من العطية إلى الشيخ سعود .. إرث قوي لجيش قطر ورؤية دفاعية طموحة
مع تعيين الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني وزيراً جديداً للدفاع، ستكون الوزارة أمام أفق جديد لمواصلة تطوير قدراتها.
خلال العقد الأخير وتحت قيادة الوزير خالد العطية (2016 – 2024) أصبحت وزارة الدفاع القطرية نموذجاً عالمياً في تحديث البنى العسكرية وتعزيز الإمكانات الدفاعية.
فمن خلال استثمارات استراتيجية في التسليح والتحالفات العسكرية، وضعت الوزارة أساساً قوياً للحفاظ على أمن البلاد في منطقة تعج بالتوترات.
ومع تعيين الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني وزيراً جديداً للدفاع، ستكون الوزارة أمام أفق جديد لمواصلة تطوير قدراتها.
فترة العطية
ويعد خالد بن محمد العطية، وزير الدفاع القطري السابق ونائب رئيس مجلس الوزراء، من أبرز الشخصيات القيادية في قطر التي تركت بصمة واضحة في المجال العسكري والسياسي.
وخلال فترة توليه وزارة الدفاع، واجه العطية تحديات كبرى، أبرزها فترة الحصار (2017 – 2021)، والذي دفعه إلى قيادة استراتيجيات لتعزيز الأمن الوطني ورفع جاهزية الجيش القطري.
وتركزت جهوده على تحديث القوات المسلحة من خلال توقيع صفقات كبرى للحصول على أحدث الأسلحة والمقاتلات، مثل طائرات “رافال” الفرنسية وإف-15 الأمريكية، إلى جانب تعزيز التعاون العسكري مع تركيا، حيث تم إنشاء قاعدة عسكرية تركية على الأراضي القطرية كجزء من الشراكة الدفاعية.
كما دعم تطوير الصناعات الدفاعية المحلية عبر إنشاء مشاريع مثل مصنع “بارود” لإنتاج الذخيرة، مما أسهم في تقليل الاعتماد على الواردات.
وطورت وزارة الدفاع في عهده برامج تدريبية شاملة، تشمل الأمن السيبراني والتكنولوجيا الحديثة بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية عالمية مثل “مؤسسة قطر”.
وعمل أيضاً على تحسين جاهزية القوات المسلحة من خلال بناء منشآت حديثة مثل قاعدة “العديد” الجوية وتحديث مراكز التدريب العسكري.
أبرز الصفقات العسكرية في عهده:
صفقة طائرات “رافال” الفرنسية
في 2015، تم التوقيع على صفقة لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز “رافال”، بقيمة 6.3 مليار يورو، تشمل التدريب والصواريخ، وتم استلام أولى الطائرات في فبراير 2019، وتم تسليم حوالي 33 طائرة بحلول 2023.
صفقة “إف-15” الأمريكية
في 2017، وقعت قطر عقداَ بقيمة 12 مليار دولار مع شركة بوينغ لشراء 36 طائرة من طراز “إف-15 كيو إي أدفانسد إيغل”، تضمنت الصفقة إنشاء مركز تدريب في قطر، وبدأت عمليات التسليم تدريجياَ عام 2019.
صفقة “يوروفايتر تايفون” البريطانية
في 2017، أبرمت قطر عقداً بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني لشراء 24 طائرة من طراز “تايفون”، تم تسليم الدفعة الأولى في أغسطس 2022، حيث تم استخدامها ضمن جهود تأمين كأس العالم 2022.
صفقات بحرية وإيطالية
في 2017، أبرمت قطر اتفاقية بقيمة 5 مليارات يورو مع شركة إيطالية لشراء سفن حربية وأنظمة دفاعية بحرية، وبدأت عملية التسليم عام 2021.
شخصية بارزة
ويتوقع أن تشهد وزارة الدفاع القطرية في عهد الشيخ سعود بن عبدالرحمن، طفرة جديدة أكبر، لاسيما أنه يعتبر شخصية بارزة في الساحة القطرية، وسبق له أن شغل مناصب هامة، ما يعكس ثقته العالية وخبراته في إدارة الشؤون الحكومية العليا
وكان سعود بن عبدالرحمن آل ثاني (54 عاماً) يتولى رئاسة الديوان الأميري منذ 2020، وهو ضابط مهندس بلغ رتبة رائد، قبل أن يلتحق باللجنة الأولمبية القطرية التي تولى منصب أمينها العام بين 2002 و2015، كما عمل سفيراً لبلاده في ألمانيا والتشيك بين 2017 و2019.
التحق بالقوات المسلحة القطرية بين عامي 1994 و2001 وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل لرتبة رائد مهندس، ومن ثم التحق بالعمل في اللجنة الأولمبية القطرية في منصب مساعد الأمين العام عامي 2001 و2002، وتولى بعدها منصب الأمين العام للجنة الأولمبية القطرية من 2002 حتى 2015.
ومن المهام التي وكلت أيضاً للشيخ سعود، منصب قائد اتصالات في سلاح الإشارة في القوات المسلحة القطرية من 1994 حتى 1997، وركن ثان شؤون فنية ومشاريع في سلاح الإشارة في القوات المسلحة من 1997 حتى 2001، وقائد الاتصالات في قوات صقر الخليج (6) القوات المسلحة القطرية عامي 2001 و2002.
كما تولى رئاسة الاتحاد القطري لكرة السلة من 2011 إلى 2016، ثم عُين سفيرا لدولة قطر لدى ألمانيا وسفيراً غير مقيم لدى التشيك من 2017 إلى 2019.
وتشير التقديرات إلى أن تطلعات وزير الدفاع القطري الجديد، تتجه نحو استكمال المسيرة التي بدأها سلفه العطية، لاسيما التي تشمل تعزيز القدرات الدفاعية المتقدمة عبر الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، مثل أنظمة الذكاء الاصطناعي والدفاع السيبراني، لمواجهة التهديدات المتزايدة في المجال الرقمي.
كما يتوقع أن يواصل تحديث المعدات العسكرية وتوسيع برامج تسليح القوات الجوية والبحرية والبرية، وتعزيز التعاون العسكري مع الشركاء الرئيسيين مثل الولايات المتحدة وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن استكشاف شراكات جديدة لتعزيز التنوع الاستراتيجي.
ويتوقع أيضاً تطوير برامج التدريب للقوات العسكرية بالتعاون مع الحلفاء الدوليين، وتحديث الخطط الدفاعية بما يتماشى مع المتغيرات الجيوسياسية في المنطقة، للتركيز على حماية الأمن الوطني وسط تصاعد التوترات الإقليمية، ومواكبة التحولات في طبيعة الحروب الحديثة، مثل الحروب غير التقليدية والسيبرانية.