من دمشق، وكان يدار من قبل الأجهزة الأمنية للنظام السوري، فيما يُعرف بأنه مركز للاعتقال السياسي، حيث احتُجز فيه معارضون سياسيون، ونشطاء حقوق الإنسان، ومواطنون عاديون تم اعتقالهم دون تهم واضحة.
وتتضمن أساليب التعذيب السلق بالمياه الساخنة، الصعق بالكهرباء، نزع الأظافر، التجويع، والاحتجاز مع جثث الموتى وغيرها، كما وُثقت حالات اغتصاب ممنهج وحرمان من الرعاية الطبية.
وبعد أيام من البحث أعلن الدفاع المدني السوري فجر الثلاثاء 10 ديسمبر، انتهاء البحث عن معتقلين محتملين في سجن صيدنايا بريف دمشق دون العثور على أي زنازين أو سراديب سرية لم تفتح بعد.
وكشف المرصد السوري لحقوق الانسان، بأن نحو 20 ألف معتقل خرجوا من السجون حتى الآن، لكنّ مصير أكثر من 100 ألف سجين لا يزال مجهولاً وسط ترجيحات بوجودهم في معتقلات سرية.
يُعدّ سجن صيدنايا، المعروف بلقب “السجن الأحمر”، من أكثر السجون العسكرية غموضاً وتحصيناً في سوريا خلال عهدَي حافظ الأسد وابنه بشار.
واكتسب هذا السجن سمعة مروعة بسبب تقارير حقوقية تشير إلى ممارسات وحشية تضمنت عمليات قتل وتعذيب منهجي.
وبحسب تحقيق أجرته رابطة “معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، وهي منظمة حقوقية مقرها تركيا، تم توثيق تنفيذ إعدامات دورية مرتين أسبوعياً، حيث يُنقل المعتقلون من زنازينهم مساءً ليُعدموا شنقاً في غرف مخصصة أو عبر التعذيب في اليوم التالي.
ووصفت منظمة العفو الدولية هذا السجن بـ”المسلخ البشري”، مشيرةً إلى أن الدولة السورية استخدمته كأداة للقضاء على المعارضين بهدوء.
ويتكون السجن من مبنيين رئيسيين: المبنى الأحمر، الذي خصص للمعتقلين السياسيين والمعارضين، والمبنى الأبيض، الذي أودع فيه السجناء الجنائيون والعسكريون المدانون بجرائم فساد أو سرقة.
وبعد الساعات الأولى لتحرير السجن، وجد الثوار أنفسهم أمام تحديات تقنية كبيرة لفك شيفرات الأقفال الإلكترونية والبوابات السرية التي يُعتقد أنها تؤدي إلى سراديب تضم آلاف المعتقلين.
ووسط هذه المحاولات، ظهرت نداءات من ناشطين تطلب الدعم من منظمات أو خبراء دوليين لفك الشيفرات قبل فوات الأوان.
وقد رُصدت مكافآت مالية سخية، وصلت إحداها إلى 100 ألف دولار، لتحفيز من يمتلك معلومات حول فتح الزنازين.
في الوقت نفسه، قدّم المتبرعون ضمانات أمنية للسجانين السابقين مقابل تسليم الشيفرات، فيما تظل هذه الأحداث شاهدة على وحشية النظام السوري وانعكاساً للمأساة الإنسانية التي شهدها المعتقلون، ويستمر السعي لإطلاق سراح بقية المحتجزين الذين يُعتقد أنهم في مستويات أعمق من السجن.
كشف بشاعة النظام
ويقول عبد الوهاب عاصي، الباحث في مركز جسور للدراسات، إن انتهاكات سجن صيدنايا وثقت همجية نظام الأسد للمجتمع المحلي والدولي، بعدما كانت مكشوفة دون توثيق عبر التحقيقات والمعلومات الاستخباراتية لدى الدول.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” بأن “الانتهاكات تعيد للذاكرة الجرائم التي كانت ترتكب في العصور الوسطى بل أكثر وحشية، فلا غوانتانامو ولا بوكر ولا أي معتقل موصوم وصل لدرجة ما قام به النظام من انتهاكات بحق المساجين”.
وأوضح عاصي أن سجن صيدنايا “يكشف احتمال قيام نظام الأسد بتأجير مهاجع (قاعات) سرية لأطراف غير سورية، من أجل التحقيق معهم بعيداً عن الملاحقة في مجتمعاتهم.
ويعتقد الباحث السوري أن ملف انتهاكات السجون في سوريا سيفتح المجال لتعزيز ملف مساءلة النظام ومحاسبته وجميع أركانه داخلياً وخارجياً.
ويحذر من عدم تطبيق العدالة الانتقالية في هذه الانتهاكات، بما يكفل محاسبة المجرمين وجبر الضرر وتقديم التعويضات لذوي ضحايا الانتهاكات.
وأكد عاصي بأن إهمال هذا الملف سيقوض أي مسار للسلم الأهلي، ويدفع للفوضى والانتقامات الفردية بعيداً عن سلطة الدولة، مما يجعل الوصول للمصالحة الوطنية بعيداً.
جرائم فظيعة
في ظل وجود عدد كبير من المنظمات الدولية والحقوقية التي ترفع شعارات الحرية والعدالة والديمقراطية، يظل واقع حقوق الإنسان في كثير من الدول بعيداً عن هذه المبادئ، وسوريا تحت حكم بشار الأسد تُعدّ مثالاً صارخاً لتفاقم هذه الانتهاكات.
نظام بشار، الذي استمر لنحو 25 عاماً بعد فترة حكم والده حافظ الأسد التي استمرت عقوداً، وضع سوريا في مقدمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج، سواء من خلال قمع الحريات أو حتى حرمان الشعب من أبسط حقوقه، وهو الحق في الحياة.
أحداث مأساوية عدة تلخص فظائع النظام، أبرزها مجزرة حماة عام 1982 في عهد حافظ الأسد، حيث قُتل آلاف المدنيين خلال حملة عسكرية ضد المدينة بحجة قمع تمرد جماعة الإخوان المسلمين، تاركةً وراءها عشرات الآلاف من القتلى والمفقودين وفق تقديرات حقوقية.
أما بشار الأسد، فقد سار على النهج ذاته، وحوّل مطالب الاحتجاجات الشعبية في 2011 ضمن موجة الربيع العربي إلى مآسٍ مستمرة من القمع، حيث أودت أعمال العنف بحياة مئات الآلاف وشردت الملايين داخل البلاد وخارجها.
التعذيب والسجن ظلا أداة أساسية للنظام في قمع أي صوت معارض، حتى أن كتابة أطفال لعبارات مثل “الشعب يريد إسقاط النظام” كانت كفيلة بتعريضهم للاعتقال والتعذيب، مما أشعل جذوة الثورة التي سرعان ما تحولت إلى صراع مسلح كاد أن يسقط النظام لولا التدخل الخارجي.
وتلقى الأسد دعماً من إيران، وحزب الله اللبناني، ومليشيات عراقية وأفغانية، بالإضافة إلى تدخل روسي حاسم.
وخلال الحرب، لم يتردد النظام في استخدام أساليب قمع شنيعة وصلت إلى حد الإبادة الجماعية عبر الأسلحة الكيميائية، كما حدث في الغوطة الشرقية عام 2013.
أصبحت السجون في سوريا رمزاً للرعب، حيث تشير التقارير إلى وجود مئات الآلاف من المعتقلين يتعرضون لتعذيب وحشي، وصفتها منظمات حقوقية بأنها مسالخ بشرية.
رغم بشاعة مقاطع الفيديو التي توثق هذه الفظائع، لكنها لم تلقَ سوى الإدانات الدولية المعتادة، دون أي إجراءات ملموسة توقف هذه الانتهاكات.