الاخبار

هل ضرب العدوان الإسرائيلي على غزة أمن اليهود في الخارج؟

– كيف انعكس العدوان الإسرائيلي في غزة على أمن اليهود حول العالم؟

  • تقارير عبرية وغربية تتحدث عن تفاقم ظاهرة العداء والكراهية ضد الجاليات اليهودية.

– كيف يبدو موقف الجاليات اليهودية من هذه الحرب؟

  • جزء من الجاليات دعم “إسرائيل” والجزء الآخر وقف في وجه الاحتلال والعدوان وأصبح متهماً بمعاداة السامية.

يتآكل شعور اليهود حول العالم بالأمن والاستقرار، منذ السابع من أكتوبر من العام 2023، ومع مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الغاشم على غزة، تجد الجاليات اليهودية بأوروبا وأمريكا وبقية دول العالم، نفسها في مواجهة تحدي الكراهية والعنصرية ضدهم، وصولاً إلى تعرضهم للقتل والسحل.

وتشير الأحداث إلى تفاقم مخاوف تلك الجاليات، وكيف أصبحت الهوية اليهودية سبباً للقلق، في ظل التحول الكبير في الرأي العام الغربي، الذي أصبح مناوئاً لسياسات “إسرائيل”، ومتعاطفاً مع شعب فلسطين، أكثر من أي وقت مضى.

ويثير استمرار العدوان مخاوف من أن يصبح اليهود، حتى أولئك المناوئين للصهيونية العالمية، عرضةً للعنصرية، أو موجات الكراهية والعنف؛ وهذا ما دفع بعض الحكومات إلى اتخاذ بعض الإجراءات للحيلولة دون ذلك.

أحداث بارزة

أصبح الشارع الغربي والأمريكي مشبعاً بالغضب، مع تنامي الشعور بخداع الحكومات لشعوبها، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، دفعت مشاهد القتل والمجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق الأطفال والنساء، كثيرين إلى المقارنة بين “الهولوكوست” و”مجازر غزة”.

وخلال الأشهر الماضية، وقعت أحداث مختلفة ضد اليهود، فيما زُعم في الوقت ذاته من وقوع حالات كراهية وعنصرية ضد الجاليات اليهودية في عدة دول.

كان آخر تلك الأحداث في 24 نوفمبر الجاري، بإعلان العثور على جثة مبعوث حركة “حباد” العبرية إلى الإمارات، الحاخام تسفي كوغان، بعد ثلاثة أيام من اختفائه في أبوظبي.

ويومها قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه يشتبه أن “كوجين تعرض للاختطاف مساء الخميس الماضي من قبل خلية أوزبكية تعمل لصالح إيران، وأنها تمكنت من الفرار إلى تركيا”.

وقبل يوم من إعلان مقتل الحاخام، قال سفير “إسرائيل” لدى ألمانيا رون بروسور إن اليهود في البلاد لا يشعرون بالأمان، داعياً السلطات الألمانية إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد ما وصفه “بمعاداة السامية في جميع أنحاء البلاد”.

وفي الـ8 من ذات الشهر، تعرض مشجعو فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي لهجوم كبير من قبل مشجعين لفريق أياكس أمستردام، بعد استفزاز قام به مشجعو مكابي خلال المباراة والإساءة للعرب ولغزة، والدعوات لقتل المسلمين.

وحينها قالت السلطات الهولندية، إن 5 من المشجعين أصيبوا في أعمال العنف، فيما أمر رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بإرسال طائرتين للإنقاذ إلى هولندا.

وفي الشهر ذاته، قال مرصد “معاداة السامية” أن حوادث ما وصفها بـ”معاداة السامية” ضد اليهود والإسرائيليين، زادت في إيطاليا من حوالي 30 حادثة أسبوعياً في 2023 إلى حوالي 80 أو 90 حادثة أسبوعياً بعد بدء الحرب على غزة.

وفي أغسطس 2024، اندلعت النيران في سيارتين على الأقل، انفجرت في إحداهما أسطوانة غاز أمام المعبد اليهودي في مدينة لا غراند موت الساحلية بالقرب من مونبلييه، مما أدى إلى إصابة شرطي بجروح.

وتعرضت مدرستان يهوديتان في أكتوبر ونوفمبر من عام 2023 لإطلاق نار بكندا، وحينها قال رئيس الجالية اليهودية في مونتريال، يائير شلاك: “إنها أوقات صعبة بالنسبة لليهود في جميع أنحاء العالم، لقد غمرتنا الشكايات من الطلاب وأولياء الأمور في أوروبا وكندا بشأن الملاحقة لليهود والمظاهرات والاحتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة”.

شكاوى متزايدة

وكلما صعّد الاحتلال عدوانه على غزة، تزداد رقعة المخاوف لدى اليهود في أوروبا، وهذا ما أكدته صحف إسرائيلية استدلت بشهادات مواطنين يهود في عدد من دول أوروبا.

وأجمعت عدد من الصحف العبرية، على أن “حرب غزة تلاحق اليهود والإسرائيليين عالمياً، خصوصاً مع تراجع الشرعية الدولية لهذه الحرب والضغوطات التي تمارَس على الحكومة الإسرائيلية لوقفها”.

وتقول صحيفة “ذا ماركر” الإسرائيلية، إن بعض اليهود في أوروبا “اختاروا تغيير أسمائهم على تطبيق أوبر، ومنهم من يخشون تثبيت “المزوزاه” وهي تميمة الباب التي تعرف بـ”العضادة اليهودية”، وبعضهم يُخفون الرموز الدينية اليهودية والإسرائيلية ويخشون حتى الحديث باللغة العبرية؛ بسبب الحرب في غزة.

وتنقل عن ديكلا كوهين، يهودية تعيش في لندن، تقول: إن “هذه هي المرة الأولى منذ أن انتقلت إلى هنا، التي أسأل نفسي فيها عما أفعله هنا، إن الشعور بالانتماء والاستقرار في لندن تزعزع”، وفقاً للصحيفة.

في حين نقلت صحيفة “هآرتس” عن البروفيسور ديريك بنسلر قوله: إن “الحملات الأخيرة والتعبئة الكبيرة لليهود الأمريكيين إلى جانب إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، قد سببت للجالية اليهودية قدراً كبيراً من الانزعاج والملاحقة”، مضيفاً: “أعتقد أننا نشهد بشكل أساسي شعوراً قوياً جداً بالذعر”.

ويعتقد اليهود الأمريكيون، وفقاً لـ”هآرتس”، أن “إسرائيل عادت إلى المكانة التي كانت عليها في الماضي، إذ يُنظر إليها كطفل صغير تابع ومرتبط ومُتكل على الآخر، ولا تبدي القيادات اليهودية تفاؤلها بشأن مستقبل إسرائيل ما بعد الحرب”.

تضخيم وتضليل

وعلى الرغم مما تتضمنه تقارير الإعلام الغربي والإسرائيلي حول تداعيات الحرب على الجاليات اليهودية في أمريكا وأوروبا، فإن هناك من يشكك في ذلك، ويرى أن هذه المعلومات والمخاوف ليست سوى وقود لحشد اليهود لدعم حرب “إسرائيل” في غزة.

ويستدل كثيرون بالوقفة غير المسبوقة لعديد من الجمعيات اليهودية إلى جانب الفلسطينيين في رفض العدوان، والمطالبة بإنهاء الاحتلال، وإدانة “الحركة الصهيونية”.

وشارك الآلاف من أبناء الجاليات اليهودية في احتجاجات بالولايات المتحدة، وتعرضوا للقمع واعتقال المئات، خلال الأشهر الماضية، رافضين استمرار عمليات القتل في غزة باسم “اليهود”.

ويقول الكاتب والمحلل في الشؤون الأوروبية والدولية، الدكتور حسام شاكر، إنه منذ بداية العدوان على غزة، هناك حديث عن استهداف مصالح الطائفة اليهودية في بلدان عدّة، لكن الوقائع المرصودة في الميدان لا توافق هذه التوقعات.

وأضاف في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “لم نشهد أي اعتداء لافت للانتباه،  على المصالح اليهودية، أو على أشخاص يهود”، لافتاً إلى أن “هناك حديثاً عن تصاعد مؤشرات العداء للسامية، إلا أنه عند فحص تلك المزاعم يتضح أن الحديث يتعلق بتعبيرات مناهضة لجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال، وليست موجهة للطائفة اليهودية”.

ويستطرد شاكر قائلاً: “عند تحليل كثير من التقارير التي تتحدث عن وجود كراهية متزايدة لليهود، لا يُعثر في الواقع على ما يؤيد هذا، يعثر على تحركات تضامنية، ومنددة بالاحتلال الإسرائيلي، وتدعو إلى حرية فلسطين”.

التضامن مع فلسطين

ويبدو أن التضامن مع فلسطين والمطالبة بحريتها، أصبحا وفقاً لكثير من التقارير الغربية والأوروبية، مصنفين على أنهما “أعمال معادية لليهود”، وهذا وفقاً لحسام شاكر، غير دقيق، لا سيما أن هذه الموجة التضامنية مع فلسطين ينخرط فيها يهود أيضاً.

وقال شاكر: “الغريب أن كثيراً من التجمعات اليهودية اليوم الناشطة ضد العدوان على قطاع غزة، والمنادية بالحرية والعدالة لفلسطين، والتي ترفع العلم الفلسطيني أيضاً في الولايات المتحدة والدول الأوروبية، هذه التجمعات تواجَه أيضاً باتهامات العداء للسامية، وهذا أمر طبعاً مثير للاستغراب والاستهجان بطبيعة الحال”.

ولفت إلى أنه منذ بداية الحرب على قطاع غزة، “كان هناك تصعيد في النبرة والتحذيرات، بأن المرافق اليهودية مهددة، وأعلنت العديد من الدول الغربية عن نشر تعزيزات أمنية حول مرافق يهودية، لكن هذا الكلام لم يصدقه الواقع، لأنه لم تحدث- في ما هو منشور على الأقل- أي اعتداءات أو استهدافات محددة، ضد المرافق اليهودية تحديداً”.

تشويه التضامن مع غزة

ومنذ بداية العدوان على غزة، صدرت عديد من التصريحات والبيانات من مسؤولين وجهات رسمية وفاعلة في دول أوروبا والغرب، تتهم المتضامنين مع قطاع غزة، بأنهم معادون للسامية واليهود.

وتأتي هذه المزاعم والتصريحات، على الرغم من أن “الوجود اليهودي في بلدان أوروبية وغربية، منخرط أيضاً بأقدار متفاوتة، في موجة تضامن مع فلسطين، والتنديد بجرائم الحرب تحت شعارات “ليس باسمنا”، وهو إعلان رفض أن تمارَس هذه الحرب باسم اليهود، وفقاً للكاتب والمحلل حسام شاكر.

وأضاف: “أود أن ألفت الانتباه إلى أن بعض التصريحات والمواقف التي صدرت في بلدان أوروبية، سواء في بريطانيا أو الاتحاد الأوروبي، حاولت الإيحاء بأن موجة الاحتجاجات القائمة في أوروبا، وبلدان غربية ضد العدوان على قطاع غزة، مدفوعة بدوافع طائفية، وتعبر عن انقسامات بين اليهود والمسلمين”.

وشدد على أن “هذا لا يوافق الواقع”، كما أن هناك محاولة دائماً لتصوير ما يحدث على أنه توترات داخلية بين الطوائف”، مضيفاً: “هذا في تقديري، يخدم بالأساس محاولة طمس حقيقة الموجة التضامنية، العابرة للطوائف والمكونات، الواقفة مع الشعب الفلسطيني، والمنددة بالعدوان، وأحياناً تصوير أنها مجرد حركة احتجاجية من مهاجرين من أصول مسلمة، وهذا لا يوافق الواقع، ويطمس الشعارات المرفوعة، التي تطالب أساساً بالحقوق والعدالة للشعب الفلسطيني، والتي يعبر عنها أشخاص من مكونات متعددة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى