وسط تنديد خليجي ودولي.. عواقب خطيرة لحظر “إسرائيل” أنشطة “أونروا”
ماذا ينص قرار الكنيست الإسرائيلي بشأن “أونروا”؟
حظر أي تمثيل أو نشاط للأونروا داخل الأراضي المحلتة.
بماذا وصفت الدول قرار الكنيست الإسرائيلي؟
سابقة خطيرة وتطور مفزع في حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
منذ أكثر من سبعين عاماً، تأسست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “أونروا” كاستجابة إنسانية لاحتياجاتهم.
وعلى مدار العقود، أصبحت “الأونروا” رمزاً للدعم الدولي لحقوق اللاجئين الفلسطينيين، حيث تقدم خدمات الصحة والتعليم والغذاء للملايين في الأراضي المحتلة.
مع ذلك، تواجه “أونروا” اليوم تحديات غير مسبوقة بعد أن اتخذت “إسرائيل” قراراً يقضي بحظر أنشطتها، مما أثار موجة من الاستنكار الدولي والخليجي وفتح المجال لأسئلة حول تأثير ذلك على مستقبل ملايين الفلسطينيين الذين يعتمدون على دعمها.
حظر أنشطة الأونروا
تحت وطأة انتقادات دولية واسعة، تواجه “إسرائيل” عواقب سياسية وإنسانية كبيرة نتيجة الخطوات التشريعية التي تسعى من خلالها إلى حظر أنشطة وكالة “أونروا”.
وقد صادق “الكنيست” الإسرائيلي، في جلسته بتاريخ 28 أكتوبر الجاري، على القانون الذي يحظر أنشطة الوكالة داخل حدود “إسرائيل”، بتمريره في القراءتين الثانية والثالثة.
وجاء هذا القرار بالرغم من التحذيرات الدولية والأممية التي نبهت إلى خطورته وتعارضه مع المعاهدات والمواثيق الدولية.
وزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن بعض موظفي “الأونروا” متورطون فيما وصفه بأنها “أنشطة إرهابية” موجهة ضد “إسرائيل”، مما يتطلب محاسبتهم قانونياً، حسب قوله.
وأشار بيان صادر عن “الكنيست” إلى أن مشروع القانون، الذي تقدم به النائب بوعز بيسموت، يمثل خطوة غير مسبوقة تهدف إلى وقف أنشطة الأونروا في “إسرائيل” بشكل كامل، وبهذا القرار أصبح جزءاً من قوانين الدولة.
وينص القانون الجديد على حظر أي تمثيل أو نشاط للأونروا داخل “إسرائيل”، بما في ذلك منع الوكالة من تقديم أي خدمات مباشرة أو غير مباشرة في الأراضي المحتلة.
بدورها، نددت “الأونروا” بشدة بما وصفته بالتصعيد التاريخي وغير المسبوق ضد عمل وكالات الأمم المتحدة، مؤكدةً أن القانون يمثل سابقة خطيرة تؤثر على مسار دعم اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم الأساسية.
آخر شريان للحياة
ويقول الناشط الفلسطيني أنس الحاج، إن جزءاً كبيراً من حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” على قطاع غزة تتمثل في قرار حظر “الأونروا”، إذ يؤكد القرار بأن الحرب ليست ضد المقاومة، وإنما تستهدف الإنسان الفلسطيني، وأبسط حقوقه في العيش.
وأضاف الحاج لـ”الخليج أونلاين” أن تشريع الكنيست “الإسرائيلي” حظر نشاطات الوكالة له دلالات كثيرة، وهو سابقة خطرة؛ لأن “إسرائيل” تخطت كل الخطوط الحمراء مخالفة كافة القوانين والأعراف الدولية.
ووصف الناشط الفلسطيني قرار حظر الوكالة بأنه “قرار فاشي، ووصمة عار في جبين المجتمع الدولي، إذ يؤكد القرار بأن المجتمع الدولي قد سقط في هذه الحرب منذ السابع من أكتوبر”.
وحول تداعيات القرار على عمل الوكالة، يبيّن أن له تأثير مباشر على اللاجئ الفلسطيني في مختلف القطاعات التعليمية والخدمية، كما أن إعمار قطاع غزة بعد الحرب سيكون عملية معقدة في ظل غياب المؤسسة الدولية.
ويلفت الحاج إلى أن “إسرائيل” أغلقت -بهذا القرار- آخر شريان للحياة بالنسبة لملايين الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته وسعت الفجوة العدائية ضدها، إذ سيطالها سخط اللاجئين الفلسطينيين، متسائلاً: “هل مازال أحد غير متأكد بأن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة وعلى فلسطين هي حرب إبادة؟”.
ويردف: “استهداف إسرائيل للأونروا لم يكن الأول، بل كانت هناك استهدافات صارخة ضد الوكالة منذ نشأتها في فترة الأربعينيات، لكن في الماضي كان يقابلها انتقادات دولية وإقليمية تجبر الكيان بالتراجع عن هذه الانتهاكات والاستهدافات”.
وأكد الحاج بأن هذا الاستهداف “قوي وشرس جداً، حيث حظر الاحتلال نشاط المؤسسة وحظر التعامل مع شخوصها، كما لجأ إلى تشويه سمعة الأونروا وترديد اتهامات كاذبة ضدها، لتبرير قرارها المجرم”.
تنديدات دولية وعربية وفلسطينية
شهدت الساحة الدولية والعربية موجة واسعة من الإدانات عقب موافقة الكنيست الإسرائيلي على تشريع يحظر نشاط “الأونروا” في “إسرائيل”، وسط تحذيرات من تداعيات هذا القانون على الأوضاع الإنسانية لملايين الفلسطينيين.
وأعربت السعودية وقطر والإمارات والكويت، عن إدانتها لإقدام الكنيست الإسرائيلي على حظر “الأونروا”، وعدته المملكة “انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ومساساً مباشراً بقواعد الشرعية الدولية، في ظل الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق”.
كما عدته قطر “تطوراً مفزعاً في حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال على الشعب الفلسطيني الأعزل، واستكمالاً لحلقات استهدافه الممنهج للوكالة الأممية وأنشطتها الإنسانية الحيوية”.
وقالت الإمارات إن القرار “يتعارض مع بنود ميثاق الأمم المتحدة والأعراف الدولية، وسيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الحرج والمتدهور”.
ووصفته الكويت بأنه “جزء من سلسلة انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي الصارخة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، والقرارات الدولية، وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن”.
بيانات الإدانة شملت كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، حيث أعربوا عن “قلقهم العميق” من تنفيذه القرار.
ونددت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وإيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا، في بيان مشترك، بتشريعات الكنيست، ووصفت وزارة الخارجية السلوفينية هذه الخطوة بأنها “سابقة خطيرة”.
وأعربت حركة حماس عن رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لموافقة الكنيست الإسرائيلي، واعتبرته “يمثل خطوة إضافية في مساعي الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية وحرمان اللاجئين من حقهم المشروع في العودة إلى ديارهم التي أُجبروا على مغادرتها”.
أما حركة الجهاد الإسلامي، فقد وصفت هذا القانون بأنه “استمرار لسياسات الإبادة التي ينتهجها الاحتلال وتأكيد على نهجه الإجرامي ضد الشعب الفلسطيني”.
من جانبها، رحّبت وزارة الخارجية الفلسطينية بمواقف الدول التي أكدت رفضها لقرار الكنيست، وأعلنت عن حراك دبلوماسي مكثف لمواجهة القرار الإسرائيلي.