نمو قطاع الترجمة في السعودية يعزز نهضتها الثقافية
قطاع الترجمة في المملكة سجل نمواً بلغ 30% خلال السنوات الـ5 الماضية.
سبب النمو هو انتعاش القطاعات المختلفة، وفي مقدمتها قطاعا السياحة والرياضة والترفيه.
النمو الملحوظ الذي يشهده قطاع الترجمة في السعودية خلال السنوات القليلة الأخيرة، يؤكد مرة أخرة نجاح جهود المملكة لتحقيق “رؤية 2030″، التي تهدف إلى تعزيز التنوع الاقتصادي وتنمية القطاع الثقافي.
كما بات التوسع في مجال الترجمة يواكب التغيرات التي طرأت على مختلف القطاعات السعودية، حيث أصبحت الحاجة ملحة لوسائل اتصال فعّالة بين المملكة والعالم.
وتؤكد جميع المؤشرات أن قطاع الترجمة سيواصل النمو مع تزايد حاجة المملكة لتواصل أكبر مع العالم، مما يعزز مكانتها بصفتها وجهة محورية للتبادل الثقافي والاقتصادي على المستوى الدولي.
جهود كبيرة
وليد الصبحي، رئيس مجلس إدارة جمعية الترجمة السعودية، قال إن قطاع الترجمة في المملكة سجل نمواً بلغ 30% خلال السنوات الـ5 الماضية، بفضل انتعاش القطاعات المختلفة، وفي مقدمتها قطاعا السياحة والرياضة والترفيه، حسب صحيفة “الاقتصادية” المحلية.
الصبحي أكد أن هناك جهوداً كبيرة تُبذل لتعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للترجمة والتواصل، لافتاً إلى انتعاش قطاع الترجمة نتيجة المشاريع الحيوية في البلاد.
واختُتمت في العاصمة الرياض (السبت 9 نوفمبر الجاري) فعاليات “ملتقى الترجمة الدولي 2024″، الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة، بمشاركة خبراء ومتخصصين في مجال الترجمة من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى استعرض خلال يومين أحدث الممارسات والتقنيات، إضافة إلى التحديات الراهنة التي يواجهها المترجمون على الصعيدين المحلي والدولي.
كما تضمن الملتقى معرضاً مصاحباً بمشاركة 30 جهة متخصصة في مجال الترجمة، قدمت خلاله أحدث التقنيات والأدوات التي تدعم قطاع الترجمة.
إنجازات مكتبة الملك عبد العزيز العامة
بالإضافة إلى الاهتمام الأكاديمي بحركة الترجمة في السعودية، حيث تضم الجامعات العديد من كليات اللغات، هناك “هيئة الأدب والنشر والترجمة” التابعة لوزارة الثقافة وتأسست في فبراير 2020، لإدارة قطاعات الأدب والنشر والترجمة.
لكن لمعرفة واقع الترجمة في السعودية بشكل أكبر؛ يمكن الإطلاع على ما تحققه مكتبة الملك عبد العزيز العامة، التي شهدت ازدهاراً كبيراً، وأصبح لها دور رئيسي في نقل العلوم والمعارف من وإلى اللغة العربية.
جهود المكتبة ساهمت كثيراً في تعزيز التواصل الثقافي بين المملكة والعالم، وتقديم التراث العربي للقارئ العالمي، إلى جانب إثراء المكتبة العربية بمصادر معرفية متنوعة، وأبرز ما حققته المكتبة في هذا الإطار:
-
إطلاق عدة مشروعات ترجمة لتقديم أحدث الإصدارات العالمية في مجالات الأدب والعلوم الاجتماعية والتكنولوجيا والفلسفة.
-
تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للمترجمين الشباب لتطوير مهاراتهم، ودعمهم لدخول مجال الترجمة بكفاءة واحترافية.
-
ترجمة العديد من الكتب التاريخية والأدبية والعلمية والثقافية إلى اللغة العربية من 12 لغة عالمية.
-
نقل مجموعات كبيرة نت الكتب التي تعنى بالثقافة والتاريخ السعودي والعربي والإسلامي إلى عدد كبير من اللغات العالمية.
-
حققت جائزة الملك عبدالله بن عبد العزيز العامة للترجمة حضوراً عالمياً نوعياً، بعد مرور 18 عاماً على إنشائها.
-
تُمنح الجائزة سنوياً للأعمال المترجمة من اللغة العربية وإليها.
-
عقدت الجائزة دوراتها السابقة في عواصم عالمية، بدأت من الرياض ثم الدار البيضاء، باريس، بكين، برلين، ساوباولو، جنيف، طليطلة، الرياض، القاهرة.
-
وصل إجمالي الترشيحات في دوراتها العشر الماضية إلى 1500 عمل، ونحو 41 لغة في مجالات العلوم الإنسانية والتطبيقية كافة، بمشاركة 60 دولة و475 محكماً.
-
نال الجائزة 123 فائزاً في فروعها الستة.
-
في عام 2019 نظمت المكتبة جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين السعودية والصين، وهي جائزة دولية أعلن عنها خلال ولي العهد السعودي إلى الصين لحضور حفل ثقافي وعلمي نُظم من قبل فرع مكتبة الملك عبد العزيز العامة في جامعة بكين.
-
تؤدي المكتبة حركة ترجمة نشطة بين اللغتين لإثراء الثقافتين العربية والصينية.
ازدهار السياحة
أدى ازدهار قطاع السياحة السعودية إلى تحفيز نمو قطاع الترجمة بشكل غير مسبوق.
ومع ارتفاع عدد الزوار من مختلف دول العالم إلى الوجهات السياحية السعودية، أصبحت الحاجة ملحة إلى خدمات الترجمة متعددة اللغات لتسهيل التواصل وتعزيز التجربة السياحية.
وخلال الأشهر الـ7 الأولى من هذا العام، استقطبت السعودية قرابة 17.5 مليون سائح دولي، بزيادة بلغت 10% على أساس سنوي، ما يعني انتعاش قطاع الترجمة.
ومن بين أبرز الأسباب التي رفعت عدد السياح وبالتالي ازدياد الحاجة إلى الترجمة:
-
الفعاليات الدولية، مثل موسم الرياض، ومهرجان شتاء طنطورة، وفورمولا 1، ومعرض “إكسبو الحج”.
-
المنافسات الرياضية مثل كأسي السوبر الإيطالي، والإسباني، وهي ضمن الدوريات الـ5 الكبرى في أوربا.
-
استضافت المملكة الشهر الماضي بطولة تنس استعراضية جمعت 6 من أبرز لاعبي التنس العالميين.
نهضة البشرية أساسها الترجمة
الكاتب عبدالله الغنام، يؤكد في مقال بصحيفة “اليوم” المحلية، حمل عنوان “اليوم الدولي للترجمة” إلى الأهمية الكبيرة للترجمة في المساهمة بنهضة السعودية، مستدلاً بذلك على ما حققته أمم سابقة من إنجازات اعتمدت أساساً على الترجمة.
يقول الغنام إن الترجمة ساهمت “بشكل واضح في النهضة البشرية الحديثة”، ويستدل على ذلك بالترجمة التي “قام بها العرب والمسلمون خصوصاً في عهد الخليفة المأمون، والذي كان يعد العصر الذهبي للترجمة من خلال بيت الحكمة، والذي ساهم بدوره بشكل ملحوظ في النهضة والتقدم العلمي والفكري في ذلك العصر”.
كما تطرق إلى تطور العلوم في الغرب مع بداية القرن الثالث عشر الميلادي، ثم عصر النهضة الأوربية، وتلتها النهضة الصناعية في القرن التاسع عشر الميلادي.
ويرى أن المتخصصين في اللغة “يلعبون دوراً مهماً في التقريب بين الدول، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين”.
كما يلفت الغنام إلى اهتمام المملكة مؤخراً بتعلم وتدريس اللغة الصينية، “التي لها منافع متنوعة منها: الانفتاح على ثقافة جديدة كانت منغلقة لعدة قرون، والاطلاع على مهارات وعلوم مختلفة، وفرص عمل وظيفية جديدة للمترجمين وغيرهم، وتعزيز التبادل التجاري حيث الصين القوة الاقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك جذب للسياح الصينين”.