الاخبار

هل قتل ترامب فرص التطبيع العربي بنوايا تهجير الفلسطينيين من غزة؟

واجهت خطة ترامب الجديدة رفضاً فلسطينياً وعربياً ودوليا وتأكيد على التمسك بإقامة دولة فلسطينية

بعد 5 سنوات من طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ما عُرف إعلامياً بـ”صفقة القرن” في أواخر ولايته الأولى، لتطبيع سياسي واقتصادي إسرائيلي عربي مقابل دولة فلسطينية رمزية منزوعة السلاح لا علاقة لها بالقدس، عاد ليطرح خطة جديدة بأول فترته الثانية، بالسيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه.

وتعد اتفاقات أبراهام للتطبيع من أبرز التحولات الدبلوماسية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، إذ مهدت الطريق لتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وعدد من الدول العربية، فيما تأمل بأن تدخل في علاقات مع دول عربية أخرى بينها “السعودية” التي ترفض أي خطوة في هذا المسار دون “دولة فلسطينية مستقلة”.

ومع إعلان ترامب عن خطته بشأن غزة وتهجير سكانها وسط ترحيب إسرائيلي، واجهت الخطة الجديدة رفضاً فلسطينياً ومواقف عربية من بينها سعودية مصرية أردنية وغربية، للتهجير والتمسك بإقامة دولة فلسطينية، فهل قتل ترامب فرص التطبيع العربي بنوايا التهجير في غزة أم أن هناك متغيرات أخرى؟

رفض وهجوم

في مؤتمره الصحفي مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن الرئيس الأمريكي مطلع فبراير الجاري، اعتزام بلاده السيطرة على قطاع غزة، مع إشراف الإدارة الأمريكية على عملية إعادة الإعمار مع النظر في سيادة “إسرائيل” على الضفة الغربية.

هذه التصريحات التي جاءت بعد أيام من قوله إنه سيتم نقل سكان القطاع إلى الأردن ومصر، أحدثت ضجة عربية واسعة، تصدرتها السعودية التي قالت خارجيتها إن موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية “راسخ وثابت وليس محل تفاوض أو مزايدات”، وأنها لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك.

وحول شرط السعودية بإقامة دولة فلسطينية قبل التطبيع رد نتنياهو في حوار مع قناة 14 الإسرائيلية بالقول: “لا مانع لدي بإقامة الدولة الفلسطينية في السعودية، لديهم مناطق شاسعة”.

فيما أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن بلاده “ستكون على استعداد لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم ذاته الذي تكون فيه دولة فلسطينية كاملة السيادة”.

تحذير سعودي

ويحذر الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، الرئيس الأمريكي من ردّ فعل الرياض من تصريحاته حول “التطهير العرقي” بغزة في حال قدم لزيارة المملكة، مؤكداً أنه سيتلقى تحذيراً واضحاً.

وفي ظهور له بقناة “سي إن إن” الأمريكية، شدد على أنه “من الخيال أن نعتقد أن التطهير العرقي في القرن الحادي والعشرين يمكن أن يتسامح معه مجتمع عالمي”، مؤكداً أن “المشكلة في فلسطين ليست الفلسطينيين بل هي الاحتلال الإسرائيلي”.

وفي رد على ما إذا كان يرى أن تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل قد يحدث بعد خطة ترامب أجاب: “لا على الإطلاق”.

وكان الفيصل وجه، في مقال بصحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية رسالة إلى ترامب قائلاً له إن “الشعب الفلسطيني ليس مهاجراً غير شرعي ليتم ترحيله إلى أراض أخرى”. 

مخاطر كبيرة

ويرى دانيل ليفي، رئيس مشروع مركز أبحاث الشرق الأوسط الأمريكي، في مقابلة مع “سي إن إن”، أن المحاولات الأمريكية والتصريحات بشأن فلسطين وغزة “قد يدفع بعض هذه الدول الحليفة أو الدول الحليفة المفترضة إلى دول مقاومة في الخطوط الأمامية”، معتبراً هذا الأمر “خطيراً بالنسبة لإسرائيل أيضاً”.

وأضاف: “لذا، إذا كانت أمريكا تعتقد أن هؤلاء العرب الخليجيين سوف يدفعون لمتعاقدين من القطاع الخاص للقتال ضد حماس لطرد الفلسطينيين وإعادة بناء غزة فهذه عنصرية وتظهر الازدراء الذي يعاملون به هؤلاء الناس، ولا أعتقد أن هذا سيحدث”.

وتابع: “يجب على شخص ما أن يدفع الثمن أيضاً، لقد سمعنا للتو رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل، ووصف تصريحات ترامب بأنها خطة تطهير عرقي جنونية. ورأينا ولي العهد محمد بن سلمان يشير إلى ما فعلته إسرائيل في غزة باعتباره إبادة جماعية”.

وحالياً لا يوجد دولة عربية تقوم واشنطن بدفعها نحو تطبيع علاقاتها مع “إسرائيل”، على الرغم من حديث ترامب من أنه في حال حدثت هذه الخطوة فإن دول أخرى ستطبع دون ذكر اسمها.

لكن تبقى مسألة تهجير سكان غزة، وإقامة دولة فلسطينية هما محل نقاش كبير قد يدفعان بمزيد من التساؤلات.

الضغط الأمريكي

وللإجابة على ذلك يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي د.مأمون أبو عامر إن ترامب “ألقى هذه القنبلة لتصيب في عدة اتجاهات وعلى رأسها ملف التطبيع”.

ويوضح بالقول: “ترامب يريد من هذه الخطوة الضغط على الدول العربية خاصة السعودية لخفض مستوى مطالبها في التطبيع عبر إقامة دولة فلسطينية وبالتالي هو يسعى إلى مقايضة السعودية للتراجع عن شرط الدولة الفلسطينية، مقابل تراجعه عن الترحيل”.

المشكلة الآن أن هذه المناورة قلبت مسار التطبيع نتيجة لحالة النشوة في اليمين الإسرائيلي، الذي وجد في أهم طموحات الحركة الصهيونية على الطاولة وهي تهجير الشعب الفلسطيني.

التيار المتطرف في الاحتلال زاد الحماس لديه والتركيز على هذا المطلب في هذه المرحلة وتجاهل حالياً الحاجة إلى التطبيع باعتباره أولوية متاخرة في المشروع الصهيوني.

مسار التطبيع في ظل الحالة النفسية لدى صناع القرار في دولة الكيان لن يكون مهماً، فهم سيركزون على مسألة التهجير والتي لن تقف في غزة بل ستمتد إلى خلق مسار ترحيل وتهجير لسكان الضفة الغربية رغم حديث نتنياهو من أنه قد يتوقف عن خطة تهجير سكان الضفة في حال طبعت السعودية، وفق الخبير السياسي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى