الاخبار

آخرها “أبوظبي نافال”.. نقلة نوعية بصناعة السفن البحرية في الخليج

ما هو هدف مشروع “أبوظبي نافال”؟

تعزيز التصنيع المحلي للسفن الحربية المتطورة في الإمارات.

ما الأهداف الاستراتيجية لدول الخليج في تعزيز صناعة السفن؟

تطوير قدراتها البحرية، وتعزيز الأمن البحري في المنطقة.

تشهد صناعة السفن في دول مجلس التعاون الخليجي تطوراً ملحوظاً يعكس التوجه الاستراتيجي لهذه الدول نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف مجالات التصنيع البحري.

ومع تطور التكنولوجيا واستخدام الأنظمة المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتكامل مع الطائرات المسيرة، تتسارع الخطوات نحو بناء أساطيل بحرية حديثة ومرافق صناعية متطورة.

وتسعى دول الخليج إلى تعزيز قدرتها على تصنيع السفن المتطورة محلياً من خلال شراكات استراتيجية مع شركات عالمية، وكذلك من خلال تطوير الكوادر البشرية المحلية وتوطين التكنولوجيا، لتصبح مركزاً رائداً بصناعة السفن في الشرق الأوسط والعالم.

الإمارات.. نقلة نوعية

وفي خطوة تعكس طموح الإمارات في تطوير قدراتها البحرية، أعلنت مجموعة “إيدج” عن شراكة استراتيجية مع شركة “سي إم إن نافال” الفرنسية لإطلاق مشروع “أبوظبي نافال”، لتعزيز التصنيع المحلي للسفن الحربية المتطورة.

ويهدف المشروع الذي جرى الكشف عنه في 20 مارس الجاري، إلى إنتاج سفن قتالية تشمل الكورفيت وسفن الدوريات البحرية والاعتراضية، مع التركيز على حماية المياه الإقليمية وتنفيذ مهام الأمن البحري، كما يدعم المشروع استراتيجية الإمارات لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية، من خلال توطين التكنولوجيا ونقل المعرفة.

وسيتضمن المشروع إنشاء مكتب تصميم متطور في أبوظبي، مسؤول عن تطوير التصاميم المستقبلية للسفن الحربية بملكية فكرية إماراتية، لضمان استقلالية الإنتاج والتطوير، وستتميز السفن المصنعة بتكامل أنظمة قتالية حديثة، تشمل الذكاء الاصطناعي، والدفاع الإلكتروني، والتكامل مع الطائرات المسيرة.

وبفضل التعاون مع “سي إم إن نافال” ستستفيد “أبوظبي نافال” من الخبرة الأوروبية المتقدمة وشبكة التوريد العالمية، مما يسرّع عمليات الإنتاج والتطوير.

ويمثل المشروع نقلة نوعية للصناعات البحرية في الإمارات، حيث يعزز مكانة أبوظبي كمركز إقليمي لصناعة السفن الحربية، ويوفر فرص عمل في الهندسة البحرية والتصنيع العسكري.

وكانت شركة أبوظبي لبناء السفن، التابعة لـ”إيدج”، قد أطلقت في فبراير الماضي، سفينة “170 إم- ديتيكتور” المتطورة لمكافحة الألغام البحرية، في خطوة جديدة نحو الريادة في المجال.

السعودية.. خطط طموحة

تواصل المملكة العربية السعودية خطاها الطموحة لتعزيز قطاع بناء السفن من خلال شراكات استراتيجية ومشاريع ضخمة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوطين الصناعات البحرية.

وفي هذا السياق، أعلنت شركة بناء السفن الإيطالية “فينكانتييري” في مايو الماضي، عن خطتها لتوسيع نطاق تعاونها مع المملكة عبر وحدتها الجديدة “فينكانتييري أرابيا”، التي ستدعم رؤية السعودية 2030 في مجالات الرحلات البحرية والصناعات الدفاعية والخدمات البحرية.

يأتي هذا التوجه في إطار سعي المملكة إلى جذب الشركات العالمية الرائدة في بناء السفن والاستفادة من الخبرات الدولية لتطوير قدراتها المحلية في هذا القطاع الحيوي.

وقال الرئيس التنفيذي لبرنامج تطوير الصناعة والخدمات اللوجستية “ندلب”، سليمان المزروع، خلال مقابلة مع قناة “الشرق بلومبيرغ” في يوليو 2024: “نتوقع أن نشهد بداية صناعة سفن من أكبر مستوى بالشراكة مع هيونداي والبحري وأرامكو، وهذه ستكون من أهم ملامح 2024 لبرنامج ندلب”.

وتشهد المملكة طفرة نوعية في هذا المجال من خلال إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير، شمال الجبيل، والذي يعد الأكبر من نوعه في المنطقة بمساحة تصل إلى 12 مليون متر مربع.

ويهدف المجمع إلى استقطاب أكبر اللاعبين في صناعة بناء السفن ونقل البضائع، مما يعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للصناعات البحرية.

وقد أنشئت أربع شركات قابضة مشتركة لإدارة العمليات قبل الافتتاح الرسمي لحوض بناء السفن، وتشمل الصناعات البحرية الدولية (IMI)، التي تملكها “أرامكو” بالشراكة مع “لامبريل”، و”البحري”، و”هيونداي للصناعات الثقيلة”.

وتقدم المنطقة الاقتصادية الخاصة التي تحتضن المجمع العديد من الحوافز الاستثمارية لجذب الشركات العالمية، من بينها ضريبة دخل الشركات بنسبة 5% لمدة تصل إلى 20 عاماً، وتأجيل الرسوم الجمركية بنسبة 0% على البضائع داخل المنطقة، مع إعفاءات ضريبية على الأرباح المعاد توجيهها للخارج.

وتشمل الامتيازات أيضاً ضريبة قيمة مضافة بنسبة 0% على السلع المتبادلة داخل المناطق الاقتصادية الخاصة، مما يعزز جاذبية المجمع للشركات العالمية الراغبة في الاستثمار في قطاع بناء السفن السعودي.

1

قطر.. مراكز بحرية متقدمة

وتُعد قطر من الدول الرائدة في مجال بناء وإصلاح السفن في المنطقة، حيث تمتلك منشآت بحرية متطورة تلعب دوراً محورياً في دعم قطاعي النقل البحري والصناعات البحرية.

ومن أبرز هذه المنشآت شركة “أحواض قطر للحلول التقنية”، التي تدير أنشطة إصلاح السفن والإنشاءات البحرية في حوض أرحمة بن جابر الجلاهمة والتي تأسست عام 2010، ومنذ ذلك الحين أصبحت منشأة رئيسية في قطاع البناء البحري.

وتقدم “أحواض قطر” مجموعة واسعة من الخدمات تشمل إصلاح وصيانة السفن، وتحويل وبناء الهياكل البحرية والمنشآت البرية والبحرية، ويقع الحوض في مدينة رأس لفان الصناعية، مما يمنحه موقعاً استراتيجياً يتيح له خدمة السفن والمنشآت البحرية بكفاءة عالية، ويوفر بيئة مثالية لتقديم حلول متكاملة في قطاع الهندسة البحرية.

إلى جانب ذلك، يُعد حوض “ملاحة” لإصلاح وتصنيع السفن، الذي تأسس عام 1978، من أبرز المرافق البحرية في قطر، حيث يقدم خدمات متكاملة لصيانة وتصنيع السفن، مع التركيز على تلبية احتياجات ملاك السفن المحليين والدوليين، ومتعهدي الهندسة والشراء والبناء.

ويتميز الحوض بموقع استراتيجي في مدينة مسيعيد الصناعية، بالقرب من ميناء حمد، وهو ما يسهل الوصول إليه من قبل العملاء المحليين والدوليين، ويوفر الحوض بنية تحتية متطورة.

وتعكس هذه المنشآت البحرية المتقدمة التزام قطر بتطوير بنيتها التحتية البحرية وتعزيز قدراتها في بناء وإصلاح السفن، بما يساهم في دعم الصناعات البحرية الإقليمية والدولية.

وفي الكويت تتولى شركة الصناعات الهندسية الثقيلة وبناء السفن، مهمة صناعة وإصلاح السفن والقيام بالأعمال البحرية بأنواعها كافة.

وتجدر الإشارة إلى أن صناعة السفن التقليدية في دول مجلس التعاون الخليجي تعدّ جزءاً مهماً من تراثها البحري، خاصة في عُمان والبحرين، فما تزال هذه الدول تهتم ببناء وصيانة القوارب التقليدية، خاصة للاستخدامات السياحية والتراثية.​

رؤى استراتيجية

يشهد القطاع البحري في دول الخليج العربي تطورات متسارعة، مدفوعة برؤى استراتيجية تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية وتنويع مصادر الدخل.

وحول تعاون الإمارات مع شركة “نافال” العالمية المتخصصة في الصناعات العسكرية البحرية، يقول أستاذ العلوم السياسية، د. أسعد كاظم شبيب، إنه يأتي في إطار سعيها المستمر لتطوير قدراتها الدفاعية والبنية التحتية البحرية.

ويوضح لـ”الخليج أونلاين” أن الإمارات تسعى من خلال هذه الشراكة إلى الاستفادة من خبرات “نافال” في تطوير أسطولها البحري، لمواجهة التحديات والتهديدات المحتملة، وتعزيز حضورها العسكري في المنطقة.

وأضاف شبيب أن مشروع “أبوظبي نافال” سيعزز من قدرة الإمارات العسكرية، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد بالأمن البحري في منطقة الخليج.

ويشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن هناك تحديات قد تواجه تطوير الأساطيل البحرية لدول الخليج، أبرزها تتمثل في البنى التحتية ومدى التوافق بين الأساطيل وطبيعة الامتدادات البحرية للدول الخليجية.

ويؤكد شبيب على الفوائد الاستراتيجية الكبيرة للتعاون وتعزيز الأساطيل البحرية الخليجية، مثل تعزيز التنمية التجارية وتوسيع قنوات التواصل بين الخليج ودول العالم.

وشدد على أهمية الدور الذي تلعبه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير الصناعات البحرية، مشيراً إلى إمكانية توظيفها لتعزيز القدرات الدفاعية لدول الخليج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى